ترتبط صورة الرياضيين في ذاكرة المتتبعين بما يقدمونه من أداء فوق أرضية الميدان، وما يحققونه من ألقاب، لكن خلف هذا الوجه الرياضي، هناك وجه آخر خفي. في هذه السلسلة من الحوارات تقدم «المساء» للقارئ ما لا يعرفه عن الرياضيين. - عندما تعود بذاكرتك إلى مرحلة الطفولة ما الذي تتذكره بالتحديد؟ < كلما شدني الحنين إلى هذه المرحلة إلا وتوقفت عند مرحلة الطفولة التي كنت أخوض فيها المباريات في الأحياء رفقة أصدقاء الطفولة بمنطقة سيدي عثمان، كانت الكرة بالنسبة إلي بمثابة الهوس، والهواء الذي أتنفسه. - هل تتذكر أحد رفاق طفولتك الذي نجح بدوره في مساره الكروي؟ < حفيظ عبد الصادق، كان واحدا من رفاق طفولتي بسيدي عثمان، وقد كان مساره الكروي جيدا، إذ نجح في أن يصبح لاعبا ضمن فريق الرجاء. كان عبد الصادق يقطن بحي جوادي المجاور لحينا، وكان فريق الحي الذي يلعب له لا يقهر، وعندما كنا نخوض مباريات معهم، كان يتوعدني دائما بأنه سيهز شباك فريقي. في مرحلة لاحقة انضممت، بحكم عامل القرب، إلى صغار فريق جمعية الحليب الذي كان يمارس بسيدي عثمان، في الوقت الذي التحق فيه عبد الصادق بصفوف الرجاء. - ثم حملتما معا قميص الرجاء؟ حدث ذلك بعد اندماج جمعية الحليب مع فريق الرجاء، وأصبحنا ندافع عن قميص نفس الفريق. - ولماذا اختار الشاذلي مركز حارس مرمى؟ < لقد وجدت نفسي منذ البداية حارسا للمرمى، كنت أتوجه بشكل تلقائي إلى خشبات المرمى لأقف وسطها، وأبدأ في صد تسديدات اللاعبين، كنت أشعر بمتعة خاصة، وكان والدي، الذي أطلب له الشفاء العاجل بالمناسبة، يؤكد أن لدي موهبة كبيرة يجب ألا تضيع، لذلك ألحقني بفريق جمعية الحليب، ومن ثم كانت البداية. - من له الفضل في بروز مصطفى الشاذلي كحارس؟ < إنه الوالد حفظه الله، لقد كان له دور كبير في وضعي على الطريق الصحيح، لقد جعلني أومن بموهبتي وأثق في مؤهلاتي، ثم أيضا مدرب حراس مرمى جمعية الحليب حجاب، فقد كان دائما يؤكد أنني أملك مؤهلات جيدة، وأنني يجب أن أمنح الفرصة، بالإضافة إلى المدرب أنيس عبد اللطيف، وأيضا جمهور الرجاء، فقد كان مصدر قوة بالنسبة إلي، وكان يدفعني إلى بذل أقصى الجهود. - وكيف كنت توفق بين الدراسة والرياضة؟ < لقد كنت متفوقا في دراستي بشكل كبير، وكنت دائما أحصل على المرتبة الأولى في مادتي الرياضيات والفيزياء، تخصص علوم تجريبية. لكن عندما التحقت بالفريق الأول أصبحت شبه محترف، ووجدت نفسي في منعرج الطرق، لذلك اخترت أن أتفرغ للكرة، علما أن مستواي الثقافي مقبول، ويمكن بواسطته أن أواصل حضوري في عالم الكرة إذا ما اخترت دخول مجال التدريب مستقبلا. - ألم تجد أي معارضة من طرف العائلة؟ < نهائيا، لسبب بسيط هو أن الوالد رياضي وكان واثقا من أنني سأحقق ذاتي من خلال الكرة، لذلك دعمني وأتصور أن الاختيار كان موفقا. - ألم تشعر بالندم لانقطاعك عن الدراسة؟ < أبدا، كان يمكن أن أندم لو أنني لم أنجح في الكرة وفشلت لا قدر الله، لكن الأمر مختلف، لقد قطعت مسارا جيدا، وحققت نتائج مشرفة وحزت على مجموعة من الألقاب، بل ونجحت من خلال الكرة في أن أفتح بيتا، وأضمن مستقبلي. - وهل هناك موقف ظل ملتصقا بذاكرتك؟ < لن أنسى ما حدث لي مع فريق الرجاء بنيجيريا في نصف نهائي كأس الاتحاد الإفريقي، عندما واجهنا في مباراة الإياب بإينوغو فريق رينجرز، فقد كان الفريق النيجيري متفوقا بهدفين لصفر، وكان ملزما بإحراز هدف آخر لينهي المباراة لصالحه، لأننا كنا قد تغلبنا عليه بالرباط بأربعة أهداف لواحد. في اللحظات الأخيرة من المباراة، أصبح جمهور الفريق يحيط بخطوط الملعب، واستبد الخوف والقلق باللاعبين وبحكم المباراة الذي كان إثيوبي الجنسية. كان الفريق النيجيري يسعى إلى التأهل بكل السبل، ودقائق قبل نهاية المباراة حصل الفريق النيجري على ضربة زاوية، كانت أمامي بقعة من الرمل، فقام أحد اللاعبين النيجريين بإلقاء حفنة من الرمل في عيني، وحينها لم أعد أرى أي شيء، ولحسن الألطاف فإن تسديدة أحد لاعبي الفريق النيجيري كانت بعيدة عن المرمى. بعد ذلك أخبرت الحكم بما حدث، فقال لي لازالت هناك 6 دقائق، وأن ليس لديه ما يفعله لأن الجمهور يحاصر الملعب، كان خائفا بدوره، ومع ذلك نجحنا في التأهل. - وما هو أصعب موقف واجهه مصطفى الشاذلي؟ < إنه رحيلي عن فريق الرجاء بعد 13 سنة من الدفاع عنه، ومن «تبليل» قميصه بالعرق والدم. لذلك لم أكن أنتظر أن أجازى بتلك الطريقة، علما أنني كنت لاعبا منضبطا. غيابي عن المنتخب الوطني أيضا لم أفهمه، فربما أنا الحارس الوحيد الذي لم يأخذ فرصته، ولا أعرف ن كان ذلك بفعل فاعل أم لا. - هل مارست رياضات أخرى غير كرة القدم؟ < مارست الجيدو، لكن الوالد الذي كان صاحب رؤية ثاقبة طلب مني أن أركز على الكرة. - وما هي هواياتك؟ < صيد الأسماك، فمن خلاله أبتعد عن ضغط المباريات. - والموسيقى؟ < أميل إلى الأغنية الغربية، لكنني أعشق الثلاثي المغربي عبد الهادي بلخياط وعبد الوهاب الدكالي ونعيمة سميح.