وسجل المتدخلون في ندوة جهوية، نظمتها رابطة المحامين الاستقلاليين، مساء الجمعة المنصرم بالدارالبيضاء، تحت عنوان "منظومة العدالة وحقوق الإنسان"، أن المحاماة "واجهة حقيقية لمناهضة أبشع صور التسلط والظلم، ورافعة أساسية لدعم دولة القانون والحق"، مشيرين إلى أن هذه المهنة تتطلب اهتماما خاصا، لأن "مهمة الدفاع عن استقلاليتها ليست شأنا مهنيا صرفا، وإنما حاجة مجتمعية تندرج في صلب مقومات الدولة الحديثة، ومرتكزات البناء الديمقراطي، ومدخلا لتحقيق التنمية الاقتصادية". وخلال الندوة العلمية، التي نظمت في إطار استعدادات حزب الاستقلال لعقد الملتقى الوطني الأول للأطر والكفاءات، ركز المتدخلون على "إشكالية استقلالية القضاء والمحاماة، والشروط الحقوقية اللازمة من أجل ضمان محاكمة عادلة"، بالإضافة إلى التأكيد على أن "نزاهة منظومة العدالة تعد من الشروط الأساسية التي يمكن أن تؤثر بمنحى إيجابي على عملية التنمية". وتساءل المشاركون حول "ماهية إصلاح منظومة العدالة، وما عاشته من إكراهات وعثرات، ودور الدولة في تخليق القضاء وتحصينه من الارتشاء واستغلال النفوذ". في السياق ذاته، قال خالد الطرابلسي، رئيس رابطة المحاميين الاستقلاليين، إن الندوة انبثقت عن الخطاب الملكي حول إصلاح منظومة العدالة، التي تعد العمود الفقري لجميع المجالات الاخرى. وأضاف الطرابلسي، في كلمة بالمناسبة، أن "منظومة العدالة تحظى باهتمام مجتمعي ودولي، يتجسد في مضامين المواثيق الدولية في ما يتعلق بمهنة المحاماة، واضعة أصبعها على المجال المهني للمحامين، ومركزة على ضوابط المحاكمة العادلة، وفي ما يتعلق بالاهتمام بالمبادئ الأساسية لاستقلالية السلطة القضائية، ودور النيابة العامة، التي ساوت الاتفاقيات الدولية بالعدل بين جميع الفرقاء. وقال رئيس رابطة المحامين الاستقلاليين "نحن في أمس الحاجة إلى الجمعيات الحقوقية للدفاع عن المحاماة واستقلاليتها"، معبرا عن أسفه من التداخل بين المحامين والنيابة العامة، والتفريق بين مسطرة المتابعة والعقاب وبين مسطرة التأديب، واصفا حضور النيابة العامة في المجالس التأديبية للمحامين ب"الشرطي" أو "الدركي" الذي يراقب تبعات العقوبات، داعيا إلى فصل السلط واستقلالية هيئة المحامين عن النيابة العامة. وشددت مداخلات كل من عبد اللطيف الحاتمي، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن استقلالية القضاء، وخالد خالص، رئيس الجمعية المغربية لاستقلال المحاماة، وعبد العزيز النويضي، محام بهيئة الرباط، على ضرورة الإصلاح، مبرزين أن دعم وتعزيز استقلال المحاماة يجد مبرراته القوية في طبيعة الوظائف والأدوار المنوطة بالمحامي، وفي "طليعتها سعيه الدائم والحثيث إلى العدل، واعتباره في صميم واجباته حتى أصبح من المتعارف عليه القول إنه لا عدل بغير قضاء، ولا قضاء بغير محاماة"، مركزين على ضرورة "إعطاء صورة أخرى عن القضاء بالمغرب، لإرجاع الثقة فيه لدى المواطن ولدى الفاعلين الاقتصاديين"، مؤكدين أن القطاع تعتريه "العديد من النواقص، في مقدمتها خضوعه وتبعيته للسلطة التنفيذية".