استعرض وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، في اجتماع عقدته لجنة التعليم والثقافة والاتصال، مختلف واجهات العمل التي انخرطت فيها الوزارة من أجل الارتقاء بالمنظومة التربوية. وتطرق بنموسى في كلمة خلال الاجتماع الذي انعقد أمس الثلاثاء، إلى الإكراهات المرتبطة بجودة المدرسة العمومية، مؤكدا أنه "أصبح من اللازم، وبشكل لا يقبل التأجيل، ربط الإصلاح بالفصول الدراسية وبتأثيره المباشر على المتعلمات والمتعلمين". وأشار في هذا الإطار، إلى أن الوزارة تسعى إلى التسريع ببلوغ هذا المنعطف الحاسم نحو الجودة، ووضع هذا التحدي في صدارة الأولويات من خلال العمل على مختلف واجهات المنظومة التربوية. فبخصوص التعليم الأولي، أبرز بنموسى أن الوزارة ستعمل على اتخاذ عدة إجراءات من أجل بلوغ الأهداف المسطرة لضمان تعميم تعليم أولي عصري، منصف ودامج وذي جودة وتتمثل أساسا في مواصلة تنزيل الأهداف الواردة في البرنامج الوطني لتطوير وتعميم التعليم الأولي وترصيد المكتسبات المحققة المتمثلة، على الخصوص، في ارتفاع نسبة التمدرس بهذا النوع من التعليم، وتوسيع العرض من خلال إنجاز حوالي 4000 إلى5000 وحدة للتعليم الأولي كل سنة خلال الست سنوات المقبلة من أجل بلوغ تعميم هذا التعليم للأطفال ما بين أربع وخمس سنوات في أفق سنة 2028، والرفع من جودة التعليم الأولي من خلال الارتقاء بالكفاءة المهنية للمربيات والمربين. وفي ما يتعلق بالهدر المدرسي، اعتبر الوزير أن هذا الأخير يشكل تحديا مقلقا للمنظومة التعليمية لما له من انعكاسات سلبية على وضعية التلاميذ المنقطعين وكلفته الاجتماعية والاقتصادية على البلاد، مبرزا أن الوزارة حرصت على اتخاذ مجموعة من التدابير في إطار تنزيل خططها واستراتيجياتها القطاعية للحد من هذه المعضلة. وفي هذا الصدد، أفاد بنموسى بأن معدل الهدر بلغ، بشكل إجمالي، على المستوى الوطني برسم 2020-2021، بالأسلاك التعليمية الثلاث في القطاع العام 5.3 بالمائة، أي ما يفوق 331 ألف تلميذة وتلميذ انقطعوا عن الدراسة. وبتسجيل ارتفاع ب 0.3 نقطة مئوية فقط عن الموسم الدراسي 2019-2020. وتوقف بنموسى عند مختلف الإجراءات المتخذة لمحاربة الهدر المدرسي والتي حددها على الخصوص في تعميم التعليم الأولي، وتوسيع العرض المدرسي، لا سيما عبر تعميم المدارس الجماعاتية، ومواصلة توسيع تغطية الوسط القروي بمؤسسات التعليم الإعدادي، حيث تم تسجيل 70.7 بالمائة كنسبة تغطية الجماعات القروية بالتعليم الإعدادي، مؤكدا في هذا الصدد على أهمية تعزيز خدمات الدعم الاجتماعي الذي يحظى في المشروع الإصلاحي لقطاع التربية الوطنية باهتمام خاص، بالنظر إلى مساهمته في التشجيع على التمدرس وتعميمه وتحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص. أما على مستوى الإصلاح البيداغوجي، فتسعى الوزارة، بحسب الوزير، إلى تطوير نموذج بيداغوجي قوامه التنوع والانفتاح والنجاعة والابتكار، حيث حرصت الوزارة على بلورة العديد من الخطط الرامية لتجديد المحتويات والبرامج الدراسية بشكل يتلاءم والمستجدات التي تضمنتها وثائق الإصلاح التربوي، وذلك للانتقال من نمط تعليمي يعتمد على التلقين والحشو الذهني إلى نمط تعليمي جديد يقوم على جعل المتعلم حجر الزاوية في هذه العملية. وذكر أن الوزارة الوزارة عملت على إعادة النظر في الكثير من المضامين البيداغوجية وتجديدها منذ السنوات الأولى للتعليم، وفق تصور جديد يقوم على أساس تنمية الذات المتعلمة وتطويرها، كما حرص هذا التجديد البيداغوجي على الارتقاء بتدريس اللغات والتمكن منها في إطار هندسة لغوية تعطي الأولوية للغات الرسمية الوطنية دون إغفال الاهتمام باللغات الأجنبية. واعتبر في السياق ذاته أن تدريس اللغة العربية إلزامي في كل مستويات التعليم المدرسي بأسلاكه الثلاث (ابتدائي، وثانوي إعدادي وثانوي تأهيلي). كما أنه أحد أهم ثوابت المدرسة المغربية، التي تحافظ على مركزية اللغة العربية ضمن المنهاج الدراسي ، حيث بلغ مجموع عدد ساعات اللغة العربية بالابتدائي 1365 ساعة، كما يبلغ عدد المواد المدرسة بالعربية بالابتدائي سبع مواد. وكحصيلة للمجهود الكمي الذي بذلته الوزارة، يتابع الوزير، فقد بلغ عدد أساتذة اللغة العربية بسلكي التعليم الثانوي خلال الموسم الدراسي الحالي حوالي 14 ألف أستاذة وأستاذا بنسبة 12 بالمائة من مجموع مدرسي التعليم الثانوي يؤطرهم حوالي 140 مفتشة ومفتش وحوالي 100 أستاذ مكون من أساتذة باحثين ومبرزين بالمراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين، يضاف إليهم حوالي 30بالمائة من أساتذة التعليم الثانوي يدرسون مواد باللغة العربية. وعلى مستوى التعليم المدرسي الخصوصي، أشار بنموسى إلى أن هذا الأخيرشهد خلال السنوات الأخيرة، تطورا كميا كبيرا ساهم في تعزيز مكانته وتأكيد دوره في تعميم التعليم والرفع من جودته بالمملكة، حيث انتقل عدد التلاميذ من 224 ألف و575 تلميذا وتلميذة برسم الموسم الدراسي 2000-2001 إلى مليون و 563 ألف و34 تلميذا وتلميذة برسم الموسم الدراسي 2020-2021، مما يشكل نسبة 13,8 بالمائة من مجموع التلاميذ المتمدرسين. في المقابل، يبرز الوزير، عرف قطاع التعليم المدرسي الخصوصي ظهور صعوبات وإكراهات همت بالأساس العلاقة مع أمهات وآباء وأولياء التلميذات والتلاميذ، حيث أبان تفشي جائحة كورونا عن عدد من الخلافات بين الأسر والمؤسسات التعليمية الخصوصية والتي أثارت عددا من التساؤلات حول امتداد وصاية الوزارة على هذه المؤسسات الملزمة بمبادئ المرفق العام. كما همت هذه الصعوبات التدبير التربوي والإداري لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، ومدى تحقيق الأهداف المنتظرة منه في المساهمة بشكل فعلي في تعميم التعليم والرفع من جودته وتحقيق شروط المنافسة بين مؤسساته. وبعد أن استحضر مضامين الدراسة التي أنجزها مجلس المنافسة بشأن التعليم الخصوصي، أشار الوزير إلى أنه تم عقد لقاء مع رئيس المجلس والأعضاء الذين أشرفوا على إنجاز هذه الدراسة، وذلك قصد مناقشة مضامين رأي المجلس والتفاعل مع مقترحاته وتوصياته وإدراج أهم مخرجات الوثيقة في الرؤية الإصلاحية قيد الصياغة، لافتا إلى أن الوزارة تأخذ بعين الاعتبار أهم توصيات المجلس أيضا في صياغة القانون المتعلق بالتعليم المدرسي الخصوصي. أما بخصوص الرياضة المدرسية، فأكد المسؤول الحكومي حرص الوزارة، بتعاون مع الجامعة الملكية المغربية للرياضة المدرسية، على إعطاء دفعة كبيرة للرياضة المدرسية إيمانا منها بالدور الهام الذي تلعبه في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتكوين مواطن الغد بشكل يسمح له بالاندماج في الحياة الاجتماعية، فضلا عن تأثيرها الإيجابي على صحته البدنية والنفسية ومساهمتها في محاربة كل أشكال التطرف والعنف. وسجل أن ربط الرياضة بقطاع التربية الوطنية يترجم مدى اهتمام الحكومة بهذا المجال نظرا للارتباط الوثيق بين الدراسة والرياضة، وهو ما دعا إلى دمج الرياضة مع التعليم في نفس الحقيبة الوزارية، مضيفا " لقد حان الوقت لإقرار منظومة للحكامة الرياضية تجعل الوزارة ومختلف الشركاء المعنيين واللجنة الوطنية الأولمبية والجامعات الرياضية المغربية تشتغل وفق برامج تعاقدية وأهداف مسطرة في احترام تام لمعايير التدبير الجيد والمواكبة والتأطير". واعتبر الوزير أن الاستثمار في إنتاج الأبطال الرياضيين يقتضي انفتاح الرياضة الوطنية على الرياضة المدرسية وكذا الاهتمام بالرياضة القاعدية، بما يتيح توسيع قاعدة الممارسة وتكوين الأبطال في الرياضات ذات المستوى العالي مؤكدا أن هذا الأمر هو صلب اهتمام واشتغال الوزارة في برنامج عملها المتعلق بالرياضة. وفي سياق متصل، شدد بنموسى على أن الشغب في الملاعب الرياضية يعد من الظواهر التي تؤثر بشكل سلبي على الرياضة بالمملكة، وذلك نتيجة التهديد الذي يقع على أمن الأفراد وممتلكاتهم، سواء داخل الملاعب الرياضية أو خارجها، مشيرا الى أن هذه الظاهرة تتجلى بشكل كبير على مستوى كرة القدم من خلال حالات الشغب التي سادت بعض المباريات. وأفاد بأن الوزارة أعدت مجموعة من الإجراءات لاستئصال هذه الظاهرة من الملاعب الرياضية، وتتعلق بالأساس التنظيمي للجان التنسيق والإشراف على سير المقابلات الرياضية، وذلك بهدف وضع الإطار المؤسساتي لتمكين جميع المتدخلين في تدبير المقابلات الرياضية من الاضطلاع بالمهام المنوطة بهم، كل في مجال اختصاصه.