مع عودة العمل بتدابير احترازية اعتمدت لمكافحة الجائحة آخرها منع جميع المهرجانات والتظاهرات الثقافية والفنية، بدأ يطرح بقوة سيناريو إعادة تفعيل احتياطات وقائية إضافية لتعزيز الاحتياطات في مواجهة (أوميكرون)، والتي توزعت التكهنات بشأن طبيعتها بين ترجيح احتمال أن تكون مقيدة لأنشطة اجتماعية واقتصادية بمستوى متوسط، بما يتناسب وتدعيم الطوق الصحي المضروب لمنع تسلل المتحور الجديد إلى تراب المملكة، أو بشكل مشدد في حالة ما إذا اكتشفت أولى حالات الإصابة. وذلك ما لم يعد مستبعدا في أذهان المغاربة، إذ باتت تغلب على نقاشاتهم الثنائية في العالمين الواقعي والافتراضي، منذ نهاية الأسبوع، المدى الذي قد تصله عملية التدرج في الرجوع إلى إقرار إجراءات توقف سريان مفعولها مع تجاوز موجة «دلتا»، وذلك دون إغفال استحضار أكثرها إثارة للتوجس وهي «الإغلاق»، الذي لطالما نبه إلى أنه يبقى واردا جدا في أكثر من مناسبة، سواء من مسؤولين صحيين أو خبراء، وقد يلجأ إليه حماية لحياة المواطنين في حالة ما إذا سجلت انتكاسة وبائية، والتي حذر من إمكانية وقوعها مع التأكيد على أن الإقبال على التلقيح هو السبيل الوحيد لتفاديها. لكن قبل المرور إلى التساؤل حول إمكانية تنزيل هذا القرار الصعب، كانت تجد الغالبية نفسها أمام تداول سيناريوهات أخرى يرون بأن مؤشرات تحققها في تزايد. ومن أبرزها احتمال الذهاب في تجاه منع إقامة أنشطة أخرى، على أن تمتد المقاربة المعتمدة لتشمل تحديد توقيت إغلاق وفتح بعض الفضاءات لأبوابها، خصوصا مع اقتراب موعد دخول السنة الميلادية الجديدة. وما يجعل هذه السيناريوهات قائمة ومتوقعة الحدوث، التعقيد الكبير الذي يطرحه استمرار ضعف وتيرة التلقيح، إذ يضع تدبير الاستراتيجية الاستباقية المتبعة أمام خيارات وقائية محدودة. ففيما لا يزال هدف تحقيق المناعة الجماعة يحتاج إلى أخذ أزيد من 4 ملايين من الفئات المستهدفة لجرعاتهم، وفق ما أكده عضو في اللجنة العلمية والتقنية، ل «الصحراء المغربية»، فإن نسبة المستفيدين من الجرعة الثالثة من الأشخاص الذين تفوق أعمارهم 65 سنة، تقل عن 30 في المائة، بينما تنخفض إلى 21 في المائة بالنسبة للفئات العمرية البالغة 60 سنة فما فوق، يضيف المصدر نفسه. ويؤكد أن هذه الفئة تطرح إشكالا حقيقيا نظرا للمعاناة الصحية التي قد تواجهها في حالة الإصابة بالفيروس، والتي هي في غنى عنها، مشددا على ضرورة الانخراط في التطعيم، والذي يبقى السلاح الأكثر فعالية للتصدي للتقلبات الوبائية والسبيل الوحيد للخروج من الجائحة. كما أشار إلى أن التدابير الاحترازية التي تتخذها المملكة لمواجهة الوباء ليست بالسهلة، نظرا لتكلفتها المادية والنفسية والاجتماعية، وتستدعي مساهمة جدية من كافة المواطنين في الحملة للوصول إلى المناعة الجماعية. ويتوفر المغرب على مخزون من لقاحات (كوفيد-19) يفوق 13 مليون جرعة، كافية لتطعيم الفئات التي لم تلقح بعد. وحسب ما توفر ل»الصحراء المغربية» من معطيات، فإن المملكة ما زال أمامها تسلم 3 ملايين و600 ألف جرعة من لقاح «فايزر» الأمريكي، حتى تستكمل الكمية المتفق مع الشركة المصنعة على اقتنائها والمحددة في 10 ملايين جرعة. وفي القريب، ستكون على أبواب تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللقاحات، وذلك بشروعها في تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لفيروس (كورونا) المستجد (سينوفارم)، وهي العملية المتوقع أن تنطلق، في الأسابيع المقبلة. وسيدخل المغرب غمار إنتاج اللقاحات بتصنيع خمسة ملايين حقنة من «سينوفارم» الصيني شهريا داخل مختبرات شركة «سوطيما» المتخصصة في صناعة الأدوية. قبل مضاعفة هذه القدرة تدريجيا على المدى المتوسط، باستثمار إجمالي قدره 500 مليون دولار.