أكد الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية، المكلف بالميزانية، فوزي لقجع، أمس الاثنين، أن المغرب استطاع حصر الاتجاه التصاعدي للتضخم في أقل مستوى ممكن (4 في المائة) مقارنة مع بلدان ذات إمكانيات اقتصادية كبيرة وأخرى تنتمي لنفس المنطقة الجغرافية. وأوضح الوزير، في معرض جوابه على أسئلة شفوية خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب، أن التداعيات الناجمة عن حدوث أزمتين كبيرتين في وقت وجيز، تتمثلان في جائحة كوفيد-19 والحرب الروسية الأوكرانية أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية، على الصعيد العالمي، ولاسيما الطاقية والغذائية، التي سجلت تواليا نسب ارتفاع بلغت 80 في المائة و24.5 في المائة برسم الربع الأول من السنة الجارية، مشيرا إلى أن هذا المعطى أدى الى مواصلة معدل التضخم، الذي يعكس ارتفاع الأسعار، تسجيل مستويات جد مرتفعة على مستوى جل الدول، حيث بلغ هذا المعدل 4 في المائة في المغرب إلى غاية شهر مارس من هذه السنة، مقابل 8 في المائة في الولاياتالمتحدةالأمريكية و6.1 بمنطقة اليورو و 7.2 في المائة في تونس خلال الفترة ذاتها. وأكد المسؤول الحكومي أن هذه النتيجة لم تأت "بالصدفة"، بل هي "نتيجة سياسة إرادية قوية استلزمت قرارات صعبة بحسابات دقيقة" وارتكزت على المواءمة "بين مجهود مالي كبير لدعم المواد الأساسية والقطاعات المتضررة، والحفاظ في نفس الوقت على المجهود التنموي النابع من رؤية ملكية شاملة ذات أبعاد استراتيجية ومن التزامات الحكومة في إطارالنموذج التنموي". وشدد لقجع على أنه "ليس من الممكن وضع كل القدرات المالية للدولة لحل وضعية طارئة على حساب مصلحة كافة المغاربة في التنمية، وفي إنجاز الأوراش والمشاريع الكبرى التي ينتظر منها تحسين حياة المغاربة على مختلف الأصعدة"، موضحا أن الدولة "فعلت كل الإمكانيات المتاحة للدعم". وأبرز في هذا السياق، أن صندوق المقاصة "ما يزال يقوم بمهامه في دعم المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع الذي يهم جميع المواطنين، مشيرا الى أن تكاليفه "ارتفعت بشكل كبير في هذه الفترة لتقليص ارتفاع الأسعار، إضافة لمجهود مالي من خارج الصندوق". و في معرض جوابه، تطرق لقجع بإسهاب لمختلف مظاهر انعكاس الأزمة العالمية على المغرب وللاستراتيجية التي اعتمدتها الحكومة في التعاطي مع هذه الأزمة والإجراءات المتخذة. وذكر المسؤول الوزاري بأن جائحة كوفيد أدت إلى توقف شبه تام للإنتاج والأنشطة الاقتصادية، ما تسبب في ركود اقتصادي شامل نتجت عنه انعكاسات كبرى على مستوى فقدان مناصب الشغل وتراجع النمو، مشيدا في هذا الإطار "بالورش التضامني التاريخي الذي انخرط فيه جميع المغاربة بإشراف وتوجيه ملكي سامي والذي ساهم في امتصاص جزء كبير من معاناة المواطنين". وسجل لقجع أنه، بعد تحسن الوضع الوبائي سنة 2021، وعودة الطلب العالمي على السلع والخدمات، اتضح أن القدرة الإنتاجية تقلصت في عدد من القطاعات وهو العامل الأول في ارتفاع الأسعار، مضيفا أن تضرر سلاسل اللوجستيك، خاصة النقل، ساهم كذلك في ارتفاع الأسعار. وأضاف أن النزاع بين روسيا وأوكرانيا، ساهم بدوره في ارتفاع أسعار الطاقة في الأسواق العالمية، موضحا أن هذا النزاع كان له انعكاس ثلاثي الأبعاد، يتمثل الأول، في ارتفاع إضافي لكلفة انتاج السلع، بحكم أن الطاقة مكون أساسي في عوامل الإنتاج، أما البعد الثاني فيتعلق بالارتفاع الإضافي لكلفة الشحن والنقل، بينما يكمن البعد الثالث في الارتفاع الإضافي في أسعار توزيع الوقود للعموم. وأشار لقجع، في هذا الصدد، إلى أن سعر شحن القمح اللين بين الاتحاد الأوربي والمغرب، عرف ارتفاعا مهما بلغ متوسطه 27 دولار للطن خلال الفترة الممتدة من يناير إلى أبريل، أي بارتفاع بلغ 22 بالمائة مقارنة بنفس الفترة خلال 2021، مشددا على أن تكلفة القمح اللين الموجهة للمطاحن الصناعية بلغت ما يناهز 483 درهم للقنطار مقابل السعر المستهدف المحدد في 260 درهم للقنطار، وبالتاليارتفع سعر القنطار الواحد من القمح اللين بسبب غلاء الشحن ب 223 درهم للقنطار. كما عرفت أسعار شحن المواد الطاقية، يضيف الوزير، ارتفاعا هاما صاحب الارتفاع المسجل بأسواق النفط والغاز، موضحا أن تكلفة نقل طن واحد من الغاز البوتان من الولاياتالمتحدة إلى المغرب تراوحت بين 39 و 73 دولار خلال الفترة الممتدة من يناير إلى 11 ماي، لتسجل متوسطا قدره 53 دولار بزيادة تصل إلى 11 بالمائة، وهو ما يعني أن الطن الواحد من غاز البوتان زاد ب 11 بالمائة بسبب ارتفاع كلفة الشحن. ومن جانب آخر، سجلت أسعار نقل غاز البوتان داخل القارة الأوربية ارتفاعات حادة خلال سنة 2022 تأرجحت بين 32 بالمائة و53 بالمائة، ليفرز ذلك ضغطا على تكلفة نقل غاز البوتان من أوربا إلى المغرب، حيث تجاوز هذا الارتفاع 20 بالمائة. وبخصوص كلفة المواد البترولية، أكد المسؤول الحكومي أنها عرفت منحى تصاعديا خلال الفترة الممتدة من يناير إلى 11 ماي حيث تأرجح سعر برميل النفط بين 80 و 133 دولار، أي بمتوسط 101 دولار للبرميل، موضحا أنه منذ بداية السنة إلى غاية 11 ماي، بلغ معدل البرميل الواحد هو 101 دولار، بزيادة قدرها 42 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، تبعا لذلك، يقول الوزير، عرفت أسعار الغازوال والبنزين، ارتفاعا غير مسبوق مسجلة، منذ بداية السنة إلى اليوم، على التوالي، متوسطات تقدر ب 983 دولار للطن بالنسبة للغازوال، و1005 دولار للطن بالنسبة للبنزين. وكشف لقجع أن سعر الغازوال يبلغ اليوم 1128 دولار للطن والبنزين 1224 دولار للطن، وهو ما أدى إلى ارتفاع ثمن الغازوال في المغرب بنسبة 30 بالمائة، بين فبراير وماي 2022، مشيرا الى أن ثمن الغازوال في الولاياتالمتحدةالأمريكية ارتفع بنسبة 46 بالمائة وهي المنتج الأول للبترول عالميا، كما ارتفع ب 46 بالمائة في الإمارات العربية المتحدة وهي سابع منتج عالمي. وعلى مستوى أوروبا، أورد الوزير أن أسعار الغازوال ارتفعت، خلال الفترة نفسها، لتبلغ بتاريخ 9 ماي 2.056 يورو في ألمانيا، و2.041 في بلجيكا، و1.89 يورو في إسبانيا، مسجلا أن ثمن الغازوال تجاوز العشرين درهما في معظم الدول الأوربية، وأن نفس المنحى التصاعدي عرفته القارة الآسيوية، حيث ارتفع الثمن ب 20 بالمائة، و31 بالمائة في كوريا الجنوبية وإندونيسيا سجلت ارتفاعا قارب 49 بالمائة خلال نفس الفترة. وفضلا عن هذه التأثيرات العالمية القوية، استحضر لقجع التقلبات المناخية العامة والتي كان لها أثر بالغ على القطاع الفلاحي في المغرب وعلى وفرة المياه ما كلف الحكومة مجهودا ماليا إضافيا بلغ 10 ملايير درهم لدعم الفلاحين خاصة الصغار منهم.