أكد نور الدين بنسودة، الخازن العام للمملكة، أن إصلاح مجال الطلبيات العمومية، يفرض إعادة النظر في منهجيته، إلى جانب تغيير الثقافة المعمول بها، والاستناد إلى إرادة الإصلاح، داعيا إلى التسريع بتطوير مشاركة المقاولات الصغيرة والمتوسطة من خلال تبسيط اإجراءات التنظيمية والقوانين المعمول بها من قبل المقاولات العمومية. وكشف الخازن العام للمملكة، أن حوالي 300 مقاولة فقط هي التي تستفيذ من الطلبيات العمومية جراء التدابير المعتمدة حاليا، وأعلن أن مرصدا بهذا الخصوص سيعمل على تسليط الضوء على كيفية تدبير هذا المجال، لتشخيص العوائق التي تحول دون مشاركة المقاولات الصغيرة والمتوسطة في الطلبيات العمومية سوى بمعدل متواضع جدا. وأضاف في إطار ندوة للاتحاد العام لمقاولات المغرب عقدت في سياق "لقاءات الكتاب الأبيض" حول موضوع "الطلبيات العمومية، رافعة للتحول من أجل تنمية إنتاجية"، أن السلطات العمومية جعلت من إصلاح الطلبيات العمومية إحدى أهم رافعات استراتيجية تحسين مناخ الأعمال. وأبرز أن هذا المسار ركز على البعد المالي للمشتريات العمومية، بالنظر إلى الرهانات الميزانياتية وحجم النفقات العمومية، التي تتمخض عنها طلبيات الدولة، والجماعات المحلية، والمؤسسات والمقاولات العمومية. وأفاد بنسودة أن الدولة تضخ سنويا مبلغ 200 مليار درهم في الاقتصاد الوطني، الذي يعتبر ميزانيات استثمار الدولة، والجماعات المحلية والمقاولات والمؤسسات العمومية، وأضاف أن الدولة قامت بمجهود إضافي من خلال تخصيص 245 مليار درهم، وهو ما يمثل حسب الخازن العام للمملكة برسم 2022، أزيد من 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام. وأشار إلى أن غلاف ميزانية الاستثمار تتوزع حول موازنة الدولة (الميزانية العامة، الحسابات الخاصة للخزينة و" segma" خدمات الدولة المدارة بشكل مستقل) ب 88،9 مليار درهم، وصندوق محمد السادس للاستثمار ب 45 مليار درهم، والمؤسسات والمقاولات العمومية ب 92،1 مليار درهم، والجماعات المحلية ب 19 مليار درهم. وبخصوص التوزيع حسب الوزارات لميزانية استثمار الدولة، أكد بنسودة أن ميزانية التجهيز والماء تحظى ب 21 في المائة من المجموع أي 17،2 مليار درهم، متبوعة بوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات التي تخصص لها 15 في المائة، أي ما يعادل 12،6 مليار درهم، ووزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة التي تحصل على 10 في المائة، أي 8،4 ملايير درهم، تم وزارة الصحة 8,6 في المائة، ما يعادل 7.1 ملايير درهم، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل 8.1 في المائة، وهو ما يوازي 6.7 ملايير درهم، وأخيرا وزارة الصناعة والتجارة 5 في المائة، أي 4.1 ملايير درهم. عقب ذلك استحضر الخازن العام للمملكة، التوزيع حسب الجهات لمبلغ 19 مليار درهم من الطلبيات العمومية للجماعات المحلية، والتقسيم القطاعي لاستثمارات المؤسسات والمقاولات العمومية، وشدد على أن الإنجازات في مجال الاستثمار لم تصل بعد إلى مستوى التوقعات المعلن عنها. ولاحظ أن الدولة ورغم مجهوداتها في مجال إصدار نفقات الاستثمار، فإن التأخير في تنفيذ الجماعات المحلية لمشاريعها يظل دون حجم الميزانيات المرصودة لذلك، واعتبر أن هذا الأمر يؤثر على الاستثمار العمومي بشكل عام، موضحا أن الميزانيات المرصودة يمكن أن توجه لقطاعات أخرى هي في أمس الحاجة إليها. وأشار بنسودة إلى أن الاهتمام بإصلاح نظام الطلبيات العمومية ينبع، أيضا، من الرهانات الاقتصادية التي يختزنها، مبرزا أن هذه الطلبيات أضحت رافعة قوية للسياسة الاقتصادية، ودعم المقاولات، وتحقيق النمو الاقتصادي الوطني وإعادة توزيع الثروات. كما اعتبر أن هذه الطلبيات العمومية تساهم في تطوير مجال التشغيل ومحاربة البطالة، وتحقيق برامج اجتماعية موجهة للاستجابة لانتظارات المواطنين في ميادين التعليم والنقل والتنمية والرفاه، دون إغفاله لاهتمام السلطات العمومية بارتباط موضوع الطلبيات العمومية بمتطلبات السياسات الوطنية في ميدان حماية البيئة والنجاعة الطاقية وغير ذلك. وبعد استعراضه لمسارات إصلاح الطلبيات العمومية، أوضح أن رقمنة هذه الطلبيات يشكل للإدارة والمقاولات الرهان الأساسي لعصرنة ونجاعة الطلبيات العمومية، حيث استحضر في هذا السياق موضوع آليات تعزيز "آجال الأداء" والمجهودات المبذولة في هذا السياق. وتعزيزا لهذا التوجه، أفاد نورالدين بنسودة أنه خلال سنة 2022، تم تعميم الإيداع الإلكتروني للفواتير على جميع الطلبيات العمومية بغض النظر عن المبلغ. ومع ذلك، أشار إلى أنه بالنسبة للفواتير المتعلقة بالطلبيات العمومية أقل من 200000,00 درهم، يُترك الاختيار لتقدير ما إذا كانت الشركة ستقدم فاتورتها إلكترونيا أم لا، ولكن يلتزم صاحب المشروع بقبول التقديم الإلكتروني للفاتورة بغض النظر عن مبلغ الطلبية العمومية. وأوضح الخازن العام للمملكة خلال هذا اللقاء، أن آجال الأداء المتعلقة بالطلبيات العمومية، بلغت في المتوسط 18,6 يوما خلال سنة 2021 (19,25 يوما بالنسبة للدولة، و17,47 يوما بالنسبة للجماعات الترابية). وأوضح أن إحداث النظام الإلكتروني للفاتورات، أعطى ثماره، فيما يخص تقليص متوسط آجال الأداء للطلبيات العمومية، من قبل الدولة والجماعات الترابية. فقد تم، بالنسبة لكافة الطلبيات العمومية، تخفيض الآجال في المتوسط من 27,6 يوما خلال 2017، إلى 18,6 يوما خلال 2021، بما في ذلك 19,25 يوما بالنسبة للدولة، و17,47 يوما بالنسبة للجماعات الترابية". وأضاف أنه في ما يخص الصفقات العمومية، فقد تم تقليص الآجال في المتوسط، من 58 يوما خلال 2017 إلى 33,9 يوما خلال 2021، بما في ذلك 32,83 يوما بالنسبة للدولة، و37,4 يوما بالنسبة للجماعات الترابية. وحول تطور التقديم الإلكتروني، أشار الخازن العام للمملكة، إلى أن عدد الردود الإلكترونية المودعة عبر بوابة الأسواق العامة، شهد ارتفاعا كبيرا، منتقلا من 2.094 خلال 2017 إلى 82.609 خلال 2021. واستطرد مبرزا أن استخدام المزادات الإلكترونية العكسية، شهد تطورا ملحوظا، حيث انتقل من 606,5 مليون درهم سنة 2017، إلى 3,3 ملايير درهم خلال 2021، مسجلا أن المدخرات المحققة بالاعتماد على هذه العملية، تقدر بنحو 1,08 مليار درهم خلال السنوات الخمس الماضية. من جانبه تطرق خالد سفير، الوالي المدير العام للجماعات المحلية، إلى الاهتمام الموصول لوزارة الداخلية من أجل تحسين مناخ الأعمال، مستشهدا بالقانون الجديد لمراكز الاستثمار، واعتماد الشباك الوحيد، والقانون 55 19 لتبسيط المساطر بالجماعات المحلية من قبيل بوابة "رخص". وبخصوص آجال الأداء أكد سفير أنه من المهم بعد الأزمة الصحية من وضع هيئة للحكامة للنظر في تظلمات المقاولات. وتحدث عن استطلاع للرأي بخصوص بوابة "رخص" الذي ستعرض نتائجه لاحقا، موضحا أن نتائجه كشفت أن 80 في المائة من الإداريين بالجماعات الترابية راضون عنها، و50 في المائة من المهندسين كذلك.