صدر عن منشورات "بيت الشعر بالمغرب" ديوان شعري جديد للشاعر والناقد المغربي رشيد الخديري، موسوم ب"سلالم ضوء". الديوان يقع في 62 صفحة من الحجم المتوسط، ويضم بين دفتيه 16نصا شعريا، نذكر من بينها "رؤيا الحلاج"، و"مخطوط الرمل"، و"لحن سماوي"، و"ذئب البحتري"، و"هيلين..رائحة البحر"، و"سيرينادا"، و"التروبادور ثانية"... ويعتبر الخديري ديوانه الرابع امتدادا جينيا لمشروعه الشعري الذي، بدأ أواخر التسعينيات من القرن الماضي، إذ لا يمكنه فصل هذه التجربة الجديدة عن باقي التجارب السابقة، مع إيمانه الراسخ بقيمة هذا المشروع في شموليته، والذي يقول بشأنه " أحاول تثبيت هذا الإنجاز عن طريق الاشتغال أكثر على المتخيل الشعري في علاقته بالذات، هذه الذات المتشظية، القلقة دوما، تحاول الانفلات من قيود المادة، والانطلاق نحو أفاق الكتابة بكل الجوارح، في هذا الديوان. وعكس الأعمال الأخرى هو بمثابة كوة صغيرة لدخول الضوء وتطهير ذاتي من كل ما يشوبها من علل ونواقص، وبالتالي، لا يمكننا قراءة هذا العمل إلا بقراءة ما سبق حتى نتمكن من استكناه الغور، واستضمار كل الأنساق التخيلية والتعبيرية، والمعرفة التي يمررها هذا الديوان في مختلف تجلياته الجمالية والدلالية. يتميز الديوان الرابع بالعزف على وتر المفارقة والغيرية، وبتوزيع أفقي وعمودي للدفق الشعري-الشعوري داخل كل نص، وما يستتبع ذلك من انحياز واضح لتيمة الضوء على باقي التيمات الأخرى، هذه التجربة يسميها الشاعر "تجربة الضوء مقابل العتمة، الحياة مقابل الموت"، معتبرا هذا العمل ديوانا شعريا طافحا بالتضاديات، ومنشغل أكثر بتأثيث الأفضية بما يناسبها من بوح شفيف. الشعر بالنسبة للخديري هو "الرئة التي يتنفس بها"، فيقول في نص قصيدة "سلالم ضوء": "الشعر تمرين... الشعر هوس.. الشعر ليس شيئا آخر غير عزف على آلة الجنون.." ونقرأ على ظهر الغلاف أن "عوالم نصوص هذه المجموعة مكتنزة بما هو ذاتي يعري معاناة الوجود في حياة منذورة للمفارقات الحادة، مثلما هي مكتنزة بما هو موضوعي يجعل التواصل مع الآخر متاحاً بدرجات متفاوتة، هكذا يجري المعنى المحول في مسارب الكلمات والعبارات، بدفق واضح، يجعل من إمكانيات التأويل مأدبة للاستمتاع والتقاسم، وهذا ما يعطي لهذه التجربة ميزة النضج المفتقدة في ما يكتب اليوم من نصوص ممعنة في الإبهام". لا يكتفي الخديري بالشعر، بل يشتغل في مجال النقد الذي، برأيه، يأتي في سياق التمارين المحايثة للعملية الإبداعية، "إنه عقد شرعي بينهما، رغم أن لكلا المجالين آليات وضوابط، لكنني أحرص كل الحرص، عند كتابة الشعر، التجرد الكامل من معاول النقد، وليس المقصود هنا النقد باعتباره آلة هدم، بل عملية تقويمية لأخطائنا، رغم أنه من الصعب ممارسة النقد دون أن نزعج أحدا". يذكر أن "سلالم ضوء" هو الديوان الرابع في مسار الشاعر بعد "حدائق زارا" (2008)، و"خارج التعاليم، ملهاة الكائن" (2009)، و"الخطايا والمرآة" (2012)، بالإضافة إلى مجموعة من الأعمال النقدية: "الطرديات في الشعر العربي" (2014)، "الدرامي والغنائي في الشعر المغربي المعاصر، أنثى المسافات أنموذجا" (2014)، "التراث النقدي عند العرب، آلياته وإشكالاته" (2015). ورشيد الخديري، المزداد سنة 1978 بالدارالبيضاء، حاصل على الإجازة في الأدب العربي بالمحمدية. يتابع حاليا دراسته بسلك الماستر، تخصص الأدب العربي والمثاقفة. عضو اتحاد كتاب المغرب، وحركة الشعر بالشيلي. ينشر نصوصه ومقالاته بمجموعة من المنابر الإعلامية المغربية والعربية. حصل على عدة جوائز، مثل جائزة ملتقى قصيدة النثر بالقاهرة، عن ديوان "خارج التعاليم، ملهاة الكائن" سنة 2009، وجائزة بيرق يافع للشعر المنثور، سنة 2012، وجائزة المتكأ الثقافي للقصة القصيرة جدا بالبحرين، سنة 2012، وجائزة فاطمة السنوسي للقصة القصيرة جدا بالسودان، سنة 2013، وجائزة الهيلالي للشعر بفرنسا، سنة 2015، كما حظي بتكريم دائرة الشارقة والإعلام بالقنيطرة سنة 2012، وله عدة إصدارات تتوزع بين الشعر والنقد.