أدانت الغرفة الجنائية الابتدائية بمحكمة الاستئناف أول أمس الثلاثاء جميع المتابعين في ملف خيرية عين الشق بالسجن النافذ، باستثناء متابع واحد هو محمد نور الدين العلوي عدلان، والذي تمت تبرئته من تهم الاختلاس وتبديد أموال عمومية التي كانت منسوبة إليه. وتبعا لذلك، وزعت المحكمة 28 سنة سجنا في حق المتابعين الثمانية، حيث حصد كل من محمد الكاسي والتهامي شهيد ومحمد لوليدي خمس سنوات سجنا نافذا، وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم لكل واحد منهم، كما أدانت المحكمة كلا من لحسن رضوان والفيلالي بوبراهيمي ومرفوق الطاهر بثلاث سنوات سجنا نافذا، وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، فيما تمت إدانة كل من محمد راغب وإدريس فرح بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم. وقررت هيئة المحكمة، بعد مرور حوالي ثلاث سنوات على تفجر ملف خيرية عين الشق بعد الزيارة الملكية للخيرية، مصادرة جميع أملاك المتهمين وتحميلهم صائر الدعوى، فضلا عن الأمر بإجراء خبرة حسابية لتحديد القيمة الإجمالية للتبديد والاختلاس، وتعيين عبد الرحمن السنتيسي مكلفا بإجراء الخبرة في أجل لا يتعدى شهر، وتحديد أتعابه في 50 ألف درهم. وفي الوقت الذي طالب فيه دفاع المتهمين، الذين يتابعون في حالة سراح، ببراءة موكليهم لغياب أدلة حول حدوث اختلاسات في خيرية عين الشق، قررت هيئة المحكمة متابعتهم، وهو ما خلق ارتباكا كبيرا لدى المتابعين الذين كانوا يتوقعون حكما أخف، خاصة بعد تمتيعهم بالسراح المؤقت. وتميزت محاكمة المسؤولين السابقين في خيرية عين الشق بفصول مثيرة، خاصة في لحظات استماع المحكمة للشهود، الذين تراجع معظمهم عن الأقوال التي أدلوا بها لدى قاضي التحقيق، وهو ما جعل المتابعين ينتظرون حكما مخففا. إلى ذلك، اعتبر جلال الطاهر، محامي بعض المتابعين، الحكم الصادر في قضية خيرية عين الشق حكما قاسيا، لأن المكتب المسير للجمعية، من وجهة نظره كان يقوم بعمل خيري وتطوعي، وبالتالي لا يمكن عقابه بعكس ما كان يسعى إليه. وأشار جلال الطاهر، المحامي بهيئة الدارالبيضاء، إلى أن مناقشة الحكم تتطلب حصوله على نسخة منه لمعرفة حيثياته والمرتكزات التي استندت إليها المحكمة في إصداره، خاصة وأن جميع الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة نفوا ما ورد في محاضر قاضي التحقيق. واعتبر جلال الطاهر قرار المحكمة مصادرة جميع ممتلكات المتابعين أمر سابق لأوانه، لأنه إلى حد الآن لم تجر خبرة لتحديد قيمة الاختلاس، وبالتالي يجب الانتظار إلى حين إجراء الخبرة، التي أمرت بها هيئة المحكمة، حتى لا يحدث أي خلل أو تفاوت بين قيمة ما هو مختلس وقيمة ما هو مصادر. وتعود أطوار ملف خيرية عين الشق إلى ثاني أبريل 2005، عندما قام الملك محمد السادس بزيارة مفاجئة لخيرية عين الشق، بعد توصله بشريط مصور عن معاناة نزلائها الكبار، وهو ما أسفر عن اعتقال أعضاء المكتب المسير لمدة سنة قبل أن تقرر المحكمة متابعتهم في حالة سراح. وكان أعضاء المكتب المتابعين نفوا مسؤوليتهم عن جناح الكبار، الذي فجر الأزمة، على اعتبار أن الخيرية تؤوي أطفالا صغارا، أما الكبار فيغادرون الخيرية فور وصولهم سنا معينا، وهو التبرير الذي لم يقنع المحكمة.