في الوقت الذي كانت تتم مراسيم تشييع جنازة الطفل ريان، أمس الاثنين، عقب سقوطه داخل بئر جافة بعمق 32 متراً، في قرية "إغران"، بجماعة تمروت بشفشاون، تناقلت مواقع إخبارية وفاة طفل آخر، يبلغ سبع سنوات، إثر سقوطه هو الآخر في بئر بعمق 50 مترا، بقرية "السبت" ببلدية "مقام الطلبة"، ضواحي تيفلت، وهو الخبر الذي أكده مراسل "الصحراء المغربية" بالخميسات من أمام المستشفى الإقليمي للمدينة، حيث نُقل إليه قصد التشريح الطبي، في حين لم تصدر أي معلومات إضافية من طرف السلطات المحلية. ما يعني أن قضية الطفل ريان لن تكون الأخيرة في لائحة ضحايا حوادث الآبار في المغرب. إن بحثا بسيطا على موقع "غوغل"، سيجعلك أمام كم هائل من قصص مأساوية لأطفال مغاربة، وبالغين، وحيوانات أيضا، سقطوا عرضا في آبار مهجورة أو قيد التشغيل حيث فقدوا حياتهم غرقا أو اختناقا. إن واقع حفر الآبار العشوائية في المناطق القروية بالمملكة تشكل خطرا كبيرا ليس فقط على سلامة المواطنين، بل أيضا على مستوى الفرشة المائية المهددة بالنزيف. والأدهى من ذلك أن ملاك الأراضي في العديد من المناطق القروية، عندما ينتهون من حفر آبارهم لا يكلفون أنفسهم عناء تسييجها، إذا كانت صالحة، أو ردمها إذا ثبت أنها جافة، وهذا الإهمال، يؤدي، حسب رشيد حدوز، رئيس شركة "آش زون سيرفيس" المتخصصة في حفر الآبار، في حصد "ضحيتين على الأقل كل شهر". ما يعني أن السلطة المسؤولة عن إصدار الترخيص يجب أن تحدد بوضوح الإجراءات التي يجب أن يتخذها المالك عندما ينتهي من تشغيل بئره، وإجباره على التوقيع على التزام ضمن طلب الترخيص، يتعهد من خلاله، بإحاطة البئر بحاجز وقائي لتجنب الحوادث والحفاظ على المياه من مخاطر التلوث. أن نفقد 24 شخصا كل سنة في قعر الآبار بسبب غياب وسائل الحماية المعمول بها عالميا، فهذه كارثة حقيقية قد تمتد في المستقبل إذا لم تسن الدولة قوانين تجريمية، وليس فقط تأطيرية، في حق الراغبين في حفر الآبار في أراضيهم الفلاحية أو داخل فيلاتهم بالمناطق الحضرية. وهو الأمر الذي لفت إليه البرلماني المهدي الفاطمي عن حزب الاتحاد الاشتراكي، ورئيس جماعة مولاي عبد الله بإقليم الجديدة، عندما توجه بسؤال كتابي إلى وزير التجهيز والماء حول مشكلة الآبار المفتوحة وخطورتها، حيث سلط في سؤاله الضوء على واقع حفر الآبار العشوائية في المناطق القروية بالمملكة، بالنظر إلى الخطر الذي تشكله على سلامة المواطنين من جهة، والتحدي الذي تطرحه على مستوى الفرشة المائية من جهة ثانية، "خصوصا أن الدولة لا تتوفر على دراسة إحصائية مضبوطة بخصوص أعداد الآبار التقليدية المهترئة التي لم تعد صالحة للاستعمال، في ظل تنامي أزمة العطش بالعديد من الدواوير الجبلية". في العديد من المناطق القروية، عندما ينتهي ملاك الأراضي من حفر آبارهم لا يكلفون أنفسهم عناء تسييجها، إذا كانت صالحة أو ردمها إذا ثبت أنها جافة. الأكيد، حسب القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء، أن مسؤولية حماية الآبار، سواء كانت مشغلة أو مهجورة، تقع على عاتق المالك، ومع ذلك، فإن هذا لا يعفي الدولة من مسؤولية المراقبة وإعداد التقارير عن الجرائم المرتكبة أثناء استخدام المياه واستغلالها في المجال المائي، وهذا ما يفترض أن تقوم به شرطة المياه، خصوصا أن هناك عددا كبيرا من الآبار السرية في المغرب التي لا تتوفر على تراخيص، سيما في المزارع النائية، التي يصعب الوصول إليها.