عرفت محطة أوكايمدن، التي تبعد ب 60 كيلومتر عن مدينة مراكش، خلال الأيام الأخيرة تساقطات ثلجية مهمة استبشر بها السكان خيرا في إنعاش الاقتصاد المحلي الذي تضرر بسبب جائحة كوفيد 19، وذلك عبر تشجيع المواطنين على زيارة هذه الجبال وقضاء أوقات ممتعة وسط الجبال والثلوج فضلا عن تذوق الأكلات الجبلية التي تشتهر بها المنطقة. ويترقب أهالي هذه المنطقة بكل شغف انطلاق الحملة الخاصة بالتلقيح ضد فيروس كورونا المستجد والانخراط فيه لضمان مناعة ضد هذا الداء والعودة إلى ماكانت تعرفه جماعة أوكايمدن من حيوية اقتصادية وإقبال كبير لزوارها حيث يستكشف الزائر خلال الإقامة بهذه المحطة السياحية، نمط العيش الذي يتناغم مع هذه المنطقة، والتي تدعو المرء الى القيام برحلة للاستمتاع بوقت الحياة، مما يتيح الفرصة للزائرين للمس مصدر الرفاهية والاستسلام لهذا السكون التام وسط قمم الاطلس الكبير المكسوة بالثلوج. ومع أولى التساقطات الثلجية، التي اضفت برونقها الخاص على المشهد وزادته جاذبية، تدب الحركة بهذه المحطة الثلجية التي تصنف ضمن مئات المحطات الأحسن في العالم وتستعيد أنفاسها مرحبة باستقبال أفواج السياح المغاربة أو الأجانب عشاق السياحة الجبلية والرياضة الثلجية، باعتبارها أول محطة للتزحلق على الجليد بافريقيامن حيث مساحتها التي تقارب 300 هكتار. تداعيات كوفيد 19 على المنطقة بالرغم من التساقطات الثلجية المهمة التي شهدتها قمم أوكايمدن، إلا أن الحركة السياحية والاقتصادية ظلت نسبية في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، وتأثيره على القطاع السياحي الذي يساهم في إنعاش الموارد المالية لسكان المنطقة من خلال بيع المواد التي تشتهر بها المنطقة أو بيع لوازم التزحلق على الجليد والوجبات الغذائية. وأمام غياب الأنشطة الصناعية بالمنطقة تبقى السياحة الجبلية الملجأ الوحيد لسكان المنطقة، فهناك من يرافق السياح الأجانب ويتكفل بتنقلهم وإرشادهم وكراء بيوت إقامتهم ، لكن هذه السنة جرت الرياح بما لاتشتهي سفن سكان المنطقة ، الذين أجمعوا على أن فيروس كورونا قلبت كل الحسابات. يقول السعيد أحد أبناء المنطقة الذي يمتهن بيع لوازم التزحلق على الجليد، كانت محطة أوكايمدن في مثل هذه الفترة من السنة الماضية، تعج بالسياح المغاربة والأجانب الذين اعتادوا زيارة المحطة للاستمتاع بالمناظر الخلابة وجمالية التلوج التي كست الجبال والأشجار، إلا أن الوضع خلال هذه السنة مختلف تماما بسبب أزمة فيروس كورونا وما رافقه من إجراءات احترازية ، مما خيب آمال أبناء المنطقة الذين يعولون على هذه الفترة من السنة لتوفير موارد مالية. وأضاف السعيد في حديث ل"الصحراء المغربية" محاولا ترتيب كلماته بصعوبة بعد أن غلبت عليها اللهجة الامازيغية، السياحة الجبلية تبقى الملجأ الوحيد الذي أعيش منه وأوفر منه مصاريف الحياة اليومية نفس الشيء بالنسبة لباقي أبناء المنطقة. من جانبه، وصف مصطفى نادل بأحد المقاهي المتخصصة في إعداد الوجبات الغذائية قائلا" كاين اللي عام ماخدمش بسبب كورونا ، هاد العام ماجاوش عندنا السياح الأجانب بكثرة ولكن توافد بعض السياح المغاربة ساهم في ترويج الحركة الاقتصادية بالمنطقة".
أوكايمدن وجهة سياحية مستدامة
تعتبر السياحة الجبلية إحدى الركائز الهامة في الإشعاع الذي تعرفه مدينة مراكش على المستوى الوطني والدولية، خاصة وان جبال الأطلس الكبير التي تطل عليها تزيد المدينة الحمراء رونقا وتعزز جمال مناظره الطبيعية. ويسعى القائمون على القطاع السياحي بجهة مراكش أسفي إلى الارتقاء بهذا النوع من السياحة لتنويع منتوج هذه الوجهة التي تتوفر على إمكانيات هامة سواء على مستوى السياحة الثقافية أو البيئية أو سياحة الأعمال والمؤتمرات وشكل مشروع تطوير محطة أوكايمدن، التي تتصدر قائمة زوار مدينة مراكش المغاربة والأجانب، ليس فقط لموقعها الجبلي المتميز، بل لشهرتها عالميا في مجال التزحلق على الجليد، في أفق جعلها وجهة سياحية مستدامة، محور اجتماع احتضنه مقر جهة مراكشآسفي، أكد من خلاله المشاركون على ضرورة الانخراط في إطار مقاربة تشاركية لإنجاح هذا الورش الجهوي الهام الذي يعد مشروعا مهيكلا من شأنه إعطاء دفعة قوية للسياحة المحلية والجهوية والوطنية ورفع تنافسيتها مع الوجهات السياحية العالمية. وسبق للشركة المغربية للهندسة السياحية تحت إشراف وزارة السياحة أن كلفت مكتب دراسات متخصص من أجل وضع مخطط تنمية للمحطة من شأنه ان يسهم في تقوية موقعها ويمنح لها آفاقا جديدة وتنشيطا مستداما على طول السنة عوض الأنشطة الظرفية المقتصرة على فترة تساقط الثلوج التي تقل عن 4 أشهر سنويا. وتناولت هذه الإستراتيجية في إطار مقاربة مندمجة كل المحاور بما في ذلك تأهيل المنطقة وتطوير المسالك الطرقية وتحسين عرض وجودة الخدمات والأنشطة التي ستتوفر بالمحطة علاوة على كيفية برمجة المشاريع بها في أفق 2030 سعيا لجدب ما يناهز 500.000 سائح سنويا . كما تناولت دراسة هذا المشروع جميع الزوايا الاقتصادية، التقنية ، السياحية، الثقافية، الرياضية والبيئية، علاوة على معايير الأمن والسلامة والولوجيات مع الحفاظ على التراث المادي واللامادي الذي تزخر به المنطقة.