سادت حالة من الترقب أوساط مؤتمري حزب التقدم والاشتراكية، صباح أمس، مع بدء العد التنازلي لإعلان هوية الأمين العام الجديد، الذي سيقود سفينة الحزب في السنوات المقبلة، وسط توقعات بأن ينتخب نبيل بنعبد الله وزير الاتصال السابق، أمينا عاما، ما لم تقلب توجهات اللجنة المركزية المنتخبة الموازين لصالح منافسيه أثناء جلسة الانتخاب، التي يفترض أن تكون قد عقدت مساء أمس.
وطيلة الأيام الثلاثة من عمر المؤتمر الثامن لحزب التقدم والاشتراكية تداول نحو 2200 مؤتمر قدموا من جميع مناطق المملكة اسمي بنعبد الله ومحمد سعيد السعدي، كاتب الدولة الأسبق المكلف بالرعاية الاجتماعية والأسرة والطفولة، كمرشحين بارزين لخلافة العلوي على رأس الحزب، فيما ظل اسم عبد الحفيظ ولعلو، عضو الديوان السياسي، مستبعدا من الدخول إلى دائرة المنافسة.
وفيما خيمت منذ انطلاق الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الثامن أجواء من التفاؤل في أوساط أنصار وزير الاتصال السابق، الذين عملوا على نشر «أخبار» بين المؤتمرين، تفيد بأن السباق نحو كرسي الأمين العام حسم مسبقا لفائدة بنعبد الله، بالنظر إلى «الدعم الذي يحظى به من الرفيق مولاي إسماعيل وأغلبية الرفاق في الديوان السياسي»، مرت الساعات ثقيلة على أنصار السعدي، بمركب مولاي رشيد للشباب والطفولة ببوزنيقة، دون أن يحد ذلك من عضدهم، إذ ظلوا إلى آخر أنفاس المؤتمر مؤمنين بحظوظ من وعد «بتشريك السباط على الحزب» في حال انتخابه.
وإلى حدود الساعة الحادية عشرة من صباح أمس، كانت لجنة انتداب المؤتمرين والترشيحات والفرز تعكف على تمحيص الطلبات التي تقدم بها 920 مؤتمرا يرغبون في الترشح لانتخاب اللجنة المركزية للحزب. وحرصت اللجنة، وفق إفادة أحمد سالم لطافي، رئيس المؤتمر، على التوصل إلى توافق وتمثيل جميع مكونات المؤتمر والأقاليم والجهات، مشيرا إلى أن المؤتمرين وافقوا على تشكيل مجلس الرئاسة، الذي تسند رئاسته إلى العلوي ويضم في عضويته نحو ثمانية أعضاء يشترط فيهم أن يكونوا أعضاء سابقين في الديوان السياسي.
إلى ذلك، بدا الأمين العام المنتهية ولايته حريصا على وحدة حزبه بعد رحيله، حين استبق أي تبعات محتملة لسباق الرفاق نحو منصب الأمين العام، بإطلاق تحذيراته قائلا خلال «خطاب الوداع»، الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر مساء يوم الجمعة الماضي: «بعد انتهاء المؤتمر سيبدأ مشوار جديد يتطلب تضافر جهود كل مناضلة ومناضل، ويحتاج إلى جميع أعضائه وكل طاقاته، حتى يتأتى له رفع ما ينتظرنا جميعا من رهانات ضخمة ومهام جسام. فلنكن في مستوى المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، كحزب ديمقراطي في تدبيره..لنحرص على وحدة الصف وتفادي كل تشنج أو انفعال».
من جهة أخرى، حمل العلوي في كلمته، التي امتدت نحو ساعة ونصف، بشدة على حزب العدالة والتنمية، منددا بما أسماه مواقفه المزدوجة والظلامية وبالترويج لفتاوى غريبة عن مقاصد الشريعة وخارجة عن القانون. وقال إن هناك نوعا من الإرهاب آخذا في التنامي، من خلال سعي أوساط متطرفة في نشر مقاربات فكرية وإيديولوجية وسياسية نكوصية ومغرقة في الرجعية، وتتخذ أشكالا متعددة، من بينها ظاهرة تكاثر فتاوى غريبة عن المقاصد النبيلة للشريعة الإسلامية، بقدر ما هي معاكسة للتطور العلمي، وخارجة عن القانون، ومنافية للعقل السوي والمنطق السليم، مشيرا إلى أنها ظاهرة يتعاطى لها من هم غير أهل إطلاقا لإصدار الفتاوى، ويتم الترويج لها من قبل جهات لا تقيم بذلك وزنا للمؤسسة المخول لها أمر الإفتاء، وتتطاول على اختصاصات علماء الدين الأجلاء.
العلوي تابع قائلا: «أمام هذا التسيب الذي ينبغي أن يوضع له حد، فإن التقدم والاشتراكية يندد بالمواقف المزدوجة والظلامية لبعض الفرقاء السياسيين، ويعلن رفضه المطلق للإفتاء العشوائي الرجعي، مؤكدا تشبثه بمؤسسة إمارة المؤمنين، التي تمتلك وحدها الحق الدستوري لضمان وحدة الأمة وتماسكها وحماية عقيدتها»، معتبرا أنه «لا يحق لأي كان أن يحتكر الدين الإسلامي، ولا يجوز لأي طرف أن يتخذه مطية لتحقيق أغراض سياسوية. فمن يرغب في ممارسة السياسة له أن يفعل ذلك وفقا للضوابط القانونية والقواعد الأخلاقية».
كما انتقد حزب الأصالة والمعاصرة دون أن يسميه، معتبرا أن المسلسل الانتخابي سنة 2009 تميز بإفراز مشهد حزبي مشوه يهيمن عليه فاعل سياسي جديد استفاد، بشكل مبهم، من صورة قربه من الدوائر العليا للدولة، وأبدى نوعا من القدرة غير العادية على تكييف بعض القرارات الرسمية، بل حتى قرارات بعض الأحزاب.
ودعا العلوي إلى توافق أهم الأطراف السياسية الفاعلة في البلاد ضمن «تعاقد سياسي جديد»، محددا مضامينه الأساسية في تعديل دستوري يتم في تناغم بين المؤسسة الملكية والفاعلين السياسيين، ويروم المزيد من ضبط اختصاصات كل من المؤسسة الملكية والحكومة والبرلمان، وضمان استقلالية المجلس الأعلى للقضاء،