وجه تقرير سري، رفع بصفة استعجالية، إلى عبد اللطيف بنشريفة، والي جهة الغرب الشراردة بني احسن، من طرف باشوية القنيطرة، انتقادات شديدة اللهجة إلى حزب العدالة والتنمية، وقال إن تسييره للشأن العام المحلي بالمدينة تطبعه الحسابات السياسية الضيقة، وإن تصويته لفائدة إدخال شركة جديدة للنقل الحضري جاء لاعتبارات سياسوية، ومناقضا لمضمون دفتر الشروط والتحملات الخاص بعقد الامتياز المبرم بين الجماعة الحضرية والشركة صاحبة الامتياز. وكشف التقرير نفسه، الذي يحمل توقيع محمد الشيكر، باشا مدينة القنيطرة بالنيابة، أن المقرر الجماعي المتخذ بشأن استغلال خطوط جديدة للنقل الحضري بالمدينة، وإدخال شركة جديدة، يبقى بعيدا عن هدف تحسين خدمات هذا المرفق والرقي به لمواكبة التطور الذي تعرفه القنيطرة عمرانيا وديموغرافيا، متهما حزب المصباح، الذي يقود دفة التسيير بالمجلس، إلى جانب حليفه حزب الاستقلال، بالسعي من وراء هذا المقرر نحو تحقيق أهداف سياسوية وانتخابوية صرفة. ودافع التقرير، الذي تتوفر «المساء» على نسخة منه، بشدة عن شركة الهناء المحتكرة لقطاع النقل بالمدينة. وأشار إلى أن التقارير المنجزة من طرف اللجنة المحلية لتتبع سير مرفق النقل الحضري لم ترصد أي خصاص أو اختلالات في هذا المرفق، وأن المسارات التي تم تحديدها للخطوط الجديدة، التي صادق عليها مجلس القنيطرة، تتداخل بنسبة كبيرة مع تلك الواردة في دفتر الشروط الخاص بعقد الامتياز، وهو ما يشكل، حسبه، مسا بحقوق الشركة صاحبة الامتياز، ويتنافى ومضمون المادة 19 من الدفتر المذكور. وواصلت السلطات تنويهها بالخدمات التي تقدمها شركة الهناء، مدعية في نفس التقرير انعدام وجود أزمة للنقل الحضري بالمدينة، بدليل التقارير المنجزة، في نظرها، من طرف اللجنة المحلية لتتبع سير هذا القطاع، مشيرة إلى أن هذه الشركة شرعت في تنفيذ التوصيات المنبثقة عن اللجنة سالفة الذكر، سواء في مجال تدعيم الأسطول بحافلات جديدة، وكذا صيانة الحافلات في وضعية متردية، بالإضافة إلى تقديم نماذج بشأن المخابئ التي سيتم إنشاؤها في محطات وقوف الحافلات، والتي تهدف إلى تحسين هذا المرفق. وجاءت مضامين هذا التقرير السري مخالفة تماما لما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي لاحظ إخلال الشركة ببعض مقتضيات دفتر التحملات، بينها عدم استغلال ثلاثة خطوط من أصل الخطوط الستة عشر موضوع التدبير المفوض دون اتخاذ أي إجراءات في حق الشركة صاحبة الامتياز، خصوصا الإجراء المتمثل في إقالة صاحب الامتياز، واستغلال خطوط يوجد جزء من مسارها خارج المجال الحضري، وعدم الإدلاء للجماعة بعقود التأمين المتعلقة بحوادث الشغل وبالمسؤولية المدنية وبتأمين الركاب، وعدم تطبيق صيغة مراجعة الأثمان المنصوص عليها في دفتر التحملات، واعتماد الشركة تلقائيا للزيادات المطبقة في بعض المدن الكبرى دون إخضاع تطبيق هذه الزيادات لمصادقة سلطات الوصاية ولموافقة السلطة مانحة الامتياز. إلى ذلك، كشفت مصادر «المساء» أن لجنة مراقبة سير مرفق النقل الحضري حررت في حق الشركة المحتكرة لهذا القطاع ما يفوق 30 مخالفة خلال عملية تفتيشية واحدة فقط، كانت في شهر رمضان المنصرم. وقالت المصادر إن معظم هذه المخالفات تم تسجيلها خلال فترة الظهيرة، بينها إبقاء نصف أسطول الحافلات بمستودع الشركة، وعدم وقوف بعض الحافلات بالمحطات المخصصة لها، وهو ما يتعارض مع ما ينص عليه عقد الامتياز، مضيفة أن اللجنة حررت محاضر عدة بشأن هذه المخالفات، وقعها كل من ممثل المجلس البلدي وممثل ولاية الأمن، فيما صدرت أوامر لممثل السلطة المحلية بعدم التوقيع عليها لأسباب مجهولة، قبل أن يتم إعفاؤه من مهامه داخل هذه اللجنة.