حذر عدد من الجمعويين في مدينة برشيد من انتشار ظاهرة احتلال المختلين العقليين للشوارع والأزقة، وأكدوا أن هذه الظاهرة أصبحت تقلق العديد من المواطنين الذين لم يعودوا يشعرون بالأمن والطمأنية كلما مر من جانبهم مختل عقلي.معدل المرضى النفسانيين تضاعف بشكل كبير خلال السنوات الماضية "لقد كثر في الآونة الأخيرة وجود العديد من المختلين العقليين في شوارع وأزقة برشيد في منظر أثار انتباه العديد من سكان هذه المدينة"، هذه الشهادة لأحمد القصري، فاعل جمعوي في عاصمة ولاد احريز، الذي أكد أن مدينة برشيد أصبحت تحت رحمة مجموعة من المختلين العقليين الذين يهددون حياة المارة، إذ لم يعد بإمكان سكان المدينة التجول بكل حرية في مجموعة من الشوارع والأزقة نظرا لوجود كم كبير من المختلين العقليين. وأضاف المتحدث ذاته أن هذه الظاهرة أصبحت تقلق بشكل كبير العديد من المهتمين بالشأن المحلي في برشيد، وتابع قائلا:" من المؤسف أن تعرف برشيد هذه الظاهرة علما أنها تتوفر على أكبر مستشفى الأمراض العقلية في المغرب، فلابد من احتواء هذه الظاهرة في أقرب وقت ممكن، لأنه لا يعقل السكوت عنها، لأنها تشكل خطرا كبير على صحة المواطنين، كما أن وجوده بتلك الطريقة في الشوارع يشوه صورة هذه المدينة لدى زوارها وسكانها". ما يعادل 60 ألف في حالة خطيرة وليست برشيد وحدها من تعيش على وقع ظاهرة انتشار المختلون العقليون في الشوارع والأزقة، بل هناك العديد من المدن الأخرى. وكانت بعض الاحصائيات الرسمية أكدت أنه يوجد بالمغرب حوالي 300 ألف مريض مصاب بانفصام الشخصية، من بينهم 60 ألفا يوجدون في حالة صحية خطيرة، ولا يتوفر المغرب سوى على 80 ألف معالج نفسي و300 طبيب نفساني، وحوالي 13 مركزا صحيا تعاني نقصا مهولا، ولا تتوفر المستشفيات على عدد من الأدوية الفعالة التي تساعد على علاج المرضى. وعوض أن تتبنى السلطات خطة إعادة هيكلة المستشفيات الخاصة بالأمراض العقلية، فضلت غض الطرف عن هذا المشكل، لأنه لا يشكل بالنسبة إليها حاليا أولى الأولويات، وهذا أمر طبيعي، حسب بعض الأخصائيين، لأن هذه السلطات تنظر إلى الطب النفسي في المنظومة الصحية كالابن اللقيط، إذ لا توليه أي اهتمام، والدليل على ذلك المشاكل التي تعانيها عدد من المراكز، فولوج هذه المتشفيات نذر شؤم على المريض وعائلته، كما أنه في مناسبات كثيرة ترفض إدارة بعض المراكز استقبال المرضى بدعوى ضعف الطاقة الاستيعابية، وفي غالب الأحيان يكون الشارع هو الملاذ الوحيد لهؤلاء المرض الذين تجد عائلتهم صعوبة كبيرة في ضبط تحركاتهم وتصرفاتهم. وكان عدد من الأطباء طالبوا بضرورة الاهتمام بالحالة المزرية التي توجد فيها هذه المراكز، إلا أن هذا الطلب كان مجرد صيحة في واد، على اعتبار أن المسؤولين عن القطاع الصحي لم يكترثوا لهذا الطلب، وهو ما جعل عبد القارد الراضي، فاعل جمعوي يؤكد أن وزارة الصحة والمجالس المنتخبة قدمت استقالتها منذ سنوات في هذا الملف ولم تعد تهتم بصحة المواطنين المغاربة، وكأن المواطنين المغاربة ملقحون ضد الإصابة بالأمراض النفسية، علما أن معدل المرضى النفسانيين تضاعف بشكل كبير خلال السنوات الماضية". وكانت العديد من الأصوات طالبت بتعويض المراكز النفسية بوحدات صحية ومصالح للعلاج النفسي وإدماجها في المستشفيات العمومية، إضافة إلى إحداث وحدات صحية جهوية تخفف الضغط على المركزين الصحيين الجامعيين "الرازي" بسلا، وجناح 36 بالدار البيضاء، إلا أن ذلك ظل مجرد حلم. ظروف صعبة وتعد القضية المرتبطة بغياب التحفيزات بالنسبة إلى العاملين بهذا القطاع من بين القضايا التي تعمق من حدة الأزمة، ذلك أن معظم هؤلاء العاملين يعملون في ظروف صعبة، وذلك بسبب اللوجستيك الضروري، إضافة أنهم لا يستفيدون من دورات التكوين. وفي السياق ذاته يؤكد بعض المهتمين بهذا الملف في مدينة برشيد أنهم سبقوا أن عقدوا عددا من اللقاءات مع المسؤولين عن القطاع الصحي في برشيد، إلا أن هذه اللقاءات لم تسفر على أي نتائج، فالقطاع الصحي ظل يراوح مكانه، بل الأدهى من ذلك أن الأوضاع ازدادت سوءا، ويطالب بالإسراع في عملية إصلاح مستشفى الرازي، وذلك للرفع من الطاقة الاستيعابية، خاصة أن المدينة توجد في موقع تكثر فيه بشكل كبير حوادث السير، وتوفير الأدوية والأجهزة الطبية الضرورية للحالات المستعجلة، ووجوب بناء مراكز صحية بتنسيق مع المجلس البلدي بالحي الحسني، نظرا لكثافة سكانه (يوجد مركز صحي واحد لحوالي 80 ألف نسمة).