قادت الزيارة الأخيرة التي قام بها قضاة المجلس الجهوي للحسابات لبلدية دار بوعزة إلى الكشف عن عدة اختلالات وتجاوزات بمرافق هذه البلدية التي «تحولت، حسب عدة مصادر، إلى قلعة للبناء العشوائي والاغتناء غير المشروع». وذكر مصدر مطلع أن قضاة المجلس الجهوي للحسابات فوجئوا، أثناء افتحاصهم لبعض الملفات، بوجود موظفين ألحقوا بإدارات ومؤسسات أخرى، غير أنهم لازالوا يتقاضون أجورهم من ميزانية البلدية في خرق سافر للقانون، فيما ذكر مصدرنا أن المسؤولين في هذه المقاطعة كانوا يشتكون من ضعف هذه الميزانية ومن قلة الموارد البشرية لتقديم الخدمات اللازمة إلى المواطنين، «بل إن المجلس البلدي، حسب المصدر نفسه، يفكر جديا في الاقتراض من صندوق التجهيز الجماعي لتمويل بعض مشاريعه المرتقبة». ولم تقف ملاحظات قضاة المجلس الجهوي للحسابات عند ملف الموظفين الأشباح، بل امتدت لتشمل ملف قطاع التعمير الذي تحول، حسب مصدرنا، إلى «ملف سيادي» غير مسموح لأي شخص بالاقتراب منه، لأن المسؤول عن هذا القسم ليس إلا شقيق رئيس تحرير جريدة يومية. وجاء في تفاصيل هذه الزيارة أن أول ما بدأ به قضاة المجلس الجهوي للحسابات عملهم، بمجرد وصولهم إلى مقر البلدية، هو ملف الموظفين، حيث تمت المناداة على رئيس مصلحة الموظفين (ع.ح) الذي مدهم بلائحة الموظفين المحسوبين على البلدية. وبعد لحظات، كلفه القضاة بإحضار كل موظف يذكر اسمه. وذكر مصدرنا كيف أن الجميع تلقى باستغراب حضور موظفين كانوا قد غادروا البلدية للعمل كملحقين في إدارات أخرى منذ عقود حتى ظن البعض أنهم، فعلا، انتقلوا إلى هناك، ولكنهم لازالوا يتقاضون أجورهم كاملة من مالية بلدية دار بوعزة. وشلمت هذه اللائحة كلا من الموظفة (ع.ن) وتعمل حاليا في جماعة الحي الحسني و(أ.م) وتشتغل حاليا في ملحقة قيادة الرحمة، و(ن.ن) و(ش.ف) و(س.م) ويشتغلن بملحقة قيادة دار بوعزة. كما شلمت اللائحة أيضا (ن.م) الذي يعمل حاليا في مصلحة الضرائب بسيدي معروف بالدارالبيضاء، و(ع.ز) الذي يعمل في مشتل تابع للجماعة الحضرية للدار البيضاء الكائن بطريق أزمور قرب عين الكديد. وذكر مصدرنا أن قضاة المجلس المذكور استمعوا إلى الموظفين المذكورين كل واحد باسمه، فيما تم تخصيص قرابة ساعة من الزمن للاستماع إلى توضيحات الموظفة الشبح (نجاة.ر)، زوجة شقيق تحرير الجريدة المومأ إليها سالفا والتي بررت غيابها عن عملها ب«كونها كانت مريضة»، مشيرة إلى أنها تتوفر على شواهد طبية تثبت صحة أقوالها، فيما شكك موظفون في الجماعة في صحة هذه الشواهد الطبية، وطالب بعض الفاعلين المحليين بالمنطقة بإرجاع الأموال التي تقاضتها هذه الموظفة الشبح. فكيف لهذه البلدية أن تسير إلى الأمام، يقول أحد المستشارين، في ظل غياب ترشيد الموارد البشرية والمالية لهذه البلدية التي تقع في ضواحي القاطرة الاقتصادية للمغرب، أي الدارالبيضاء، مضيفا أن ما نعاينه اليوم من تجاوزات يستوجب تدخل الجهات الوصية بصرامة من أجل تطبيق القانون واحترامه. وفي تطور مفاجئ عقب هذه الزيارة التي قام قضاة المجلس الجهوي للحسابات، وجه رئيس بلدية دار بوعزة عبد الكريم شكري (وهو عون سلطة سابق) نداء إلى جميع الموظفين الملحقين بإدارات أخرى من أجل الالتحاق بمقر البلدية ابتداء من اليوم الاثنين. إلى ذلك، ذكر مصدرنا أنه رغم قلة الموارد المالية للبلدية، فقد أقدم المجلس البلدي، يوم الجمعة الماضي، على اقتناء أربع سيارات جديدة «دوبل في»: ثلاث من نوع داسيا مخصصة لرؤساء المصالح والرابعة من نوع ميكان، باهظة الثمن، مخصصة لرئيس المقاطعة عبد الكريم شكري. وذكر مصدرنا أن هذه السيارات لازالت رابضة بساحة الباب الخلفي للبلدية، في انتظار أداء واجبات التأمين وتسوية باقي الإجراءات الإدارية الأخرى، فيما يعيش تلاميذ المنطقة عذابا يوميا في البحث عن وسيلة نقل مهترئة تقلهم إلى مدارسهم. وذكر مصدرنا أن البلدية تفتقر إلى الإنارة العمومية وتشكو من اهتراء الطرق وقلة الماء الصالح للشرب، خاصة دوار العراقي، مما حذا بسكان المنطقة إلى تنظيم وقفة احتجاجية الأسبوع الماضي أمام مقر البلدية مطالبين الرئيس عبد الكريم شكري بالوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه والمتمثل في إعادة هيكلة الدواوير وتوفير الماء الشروب وإصلاح الطرق. وقد ردد المتظاهرون عدة شعارات من قبيل: «هذا عار هذا عار لا ماء لا واد حار».