تفاجأ المغاربة بلهيب زيادة جديدة في الأسعار كان مصدرها هذه المرة المحروقات. إذ عند منتصف ليلة أمس الأربعاء، تغيرت الأثمان في اللوحات الإلكترونية لمحطات وقود لترتفع في بعضها ب 0.70 سنتيم في مادة الغازوال و1.20 في البنزين، لتضعهم هذه القفزة، المتوقع أن تكون أعلى في المقبل من الأيام نتيجة ما يشهده السوق العالمي من تقلب متواصل، أمام تصاعد إضافي في كلفة التنقل بالسيارات الخاصة، أيقظت صفعتها، فئات واسعة، لتتوجه بتفكيرها في البحث عن حلول وبدائل أخرى في التنقل، لتفادي تحميل جيبه عبء لا قدرة له عليه، ومنها «الجماعية» و»الهادئة»، كالمشي واستعمال الدراجات الهوائية، والتي باتت من السلوكيات التي يشجع عليها كواحدة من الخيارات العملية في تفادي مشاكل النقل، بينما ذهبت مؤسسات إلى استحضار تفعيل «العمل عن بعد» كخيار للتعاطي مع هذه الظرفية. وبهذا الخصوص، قال بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك، إن «الوقت قد حان لإعادة النظر في سلوكنا الاستهلاكي حتى نتأقلم مع الظرفية العصبة التي نعيشها»، مشيرا إلى أنه «لا يمكن أن نستمر في ذلك التبذير الذي انطلق في بداية هذا القرن». ومضى مفسرا «العالم كاملا كان يستهلك بوفرة لوجود الوفرة. لكن عندما تسجل هناك ندرة فذلك يستدعي التفكير أكثر من مرة في التقليل من نهج سلوك معين أو التخلي عنه.. وهذا ما يجب أن يكون حاليا». وأضاف الخراطي، في تصريح ل «الصحراء المغربية»، «فرطنا في وسائل التنقل الجماعية وذهبنا مع العقلية الأنانية الكلاسيكية في التنقل، والمطلوب اليوم تحسين هذه الوسائل والتحكم فيها، وأن لا يبقى يسودها الفوضى حتى يقبل عليها المواطن، الذي بات مدعوا إلى تغيير سلوكه في ظل موجة الارتفاع المستمرة في الأسعار». وشدد رئيس الجامعة الوطنية لحماية المستهلك على ضرورة انخراط وسائل الإعلام في هذه العملية، مؤكدا على «ضرورة تجندها في التحسيس بإعادة سلوكيات المستهلك المغربي لكي يتأقلم مع الظروف الحالية». كما دعا إلى ضرورة وضع قانون لمحاربة الإسراف. من جهته، قال علي شعباني، باحث في علم الاجتماع، إن «الأزمة تولد بعض الحلول الأخرى. وبما أننا نواجه اليوم مشكلة ارتفاع أثمان المحروقات، فبطبيعة الحال، وعند ربطها بدخل المواطن المغربي الذي لا يجعله قادرا على تحمل مثل هذه الزيادات، فلا بد له من البحث عن حلول، ومنها الإقبال على التنقل الجماعي والهادئ، والذي قد يكون مضطرا إليه»، مبرزا أن «الإنسان المغربي تعود دائما مع الزيادات في الأسعار أن يتكيف ويتعايش معها إذا لم يستطع مواجهتها»ّ. وذلك، يضيف شعباني في تصريح ل «الصحراء المغربية»، إما عبر «تقليص الاستهلاك أو إيجاد حلول أخرى تخفف عنه فاتورة الارتفاع»، موضحا أنه «عند الضرورة تكون هذه الأساليب هي ملاذ المغربي في مواجهة موجة الارتفاع.. وهو ما يسري حتى على الوقود ومشتقاته». بدوره، أكد الخبير الاقتصادي، عمر الكتاني، على أن المستهلك بات مطالبا بتغيير بعض سلوكياته الاستهلاكية، مبرزا أن الزيادات ما زالت مستمرة، وانعكاسها لن تقف عند حدود على أسعار الوقود بل ستمتد إلى باقي المواد، خاصة الغذائية منها. وشدد الكتاني، في تصرح ل «الصحراء المغربية»، على أن «السياسية الاقتصادية والاستهلاكية يجب أن تتغير»، مؤكدا على أن «الوضع الحالي يستدعي منا فهم الوضع جيدا واعتماد إجراءات واضحة للتعاطي معه». يشار إلى أن الحكومة، وفي خطوة منها لاحتواء لهيب أسعار المحروقات، ومخافة انعكاسها على تكلفة النقل، دعت إلى برمجة لقاء مع مهنيي النقل، لإيجاد صيغة قصد إعانتهم في هذه الظرفية، وتجاوز المرحلة الصعبة، والمحافظة على القدرة الشرائية.