ستتناقل -يومه الاثنين- وكالات الأنباء والعديد من المحطات الإذاعية والتلفزيونية الدولية أجواء الاعتصام السلميّ الصامت أمام مبنى المتحف في بيروت، الذي دعت إليه العديد من جمعيات المجتمع المدني في لبنان وتشارك فيه مجموعة من الفعاليات الإعلامية والفنية من لبنان وسوريا ومصر، في إطار دعم الفنانة اللبنانية التي «أسكرت الجمهور من عذب اللمى»، «بنت الحارس».. فيروز، التي يسعى ورثة منصور الرحباني إلى إسكات صوتها، بقرار قضائي... بحضور حشد من الفنانين والصحافيين والمواطنين، سيسود الصمت ولن يعلوه صوت غيرُ صوت فيروز على المكبّرات، وترفع أثناء الاعتصام جدارية كبرى لفيروز، أنجزها عدد من الرسامين السوريين، وإلى جانبها عدد من اللافتات الحاملة لشعارات تُعبِّر عن موقف المعتصمين من منع فيروز من الغناء. وسيقوم المعتصمون بارتداء أقمصة (تي شيرتات) صفراء، وهو اللون المفضل للمطربة فيروز. وبالتزامن مع هذا التحرك في بيروت، تنظم الصحافة المصريّة وقفة احتجاجيّة أمام نقابة الصحافة المصرية، كما ألغى العديد من الفنانين العرب التزاماتهم الفنية أجل المشاركة في هذا الاعتصام، ومن ضمن هؤلاء، إلهام شاهين، التي قالت في حديث ل«الأخبار» اللبنانية إن «هذا تصرف طبيعي، وهو تعبير بسيط عن حبي لجارة القمر... إذ أرفض قرار منع صوتها من الوصول إلى الناس، بسبب إجراءات قانونيّة لا بد من العمل على حلها، بالتوافق بين كل الأطراف، بدلاً من تجميد صوتها ونشاطها». وقد ظل المنظمون، في سياق إعدادهم لهذه الحركة الاحتجاجية، على تواصل عبر موقع «فايس بوك» على صفحات خاصة أنشئت خصيصا للدعوة إلى الاعتصام، ومن بينها صفحة بعنوان «رحْ نِبقى سوا»، تجاوز أعضاؤها 4000 شخص، وتشير بعض التعليقات في هذه الصفحة إلى أنّ «القاضي الحقيقي هو الشعب، الذي يعرف أنّ فيرور أرقى، وهي متربّعة في قلوبنا وتعيش في كل خلية من أجسادنا وأرواحنا». من جانبها، أطلقت الإذاعة السورية، منذ مدة، حملة تضامنية مع فيروز سمتها «فيروز في القلب»، قامت خلالها بتكثيف بث أغانيها واستقبال إعلاميين وفنانين للمطالبة بوقف الدعاوى ضدها. وقالت الإعلاميّة نضال الأحمديّة، التي لعبت دورا أساسيا في تنظيم التظاهرة وسعت إلى التنسيق مع صحافيين وإعلاميين وفنانين من مصر وسوريا، كي لا تكون القضيّة شأناً لبنانيّاً بحتاً، في تصريح لجريدة «السفير اللبنانية»، إنها منزعجة، بشدة، من موقف الحكومة اللبنانية تجاه فيروز، التي تعد واحدة من أعلام الفن العربي وسفيرة لبنان الأولى في العالم. وأضافت: «أهانت السلطة بقراراتها هذه نفسها، على مختلف المستويات، حتى تحولت إلى «هولاكو» معاصر وابتغت أن تكون الأولوية لهيفاء، بينما فيروز تُمنَع من الغناء، بقرار رسمي، ويطالب منصور الرحباني قبل رحيله باعتقالها إن غنت ويكمل أولاده المشوار ليحققوا النصر ويصبح القرار نافذا»، حسب قولها. وأشارت الأحمدية إلى أن الموقف محير بالفعل، «فبينما تتوقف مسرحية فيروز «يْعيش يعيشْ «عن العرض في كازينو لبنان، نجد كل أنواع الدعارة الفنية «تَعيش تَعيش»!.. لكننا لن نسكت وسنقف جميعا لنصرة الوجه الحضاري والثقافي للبنان». وقالت الإعلامية والناقدة اللبنانية هنادي عيسى إن منع فيروز من الغناء يصيبها بالذهول وإنها لا تدري ما تقول حيال ذلك، مضيفة، بعامية لبنانية غاضبة: «عن جد، هزُلتْ.. وينْ صِْرنا وبأي زمن فني منحط؟!»... وترتبط حيثيات هذه القضية بإقدام ورثة الفنان الكبير الراحل منصور الرحباني، الفنانين أسامة وغدي ومروان، على رفع دعاوى قضائية حول ميراث عائلة الرحباني، ومنعوا فيروز-قضائياً- من أداء الأدوار التي قدّمتها من تأليف وإخراج الأخوين الرحباني. وكانت المحطة الأخيرة في هذا الخلاف الذي بدأ إثر وفاة الفنان منصور الرحباني، منع فيروز من تقديم مسرحية «يعيش يعيش» على مسرح كازينو لبنان، في العام الماضي، بقرار قضائي استخلصه ورثة منصور، لمنعها من تقديم هذه المسرحية وسواها، إلا بإذن منهم. وإثر الإعلان عن الاعتصام، أصدر أبناء منصور الرحباني، مروان وغدي وأسامة، بيانًا أشاروا فيه إلى بداية الخلاف وأن منصور لم يرفض يوما طلبا لفيروز بأن تؤدي أيا من الأعمال المشتركة للأخوين الرحباني. إلا أن ما طالب به منصور بالمقابل، كان أبسط حقوقه، التي تنبع من المبدأ القانوني المكرَّس في المادة 6 من القانون رقم 75/1999، التي تحظر على أحد المؤلفين في الأعمال المشترَكة أن يمارس بمفرده حقوق المؤلف، من دون رضى شركائه، ما لم يكن هناك اتفاق خطي مخالِف وما يترتب على ذلك من حقوق، والتي ما كان منصور لينكرها على فيروز لو أنها رغبت في إعادة أحد أعمال الأخوين وحصلت على موافقة أصحاب الحقوق بشأنها». وذكر البيان أنه «على هذا الأساس أيضا، نشأ خلاف مع فيروز، على خلفية تقديمها مسرحية «صح النوم» في دمشق والشارقة، دون موافقة منصور الخطية والمسبقة ودون احتساب حقوقه المادية، كمؤلف وملحن لهذه المسرحية، بالاشتراك مناصفة مع عاصي، خلافا لما حصل بالنسبة إلى عروض البيال والأردن». واعتبر البيان أن «الفنانة فيروز لم تكن يوما شريكة في إنتاج أي من أعمال الأخوين الرحباني المسرحية والغنائية، حيث اقتصر دورها على الأداء فقط، لقاء أجر مادي منفصل، كأي بطل من أبطال تلك الأعمال. فالإنتاج كان للأخوين ومعهما أحيانا بعض الجهات الإنتاجية، وعليه كانا يتحملان بصفة الأخوين الرحباني الأرباح والخسائر». وختم البيان: «بناء عليه، فإن وضع السيدة نهاد حداد اليوم في موضوع الميراث بالتحديد لا يختلف عن وضعنا أبدا. فكلنا متساوون في الحقوق والواجبات أمام القانون».