فجر فيلم "موسم المشاوشة" لمخرجه محمد عهد بنسودة نقاشا جديدا حول حقيقة المبالغ، التي تصرف على إنتاج الأفلام السينمائية الوطنية التي تستفيد من الدعم السينمائي. وطرح الحاضرون، خلال العرض، ما قبل الأول للفيلم، الذي سيعرض على الشاشات السينمائية الوطنية، بداية الأسبوع المقبل، قضية حساسة أثارها، حتى أبطال الفيلم، الذين شاركوا في العرض ما قبل الأول بقاعة سينما "ميغاراما"، في فاتح أكتوبر الجاري، خصوصا أن ميزانية الفيلم، الذي يتوقع أن يستقطب عددا قياسيا من عشاق الفن السابع لم تتجاوز 8 ملايين درهم، مع أن المخرج اعتمد على ما يقارب 3000 من الكومبارس، وعدد كبير من التقنيين، والعديد من نجوم الشاشة المغربية أمثال حميدو بنمسعود، وهشام بهلول، وعبد الله فركوس، ورفيق بوبكر، وريم شماعو، وصور في أماكن تاريخية مختلفة. وأكد المخرج عهد بنسودة، أن ميزانية الفيلم تبدو هزيلة مقارنة مع المجهود، الذي بذل من أجل إخراج هذه التحفة الفنية، وأضاف أنه رغم الإمكانيات القليلة فإن طاقم الفيلم نجح في تقديم عمل فني يليق بالسينما المغربية، مشيرا في كلمته التي ألقاها بعد العرض ما قبل الأول، إلى أن الفيلم خرج إلى حيز الوجود بفضل تعاون الجميع من ممثلين وتقنيين وإداريين، فكل واحد كان يعرف طبيعة المهمة المنوطة به، وقام بها على أحسن وجه، مبرزا أن طاقم الفيلم آمن بالفكرة وسعى إلى إخراجها لحيز الوجود، ما أكسب التجربة قوتها، مشددا على ضرورة الثقة في الكفاءات الوطنية، والاستفادة من طبيعة وتراث المغرب، التي استغلها العديد من السينمائيين العالميين، في إنتاج أفلام حققت شهرة عالمية. واعتبر بنسودة أن الفيلم نتاج تجربة متواضعة في المجال السينمائي، لكنه يمثل بالنسبة إليه نقلة نوعية، من خلال إصراره على تقديم سينما إيجابية ونظيفة، تعتمد على ديكور بسيط، لكنه حي ومستمد من التراث المغربي، وأبدى أمله في أن يساهم الفيلم في إعادة الجمهور المغربي الحقيقي إلى القاعات السينمائية، خصوصا العائلات المغربية. وخرج الجمهور، الذي تابع الفيلم، بانطباع جيد، بفضل المشاهد الطبيعية التي اعتمدت على ديكور ينهل من التراث المغربي، من خلال توظيف الفلكلور الشعبي، والاعتماد على الهندسة المعمارية المغربية الأصيلة، ما أكسب الفيلم قوته. من جانبه، شن رفيق بوبكر هجوما لاذعا على عينة من المخرجين، الذين يتعاملون مع الدعم السينمائي كما لو كان دجاجة تبيض ذهبا، وقال إنه شخصيا وقف على مجموعة من النماذج، التي صورت أفلاما في أماكن محدودة جدا واستهلكت أموالا طائلة تقدر بمئات الملايين، وأشار إلى أن جزءا مهما من ميزانية هذه الأفلام، التي غالبا ما تكون متواضعة، وتعتمد على الإثارة تذهب إلى جيوب هؤلاء المخرجين، الذين وصفهم بالسماسرة، وطالب بوبكر، الذي لعب دور "عوينة" في فيلم "موسم المشاوشة"، بضرورة إعادة النظر في الدعم السينمائي، لأنه لا يعقل أن يجري صرف الملايين على أفلام طابوهات هابطة، لا يتعدى تصوير مشاهدها، التي تقتصر على شارعين وشقة، أسبوعين على أكثر تقدير، فيما تختصر ميزانية أفلام مسؤولة إلى مبالغ هزيلة، واصفا ما يحدث بأنه تدمير ممنهج للفيلم المغربي، وأكد بوبكر أن فيلم "موسم المشاوشة" خرج إلى الوجود بفضل كفاءات مغربية آمنت بإمكانية صنع فيلم مغربي مائة في المائة. من جانبه، قال عبد الله فركوس أحد أبطال الفيلم، إنه مقتنع بتجربته مع المخرج بنسودة، الذي نجح في تقديم قراءة جديدة للتراث مغربي غير معروف لدى الأجيال الجديدة، وأكد أن الفيلم يرد الاعتبار للسينما المغربية، والتراث المغربي الأصيل، وتحدث فركوس، الذي جسد دور شخصية "الطبوخ المشاوشي"، بدوره عن ميزانية الفيلم، وقال إنها لا تتناسب مع المجهود الذي بدل، فهناك أفلام عالمية تتحدث عن فترات تاريخية من هذا القبيل كلفت الملايير، وهنأ المخرج على النجاح، الذي لقيه الفيلم، خلال العرض ما قبل الأول، متمنيا أن يرافق هذا النجاح عرض الفيلم في القاعات السينمائية، وطالب فركوس من المخرجين المغاربة السير على هذا المنوال من خلال توظيف التراث فنيا والابتعاد أكثر عن جانب الإثارة والإغراء، الذي لن يساهم إلا في المزيد من الانحطاط الذي تعانيه السينما المغربية، وفي السياق نفسه، ذهب بطل الفيلم هشام بهلول، الذي عبر عن إعجابه الشخصي بالفيلم، وقال "شخصيا أعجبت بالفيلم وأتمنى أن يلقى الإعجاب نفسه من طرف الجمهور المغربي، وأضاف بهلول، الذي أدى دور سليمان النجار الذي حوله عشقه لحبيبته السعدية إلى مشاوشي، أنه أدى دوره بحماس كبير رفقة باقي الممثلين، الذين نجحوا بدورهم في تقديم صورة جيدة عن الممثل المغربي، الذي يمكن أن يقدم سينما راقية، تستطيع أن تنافس السينما العالمية.