في أربعينيات القرن الماضي، تحت سلطة الحماية الفرنسية، لم يكن تمدرس الفتيات بالمغرب أمرا بديهيا، لكن والد فاطمة المرنيسي، الفقيه الفاسي، المتحدر من قبيلة مرنيسة، شمال تازة، سجل ابنته، المزدادة سنة 1940، في أولى مدارس الحركة الوطنية الخاصة، بعد أن استأنست بالحروف واكتشفت سحرها في الكُتّاب. وإذا كانت مدينة فاس ومعمارها رسما ملامح الوعي الأولى والأولية لدى فاطمة، فإن طموحها لم يقف عند أسوارها، إذ انتقلت لمتابعة دراستها الثانوية بالرباط، ثم الدراسات الجامعية في الفلسفة وعلم الاجتماع بفرنسا والولايات المتحدة. وفي ثمانينات القرن الماضي التحقت أستاذة بجامعة محمد الخامس بالرباط، وباحثة بالمعهد الوطني للبحث العلمي بالرباط، حيث أشرفت على عشرات الأطروحات الجامعية، وساهمت في تكوين أفواج من الباحثين والباحثات في علم الاجتماع. لم يشغل التدريس "شهرزاد المغربية" عن البحث الأكاديمي، بل جعلت منه مدخلا للغوص في مجالات دقيقة من التراث الإسلامي، مسلحة بصرامة البحث العلمي، وخلفية النضال الثقافي، إذ حرصت على معالجة مشكلة المرأة بقدر كبير من الجدية والجرأة، أمام "الثقافة الذكورية" السائدة، انطلاقا من مساءلة مصادر تراثية كثيرة، بهاجس تمكين المرأة العربية والإسلامية، شهرزاد الأزمنة الحديثة، من النهوض والتطور، والارتقاء من وضع شهرزاد، الجارية في حريم شهريار ألف ليلة وليلة، إلى مرتبة المرأة الكاملة المواطنة، والفاعلة في المجتمع وفي الحياة. في الميدان، ناضلت فاطمة المرنيسي في إطار المجتمع المدني من أجل المساواة وحقوق النساء، فأسست قوافل مدنية، ومبادرة "نساء، عائلات، أطفال"، وفي ماي 2003، حصلت على جائزة أمير أستورياس الإسبانية للأدب، وفي نونبر 2004 حازت جائزة "إراسموس" الهولندية، مع المفكر السوري صادق جلال العظم، والإيراني عبد الكريم سوروش، حول "الدين والحداثة"، واختيرت في 2003 عضوا في لجنة الحكماء لحوار الحضارات. كتبت فاطمة المرنيسي بالفرنسية والعربية والإنجليزية، ومن أبرز أعمالها المنشورة: الحريم السياسي، النبي والنساء، والإسلام والديمقراطية، وما وراء الحجاب، وشهرزاد ترحل إلى الغرب، وأحلام نساء الحريم، وهل أنتم محصنون ضد الحريم؟، وشبه سيرة ذاتية بعنوان "نساء على أجنحة الحلم".