افتتحت، رسميا، الدورة ال63 من مهرجان «كان»، أول أمس الأربعاء، في أجواء لم تكن تخلو من القلق بشأن اضطرابات السفر الناجمة عن الرماد البركاني، الذي ساهم في تعثر العديد من الرحلات الجوية التي أربكت وصول العديد من نجوم هوليود وصناع الأفلام في موعد الافتتاح. وكان المنظمون قد قاموا بعملية «تطهير» في اللحظات الأخيرة في منتجع الريفيرا الفرنسي، بسبب عواصف الأسبوع الماضي. افتُتح المهرجان بالعرض الأول لفيلم «روبن هود»، من بطولة راسل كرو وكيت بلانشيت، في افتتاح فخم لحدث يعرض أفلاما من جميع أنحاء العالم أُنتِجت بميزانيات صغيرة. فيلم المخرج البريطاني ريدلي سكوت، «روبين هود»، الذي يشارك في فئة «خارج المسابقة»، لم يشكل خيبة أمل، حسب الانتقادات الموجهة إليه، إلا أنه لم يكن عند حسن ظن المهنيين والأخصائيين السينمائيين. يقدم المخرج ريدلي سكوت، من خلال آخر أعماله السينمائية، نظرته الخاصة لأسطورة «روبين هود» الذي يلعب دور البطولة فيه النجم الأسترالي راسل كرو ويصور للحروب السياسية التي عرفتها إنكلترا خلال القرن الثاني عشر بعد الميلاد. وترافق البطل راسل كرو مواطنته كيت بلانشيت في دور «السيدة ماريون»، وهي سيدة واثقة من شرعية حقوقها ومستعدة للقتال. ومرة أخرى يتألق ريدلي سكوت من خلال هذا الفيلم في تقديم مشاهد صراع دامية وعنيفة تخضع لإيقاع عوّدَنا عليه، كما كان عليه الأمر مثلا في فيلم «غلادياتور» عام 2000. كما يتضح عالَم أفلام المخرج ريدلي سكوت من خلال معطياتٍ من بينها: الديكور الضخم والمشاهد الحوارية الطويلة، تحضيرا للقتال والإحالات المتكررة على مفاهيم الشرف والنصر... من ضمن الأسئلة التي طرحها البعض حول هذا الفيلم: لماذا كلّف ريدلي سكوت نفسه عناء إخراج هذا الفيلم وإعادة تصوير أسطورة «روبين هود» في السينما، بدون تقديم طريقة تصوير وإخراج جديدة غير طريقته المعهودة؟ ويسير المشاهير والمغمورون خلال أيام المهرجان على البساط الأحمر، قبل أن يحتشدوا داخل غرف العرض المظلمة ويتجولون في سوق الفيلم الضخم من أجل توقيع الصفقات. وبينما يكون رؤساء الأستوديوهات في المنتجع الساحر يتأملون وضع الاقتصاد الواسع وما يعنيه بالنسبة إلى تمويل الأفلام، فإن بعض الأسماء الكبيرة في المجال ترى مهرجان «كان» حيويا في آلية التسويق. وقال المخرج أوليفر ستون، الذي يحضر إلى المهرجان بفيلم «وول ستريت»، الذي يروي الدراما الاقتصادية لعام 1987 «إن مهرجان كان جيد للفيلم»، وأضاف في مقابلة مع رويترز أنه «فرصة كبيرة، لأننا كنا سنخرج ونصبح مجرد فيلم آخر في هذا التيار (السينمائي) المجنون. من الجيد أن نحظى بالشرف ونحصل على ذلك المنبر». وسيكون «وول استريت: المال لا ينام»، الذي يعيد فيه مايكل دوغلاس تجسيد دور قطب المال جوردون جيكو، من بين أبرز موضوعات مهرجان 2010 ويركز على الفساد والجشع في أكبر بنوك العالم. ولكن هذا الفيلم وفيلم «روبن هود» للمخرج ريدلي سكوت وفيلم «ستلتقي بغريب طويل غامض» للمخرج وودي آلن لن تكون من بين الأفلام ال18 المشاركة في المسابقة الرسمية والتي ستتنافس على جوائز لجنة للتحكيم يرأسها المخرج تيم برتون. ومن بين الأفلام التي ستعرض خارج المسابقة الرسمية أيضا، والتي خلقت جدلا إعلاميا، الفيلم الايطالي الوثائقي «دراكيولا»، وهو ما دفع وزير الثقافة الإيطالي ساندرو بوندي إلى إعلانه مقاطعةَ مهرجان كان السينمائي الدولي، المقرر احتجاجا على برمجته، لكونه ينتقد تعامل رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني مع كارثة الزلزال التي أودت بحياة كثيرين، في العام الماضي. والفيلم الوثائقي «دراكيولا»، للممثلة الكوميدية سابينا جوتسانتي يتلاعب بالألفاظ، إذ إن الاسم يجمع بين «دراكولا»، مصاص الدماء ومدينة «لاكويلا»، الواقعة في وسط إيطاليا، التي لقى فيها أكثر من 300 شخص حتفَه في زلزال مدمِّر ضربها في أبريل عام 2009. وقال بوندي، الحليف المقرَّب لبرلسكوني في بيان، إنه صُدم من اختيار الفيلم للعرض في المهرجان، واصفا إياه بأنه «دعاية تشوه الحقيقة والشعب الإيطالي بأكلمه»، مضيفا أنه رفض دعوة وجهت إليه لحضور المهرجان. وقضت جوتسانتي، المعروفة في إيطاليا بانتقادها الشديد لرئيس الوزراء برلسكوني، أشهر في «لاكويلا» لتصور الدمار في هذه المدينة التي يعود تاريخها إلى العصور الوسطى. وكثيرا ما يذكر برلسكوني أن تعامله مع الكارثة يعد أحد النجاحات الرئيسية لحكومته. لكن الفيلم الوثائقي يقول إن برلسكوني استغل الزلزال لتوسيع شعبيته وإنه لم يتشاور مع السكان، في الوقت الذي شُيِّدت منازل جديدة بشكل سريع في ضواحي وأطراف المدينة. وسلط الفيلم الضوء على إدارة الدفاع المدني التي قادت جهود الإنقاذ والإعمار. وانتقد قادة المعارضة في تيار يسار الوسط قرار بوندي بعدم حضور المهرجان. وقال فابيو جيامبروني من حزب إيطاليا القيم: «لقد أصبح برلسكوني وحكومته غير متسامحين بشكل كبير إزاء النقد وحرية التعبير