سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
طفل تكرَّر اغتصابُه في مدرسته بشكل وحشي وعمره لا يتجاوز أربع سنوات ملف الطفل الضحية تبنته جمعيات سرعان ما تخلت عنه بعد علمها ب«قوة» من يقف وراء تجميده...
بلغ عمره اليوم 14 سنة وما يزال يمشي مطأطأ الرأس، لا يجرؤ على النظر في العيون التي تنظر إليه، حتى وإن كانت عيونَ أطفال في عمره، أو حتى أصغر منه، من أبناء الجيران والمعارف، أو زملاء الدراسة، ليس فقط لأنه لا يحسن نطق الكلمات ويتعثر في تركيب جملة مفيدة، لأن لسانه «ثقيل»، وإنما في المقام الأول لأنه يخشى أن تنفلت من لسان أحد من يلتقيهم كلمة «تُذكِّره» بماض لم تستطع عشر سنوات كاملة أن تمحو الآثار النفسية والجسدية التي خلفتها في دواخله أيام متواصلة من الاغتصاب.. كلمة تعمق إحساسه بالظلم والدونية وتجثثُّ وتفتِّت ما يحاول والداه زرعه في داخله من أمان.. إنها كلمة «امْرَة»، بما حمَّلها المجتمع من معانٍ دونية، تحطُّ من قيمة المرأة، في مواقفَ كثيرة... يعرف الكل حكايته المثيرة للشفقة، و ينظر الكل، أيضا، إليه من أعلى ولا يتوانى أحد عن نعته بأسوأ النعوت، كلما سنحت الفرصة بذلك، حسب ما روته أمه (ر.) من مراكش ل«المساء»، بكلمات متقطعة بللت الشفاه التي نطقت بها دموع جارية. لم يكن الطفل قد أكمل بعدُ سنته الرابعة حين كانت ترافقه والدته أو والده، كل صباح، إلى مدرسته الخاصة، ولم تكن الأم تفهم سر بكاء ابنها الدائم وسرَّ رفضه الذهاب إلى المدرسة، وانتظاره نهاية الأسبوع، لينزوي في ركن، دون أن ينبس بكلمة واحدة، فكل ما كان يجيب به، عند سؤاله عن سبب سلوكاته تلك، أنه لا يريد الذهاب إلى المدرسة... لم تكن الأم لتدرك، حينها، معنى طلب صغيرها المتكرر أن ترسم له سفينة يقودها «بوليسي»، تحمل رجلا طويلا، ضخم الجثة ومديرة مدرسته بعيدا... لذلك كانت تلبي طلبه مرات عديدة، معتقدة بذلك أنها ترضي ابنها المدلل، في رأيها. حدث، يوما، أن ذهبت الأم، كعادتها، لإحضار ابنها من المدرسة، التي لم تكن تسلمه لها إلا في ال12 ظهرا، خلافا للتوقيت الذي يغادر فيه باقي الأطفال المدرسة وهو ال11 والنصف، بدعوى أن ابنها يبقى داخل المدرسة، لأنه يتلقى دروس دعم، لحاجته إليها، ففوجئت بابنها يرتدي ثيابا غير التي ألبسته إياها، وعيناه منتفختان، محْمرَّتان من البكاء.. سألته عن السبب فأشار إلى الجزء الأسفل من جسده، قال إنه يحس بألم شديد.. واستفسرت عن الأمر لدى إدارة المدرسة، قيل لها -ساعتها- إن زملاءه في المدرسة حاولوا إدخال أقلام في شرجه، أثناء فترة الاستراحة، وإن المدرسة قد عاقبتهم على ذلك. حملت الأم ابنها بين ذراعيها واتجهت إلى بيتها. ولأنها لم تقتنع بالعذر الذي قدمته لها إدارة المدرسة، ولأن بكاء ابنها ذي الأربع سنوات لم يتوقف لحظة، استمرت تسأله عن السبب الحقيقي، إلا أن صمته المتواصل استفزها، هذه المرة، وجعلها تتناول كراساته وتقطعها أمامه، وتصرخ قالة: سوف لن تذهب مرة أخرى إلى تلك المدرسة»، بعد أن كانت تجبره على ذلك كل يوم. آنذاك، خرج الصغير من صمته القاتل وروى لوالدته تفاصيل حادثة اغتصابه المتكرر على يد «رجل طويل، ضخم الجثة»، وروى تفاصيل التعذيب الذي كان يتعرض له قبل وبعد الاغتصاب: كانت يداه تُربطان إلى الخلف، بعد أن يُجرَّد من ملابسه، قبل عملية الاغتصاب، وبعدها يُضرب ويُهدَّد من قِبَل مديرة المدرسة بالمزيد من التعذيب، إن هو اعترف لوالديه أو حتى نطق بكلمة حول ما كان يحدث له داخل المؤسسة، التابعة لوزارة التربية، قبل أن تكون وزارة التعليم... المؤسسة التي كانت بمثابة «سجن» للصغير يجلده فيه السجان بسوط جلاد مختلف: ممارسة جنسية وحشية مزقت شرج الطفل، مثلما «مزّقت» براءته... إنه الآن طفل في الرابعة عشرة من عمره، يتابع دراسته بجسد مريض، لا يحكم إغلاق فمه، فشفتاه تلتقيان بصعوبة، وكل حركة يقوم بها إلا وتؤثر بشكل سلبي على جسده، على مستوى الشرج، وبنفْس منهكة تتنفس الذل في كل خطوة يخطوها الصغير في الحي الذي يقيم فيه... يحاول والداه إعادة التوازن المسلوب إلى جسده، بمداومتهما على مرافقته لزيارة طبيب مختص في الجهاز التناسلي، ويحاولان استعادةَ كرامته وكرامتهما، بالجري وراء شهادة الطبيب الشرعي الأولى، التي تثبت تعرض الطفل للاغتصاب، والتي «سُرِقت» في أحد مقرات الضابطة القضائية في مراكش قبل سنوات، وسُرق معها حق الوالدين في الدفاع عن حق فلذة كبديهما، الحق الذي مازالا يطالبان به، إلى حدود كتابة هذه الأسطر... قالت الأم في هذا السياق، وبين يديها ملف يحمل وثائق تُدين جهات عديدة: «لن أتنازل عن حق ابني، لأنني أعرف الجاني جيدا وأعرف من يقف خلفه، إنه ذاك الشخص الذي دفع لمن حاول قتلي أثناء ولادة طفلي المغتصَب»!... يُذكَر أن الملف أثار اهتمام العديد من الجمعيات فتبنته، غير أنها سرعان ما «غيرت رأيها«، وعمل بعضها ضد أسرة الضحية، على حد قول أم الطفل، بعد تأكدها من وجود أياد ذات سلطة قوية تعمل على «تجميده».