يواجه أكثر من 400 «دباغ» يعملون في فاس العتيقة مصيرا مجهولا بعدما قررت السلطات تنفيذ قرار إغلاق منطقتين للدباغة في فاس العتيقة، بمبرر تدهور بناياتها التي باتت تشكل خطرا على العاملين فيها وعلى السياح الذين يعدون بالآلاف والذين ترتبط زيارتهم لفاس بزيارة مثل هذه المناطق التي تُقَّدم على أنها من قلاع انتعاشة السياحة في العاصمة الروحية للمملكة. وحسب دراسة أنجزتها مندوبية الصناعة التقليدية، فإن ترميم منطقة «سيدي موسى» تتطلب لوحدها 14 مليون درهم، في حين ستكلف عملية صيانة منطقة «عين أزليطن» 16 مليون درهم. وكانت السلطات المحلية، قبل اتخاذ قرار إغلاق هذه المحلات، و«تشريد» صناعها، فشلت في إقناع بعض الملاك الأصليين لهذه المحلات في التكفل بنصف المبلغ المالي لعملية الترميم، على أن تتكفل وكالة إنقاذ فاس بالنصف الآخر. كما وجدت صعوبة في استدعاء بعض الملاك الآخرين، بسبب عمليات الإرث و«إهمال» هذه المحلات. وبعد عملية الإفراغ، ستنتظر السلطات ما ستسفر عنه اتصالاتها مع الحكومة، وهي الجهة التي تراهن عليها لدعم إنجاز هذه الإصلاحات التي ستشمل تقوية الجدران والأسقف والصهاريج وشبكات الماء والكهرباء وجمع النفايات التي عادة ما تتجه إلى واد «جوهرة فاس» قبل أن تصب في واد سبو. وستبقى صهاريج الدباغة «مقفرة» في هاتين المنطقتين، في انتظار هذه الإصلاحات، ما سيفقد المدينة إحدى عناصر الجذب السياحي، كما سيحرم العشرات من الأسر من مصدر رزقها، وسيؤثر سلبا على صناعة الجلود في المغرب والتي تعتبر فاس العتيقة من أبرز روافدها. وبعد أن تحصل على دعم الحكومة، فإنه سيكون من الصعب عليها مباشرة الإصلاحات، لأن التدخل في ممتلكات الغير يستوجب الحصول على موافقته. وأمام هذه التعقيدات، وفي انتظار اتضاح الصورة، فإن مندوبية الصناعة التقليدية اقترحت ترحيل أنشطة دباغي المدينة العتيقة إلى منطقة «عين النقبي» في الضواحي، وهي منطقة تشير كل المعطيات إلى أن كهوف «لوبي الصناعة الخزفية» نخرتها من الباطن، وبنيتها الطينية لا تؤهلها لأن تكون صالحة للتعمير. وقد سبق لهذه المندوبية أن أحدثت حيا صناعيا لصناع الخزف فيها، لكن المشروع لم ينجح بعد بسبب رفض هؤلاء الصناع الالتحاق به، وبسبب ظهور عدة تشققات جانبية في جل بناياته. وستكلف عملية الترحيل ما يقرب من 30 مليون درهم، سيتكلف كل من المجلس الجماعي للمدينة ومجلس الجهة بحوالي 11 مليون من هذا المبلغ، على أن تتكلف كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية بحوالي 11 مليون درهم، فيما تواصل مندوبية الصناعة التقليدية اتصالاتها مع ولاية الجهة من أجل إقناعها بالمساهمة بحوالي 8 ملايين درهم من أجل «إنجاح» عملية «إبعاد» الدباغة عن فاس العتيقة.