قال محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدارالبيضاء، إن العنوان العريض الذي يمكن أن نعطيه لانتخابات 2021، هو العودة القوية لحزب التجمع الوطني للأحرار بالانتقال من 37 مقعدا في انتخابات 2016، إلى 97 مقعدا في الانتخابات الحالية، أي بزيادة 60 مقعدا. وسجل زين الدين، في تصريح ل"الصحراء المغربية"، بخصوص تكهناته بشأن التحالفات المقبلة لتشكيل الحكومة، أن الطريق ستكون معبدة بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار المتصدر لتشكيل الحكومة، وأضاف "بلغة الأرقام نجد أنه يمكن تشكيل الحكومة من الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الاشتراكي بأغلبية مريحة نوعا ما مكونة من 292 نائبا من أصل 395". كما يمكن، يضيف زين الدين، أن تشكل الأحزاب الثلاثة المحتلة للمراتب الأولى الحكومة المقبلة، ويتعلق الأمر بالأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال. وأوضح أن الانتخابات أفرزت سقوطا مدويا وتاريخيا لحزب العدالة والتنمية بفعل التصويت العقابي الواعي والمسؤول من قبل الناخب المغربي. وأوضح الدكتور زين الدين أن هذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن صوت المواطن أصبح يلعب دورا أساسيا في تحقيق المردودية السياسية لدى الأحزاب السياسية، ومساءلتها بشكل عام. وأفاد أن النتيجة بالنسبة لحزب التجمع الوطني للأحرار، لم تكن مفاجئة بالنظر إلى أنه قام بجاهزية قوية جدا للحزب منذ 5 سنوات من خلال قافلة 100 يوم، ومعرفة تطلعات ورغبات المواطن المغربي، كما حافظ على بنيته الانتخابية من خلال الأعيان، لكنه طورها، أيضا، من خلال استقطاب الشباب، إلى جانب حضوره القوي جدا على مستوى التواصل السياسي بمختلف أشكاله سواء التقليدية أو العصرية، وهذا ما جعله يحقق هذه النتيجة. وسجل المحلل السياسي، أيضا، تحسنا ملحوظا على مستوى النتائج بالنسبة لحزب الاستقلال، الذي استطاع أن يحتل المرتبة الثالثة، مشيرا إلى أن حزب الميزان حسن وضعيته بشكل كبير من خلال عودة قوية لمعاقله الانتخابية الرئيسية، بعدما كان فقدها بشكل كبير في الاستحقاقات الماضية مع حميد شباط، بيد أنه اليوم يعود إلى اكتساب معاقله الانتخابية، كمدينتي فاس والدارالبيضاء. أما حزب الأصالة والمعاصرة، فيرى زين الدين أنه حافظ على مرتبته السابقة في انتخابات 2016، وإن فقد 20 مقعدا بالمقارنة مع الاستحقاقات السابقة. وعزا أستاذ العلوم السياسية أسباب سقوط حزب العدالة والتنمية، إلى تصويت عقابي واع ومسؤول من قبل الناخب المغربي، خصوصا الطبقة الوسطى التي تعتبر هي قطب الرحى بالنسبة لهذا الحزب، وهي التي بوأته المرتبة الأولى في انتخابات 2011 و2016. كما ذكر أنه لم يكن هناك تعامل إيجابي من قبل الحزب مع هذه الطبقة من خلال سياسته العقابية لها، وهو ما يتجسد في صيغ متعددة كصندوق المقاصة، وعدم تسقيف أسعار المحروقات، وفي علاقته المتوترة مع مجموعة من مكونات الطبقة الوسطى من الممرضين والأساتذة والمتقاعدين، مشددا على أنه من الطبيعي أن نرى هذا التصويت الانتقامي ضد الحزب الذي فقد فيه مكانته من المرتبة الأولى إلى المرتبة الثامنة. وشدد محمد زين الدين على أن هذا السقوط كان حدثا مفاجئا، وستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل الحزب الذي لا يستطيع تشكيل حتى فريق برلماني، مؤكدا أن هذا التحول للحزب، سيؤثر لا محالة على بنيته، ويمكن أن نشهد انقساما داخليا واستقالات وأمور أخرى، بفعل تأثير هذا السقوط المدوي. وتوقع، أيضا، إمكانية خروج حزب الأصالة والمعاصرة إلى المعارضة، لأن طريق تشكيل الحكومة بأغلبية مريحة ستكون معبدة بالنسبة لحزب الأحرار، مشددا على أن الصعوبة الآن تكمن في من سيقوم بالمعارضة في ظرفية سياسية دقيقة من تاريخ المغرب، تتطلب بقدر ما تكون لديك حكومة قوية، بقدر ما يجب أن تكون لديك معارضة أقوى. وأبرز زين الدين أن نسبة المشاركة كانت مرتفعة مقارنة مع الاستحقاقات الماضية، إذ سجلنا في سنة 2002 نسبة 37 في المائة، وفي 2011 نسبة 45 في المائة، وفي 2016 نسبة 43 في المائة، ووصلنا اليوم إلى 50 في المائة، في ظل وضعية صحية صعبة جدا. وأكد أن هذه النسبة تعكس مسألة أساسية للغاية، وهي أن المغاربة لديهم ثقة كبيرة في مؤسساتهم الدستورية، وفي عزمهم الأكيد على المضي قدما في تكريس الخيار الديمقراطي، رغم ثقل التحديات الداخلية والخارجية، ورغم أننا نمر بمناخ إقليمي مضطرب، بحيث توجد بالمنطقة المغاربية دول ضائعة لا داعي لذكر اسمها. وأوضح أنه حتى في الدول العريقة بالديمقراطية سجل تراجع بفعل الجائحة في نسب المشاركة، فمثلا في الانتخابات الإقليمية الفرنسية سنة 2016 بلغت نسبة المشاركة 49 في المائة، وخلال هذه السنة تراجعت إلى 26 في المائة، بينما استطاع المغرب أن يصل إلى تسجيل نسبة 50.35 في المائة، وهي نسبة لها دلالة كبيرة جدا. وخلص أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية إلى التأكيد على أن المغاربة لديهم رغبة في تجديد مؤسساتهم الدستورية، وإحداث تغيير منشود يحقق لهم انتظاراتهم المشروعة.