خسرت ميزانية الدولة، في شهر يونيو الماضي، أزيد من 14 مليار درهم، وهو ما يفوق العجز المسجَّل في شهر ماي المنصرم والذي ناهز 11.3 مليار درهم، أي بتراجع قدره 4 في المائة مقارنة بماي 2009. وحسب معطيات حصلت عليها «المساء»، فإن هذا العجز المتفاقم ناتج عن ارتفاع النفقات وتراجع العائدات الضريبية، حيث يتوقع أن تكون نفقات المقاصة قد فاقت نسبة 100 في المائة من المخصَّصات التي قررتها الحكومة في القانون المالي 2010، رغم أنه ما زالت هناك ستة أشهر متبقية من السنة والتي سيمول فيها صندوق المقاصة بعجز مالي توقعت وزارة المالية أن يصل إلى 11 مليار درهم. وينضاف إلى تفاقم ميزانية المقاصة ارتفاع نفقات الموظفين مقارنة بسنة 2009، بفعل الزيادة التي تقررت في الدخل، بعد خفض الضريبة على الدخل. ودفعت كل هذه المعطيات التي تصعب مأمورية وزارة المالية في إعداد مشروع القانون المالي للسنة المقبلة الحكومة إلى فرض إجراءات تقشفية، ولو أن وزارة المالية لا تعجبها كلمة «تقشف»، لخفض نفقات التسيير، حيث كشف مصدر مطلع في الخزينة العامة للمملكة أنه تقرر خفض الميزانية المخصصة للإدارات العمومية لشراء المعدات بنسبة 20 في المائة، كما أن العديد من مشاريع تشييد مبان إدارية سيتم تأجيلها. ومن بين التأثيرات المباشرة لتراجع مداخيل خزينة الدولة أنها ستضطر الحكومة إلى تأجيل بعض الصفقات الخاصة بالتسيير أو التقليص من قيمتها، حيث لن ترخص وزارة المالية بقيمة الاعتمادات المنتظرة لعدد من الصفقات، بفعل تراجع الموارد المالية المتوفرة. ولتعويض الخسارة التي تكبدتها خزينة الدولة، تلجأ وزارة الاقتصاد والمالية إلى عدة طرق لرفع المداخيل، من بينها تشديد عمليات المراقبة الضريبية لمحاربة التهرب الجبائي ورفع نسبة استخلاص الواجبات الضريبية المفروضة على الشركات والأفراد، وهو إجراء يرى عضو لجنة المالية في مجلس النواب، عبد اللطيف بروحو، أنه مؤشر سلبي، في ظل أجواء الأزمة الاقتصادية العالمية، حيث سيؤدي تشديد الضغط الضريبي إلى انخفاض الإنتاج والاستثمار الذي تنفذه الشركات، بل العكس هو المطلوب، حسب بروحو، إذ المطلوب من الحكومة تخفيف الضغط الضريبي، لتشجيع الآلة الإنتاجية وتنافسية المقاولات. باب آخر تجد الحكومة نفسها مضطرة لطرقه للرفع من مداخيلها، وهو العودة إلى خوصصة بعض المؤسسات العمومية، فضلا عن تأكد خبر بيع الدولة نسبة 8 في المائة من حصتها في «اتصالات المغرب» بقيمة 14 مليار درهم، وهي نفس قيمة عجز ميزانية الدولة... ويضيف عضو لجنة المالية أن الحكومة قد تدفع في اتجاه مناقشة مشروع قانون وضعته لدى مكتب مجلس النواب، قبل سنتين، ويتضمن لائحة بمؤسسات عمومية مرشحة للخوصصة، ومن أبرزها مجموعة «العمران» و»الخطوط الملكية المغربية»، وهو المشروع الذي طلبت الحكومة في سنة 2008 تجميد مناقشته، برلمانياً، إلى حين. وارتباطا بالوضعية المالية والنقدية، أظهرت إحصائيات «بنك المغرب» لشهر يونيو الماضي أن مشكل شح السيولة ماض في الاستفحال، شهرا بعد آخر، فالموجودات الخارجية للبنك المركزي في تراجع، حيث انتقلت قيمتها من 169 مليار درهم في ماي 2010 إلى 164 مليار في يونيو المنصرم، كما انخفضت الموجودات الخارجية لدى باقي مؤسسات الإيداع في المغرب من 9.192 ملايير إلى 8.596 ملايير درهم في يونيو الماضي. وزاد حجم الديون معلقة الأداء، التي تعد مؤشرا على صحة أوضاع المقترضين، من 31.50 مليار درهم في ماي الماضي إلى 31.620 مليار في يونيو 2010، مقابل ارتفاع لكل أنواع القروض البنكية الموجهة للاقتصاد، سواء قروض التجهيز أو الاستهلاك أو العقار.