لم تكن أسرة العبوشي تتوقع وهي تعرض ابنها ياسر على مصحة خاصة بمراكش أنها ستتسلمه في وضع أسوء مما كان عليه قبل دخوله إليها، وأنها ستتوجه به صوب الهلاك. فبعد أن حملته إلى المصحة لمعالجة انقباض مزمن في أمعائه، تسلمته وهو لا يستطيع التحكم في برازه، بعد ثلاث عمليات جراحية جرت في ظروف خاصة وعلى عجل وبعيدا عن أعين الوالدين. منذ تلك «المجزرة»، يقول والد الطفل ياسر، و«فلذة كبدي يعيش وضعا غير مألوف بالمقارنة مع أقرانه»، إذ رغم بلوغه السنة الثامنة من عمره، فهو ملزم بوضع الحفاظات كالأطفال الصغار والرضع، بعد أن أجريت له ثلاث عمليات جراحية «غير مبررة»، كما أوضحت الخبرات الطبية التي أجريت على الطفل بعد أن وصل ملفه إلى المحاكم بمدينة مراكش منذ ما يزيد عن ست سنوات. بدأت القصة/المأساة عندما أدخل والدا الطفل ياسر لعبوشي ابنهما ذا الخمسة أشهر آنذاك، مصحة خاصة بعد انقباض مزمن كان يعانيه، فأخبرهما الطبيب، الذي ليس إلا مدير المصحة، بضرورة إجراء عملية جراحية عاجلة للطفل، لمعالجة انسداد معوي، حتى يتمكن من استرجاع وضعه الطبيعي. استجابت الأسرة لمقترح الطبيب، لكن العملية الجراحية لم تفض إلى معالجة الحالة المرضية، كما أن تقرير الخبرة الشرعية خلص إلى أن «العملية لم يكن لها داع، وأن وسائل التشخيص لم تستنفد الغاية التي تبرر عملية جراحية استعجالية». ساءت حالة ياسر، فاضطر الطبيب المعالج إلى إخضاعه لعملية جراحية ثانية «سرية» بتاريخ 7 أكتوبر 2003 كانت درجة حرارة الطفل خلالها تصل إلى 39 درجة، مما سبب له تعقيدات صحية، قادته إلى عملية جراحية ثالثة، بدون إجراء فحوصات من أجل فهم مصدر الحمى، التي اعتبرها الطبيب المعالج داعيا لهذه العملية. اضطر والدا الطفل ياسر، الذي أضحى اليوم يعاني أزمة نفسية, إلى اللجوء إلى الدكتور عبد الرحيم الهاروشي، الذي أجرى له عملية رابعة، ستكلل بالنجاح، لكن التقرير الذي أعده الأخير كان صادما، إذ خلص إلى أن الطفل «لم يظهر عليه وجود انسداد معوي مطلقا»، وهو المبرر الذي قدمه مدير المصحة للأبوين لتسويغ العملية الجراحية الأولى الاستعجالية، التي لم يكن لها أي داع، حسب ملاحظة التقرير. معاناة الأسرة ظلت مستمرة، لكن هذه المرة ليس مع المصحة، بل مع القضاء، بعد أن أودعت شكايتها منذ ست سنوات دون أن يتحرك الملف قيد أنملة. وتستغرب الأسرة لهذا الوضع، خاصة أن هناك تقارير لثلاثة أطباء، اثنان منهما محلفان، تؤكد جميعها أن نسبة العجز الدائم بعد فحص الطفل يتراوح بين 68 في المائة و70 في المائة، وتعتبر في رسالة تذكيرية بشكايتها إلى الوكيل العام للملك، توصلت «المساء» بنسخة منها، أن جنحة التزوير والجرح الخطأ، بل الجراحة غير الضرورية التي ترتب عنها عجز دائم ثابتة في حق الطبيب المعالج، والتمست الشكاية إجراء تحقيق نزيه وتقديم المتسبب في معاناتها وابنها إلى العدالة. وحصلت «المساء» على محضر إنذار استجوابي يدلي فيه الطبيب المخدر بأنه لم يقم بإنعاش وتخدير الطفل ياسر، كما ورد في تقرير الطبيب الذي أجرى العملية.