ليس من عادة الأمريكيين المسلمين الاهتمام بالسياسة، لكن يبدو أن السباق الانتخابي الحالي بين كل من جون ماكين وباراك أوباما، والذي يرى العديد من المراقبين أنه سباق "تاريخي سيغير من وجه أمريكا"، غيّر من عاداتهم، فعدد لا بأس به منهم يعمل في الحملات الانتخابية للمرشحين، رغم كون البعض يرى أن البرنامجين الانتخابيين لكل من الحزب الجمهوري والديمقراطي لا يرقيان إلى تطلعات المسلمين الذين يجدون أنفسهم أمام خيارين كلاهما مرّ لكون الأول يتضمن سياسة داخلية محافظة لديها العديد من نقاط التقاطع مع المسلمين، لكنه يملك سياسة خارجية معادية للعرب والمسلمين، في حين أن الحزب الديمقراطي يملك سياسة خارجية معتدلة، لكن سياسته الداخلية ليبرالية جدا. وفي هذا الصدد، أوضح مدير العلاقات في مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية "كير"، إبراهيم هوبر أن غالبية المسلمين الأمريكيين لديهم ميولات ديمقراطية، وهو ما اعتبره "تحولا كبيرا" باعتبار المسلمين يعتبرون لسنوات جمهوريين لكونهم تجمعهم بالحزب قيم مشتركة متعددة، وذلك لكونهم يميلون إلى المحافظة على الجانب الأخلاقي في المجتمع، مما يجعلهم أكثر ميلا إلى مساندة أجندة اليمين الأمريكي المحافظة أخلاقيا، وهو السبب الذي جعلهم يصوتون في العام ألفين لفائدة جورج دبليو بوش. وأضاف هوبر، في حديث ل"المساء" بمقر المنظمة بالعاصمة واشنطن، أن هناك عددا كبيرا من المسلمين يعملون في الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية، وأن المنظمة لا تعترض على عمل البعض لصالح المرشح الديمقراطي أوباما أو لصالح المرشح الجمهوري ماكين، مؤكدا أن "المسلمين لديهم ثقل كبير في هذه الحملات الانتخابية، خصوصا وأن عددهم في الولاياتالمتحدةالأمريكية لا يقل عن سبعة ملايين حسب تقديرات المنظمة (مليونان ونصف حسب التقديرات الأمريكية)، ولهم الحرية المطلقة في الدعم والتصويت لأي مرشح للرئاسة كيفما كان انتماؤه السياسي". ما بين السبعة ملايين التي تقدرها كير وبين المليونين ونصف التي يقدرها مركز بيو للدراسات، يعيش المسلمون الأمريكيون بعد الحادي عشر من شتنبر في أمريكا مختلفة عن التي عرفوها من قبل، وهو الرأي الذي تؤكده إرشاد، 35 سنة، مسلمة أمريكية من أصل باكستاني، مضيفة أنها تعرضت ثلاث مرات للتمييز لكونها مسلمة، لكنها لم تتعرض لأي اعتداء جسدي أو لفظي، تقول وهي تصلح حجابها البني غير المرتب عقب انتهائها من أداء صلاة الجمعة في المركز الإسلامي بواشنطن، "لكن رغم ذلك تظل الولاياتالمتحدةالأمريكية أفضل بكثير من أوربا حيث العنصرية ضد المسلمين حاضرة بقوة. أما حمزة"، 50 سنة، مسلم أفريقي أمريكي، فيرى أن المسلمين مندمجون للغاية في المجتمع الأمريكي فهم "أمريكيون بكل معنى الكلمة ولا يختلفون عنهم في شيء سوى في الشعائر الدينية"، مضيفا أن "المشكلة الحقيقية التي يواجهها المسلمون هي عدم الفهم الجيد للإسلام من طرف مواطنيهم الآخرين.