كشفت مريم بيكديلي، ممثلة منظمة الصحة العالمية بالمغرب، بخصوص انتشار فيروس "كوفيد19"، عن نقط الضعف البنيوية في المنظومة الصحية، الموجودة قبل انتشار الجائحة، ليس في المغرب وحده وإنما في عدد من المنظومات الصحية عبر العالم، ضمنها الخصاص في عدد الموارد البشرية وفي تدبير مخزون الأدوية وفي موادها الأولية مع وجود مشاكل تتعلق بالحكامة. وتبعا لذلك، تتطلب الظرفية الوبائية الحالية التحلي بذكاء في التعامل مع الفيروس والتفكير في كيفيات التصدي للاختلالات البنيوية في النظام الصحي درءا لتكرارها، بمشاركة مجموع القطاعات الحكومية المعنية، بالنظر إلى أنها ليست مسؤولية القطاع الصحي بمفرده، تضيف ممثلة منظمة الصحة العالمية، خلال مشاركتها في الندوة الافتراضية التي نظمتها الغرفة التجارية البريطانية في المغرب، مساء أول أمس الخميس، لمناقشة أثر "كوفيد19" على النظام الصحي في المغرب، بمشاركة متخصصين وخبراء في المجال الصحي. وقالت بيكديلي، أن "كوفيد19" ساهم في إبراز الهشاشة الاجتماعية والاقتصادية التي تشكو منها بعض فئات المجتمع، التي كانت عاملا مساعدا على انتشار الفيروس بينها، ما يتطلب معه وضع نظم صحي أكثر قوة للتصدي لظروف الهشاشة. ومع تطلع العالم لتوفير لقاح مضاد لفيروس "كوفيد19"، بينت ممثلة منظمة الصحة العالمية، أنه من الصعب تصور توفير لقاح بالجرعات الكافية لجميع سكان كوكب الكرة الأرضية، خلال سنة 2021، إلا أن منظمة الصحة العالمية تحرص على توفيره وتوزيعه بشكل عادل ومتكافئ. وبالموازاة مع ذلك، دعت بيكديلي إلى تغيير "الباراديكمات" المنصبة في النقاش حول اللقاح، ومنها تبني وسائل التعايش مع الفيروس واحترام المعايير الوقائية والحاجزية ضده، على أساس أن المرحلة الأولى من التلقيح قد تهم الأشخاص الأكثر عرضة للفيروس ولخطورته، من بينهم الأشخاص المسنين والمصابين بأمراض مزمنة. ومن جهته، زكى البروفيسور جعفر هيكل، اختصاصي في الأمراض التعفنية، استخلاص تأثر المنظومة الصحية المغربية بالوضعية الوبائية لفيروس "كوفيد19"، إلا أنه ربطها بالمرحلة الثانية من تدبير الجائحة بعد رفع الحجر الصحي، شهر يونيو الماضي، إذ جرى الكشف عن ما سماه ب"الوجه الآخر" لتدبير الجائحة، إذ انكشف غياب أي تخطيط وأي تفكير بمنطق الإستراتيجية الصحية لتدبير ومواجهة الوباء. كما أكد سبب غياب مخطط لما بعد الحجر في عجز النظام الصحي عن استيعاب العدد المتزايد من المرضى بعدوى الفيروس، لا سيما مع ارتفاع الحالات الحرجة التي ساهمت في ارتفاع الوفيات، موازاة مع تأخر في التشخيص الطبي واستخفاف بعض المواطنين بخطورة الإصابة بعدوى الفيروس وعدم الالتزام بقواعد الوقائية، ما رفع نسبة ملء الأسرة إلى مستويات عالية وعدم قدرة المنظومة الصحية على الاستجابة للطلب على الخدمات الصحية والاستشفائية، تبنت من أجلها التتبع العلاجي في البيت، يوضح هيكل. ويأتي ذلك خلافا لنجاح المغرب في تدبيره للمرحلة الأولى للوباء، إذ كانت معطيات الوضعية الوبائية واضحة، اتخذ حينها مجموعة من القرارات الجريئة مع التفاعل السريع مع الوضع الوبائي، رغم أن أكثر من 95 في المائة من الحالات المصابة كانت غير حاملة للأعراض، وقوبلت بظروف تكفل طبي كامل واستشفاء تتسم بالرفاه داخل مصحات خاصة وفنادق. وعبر البروفيسور هيكل عن قلقه بخوص تأثر الوضعية الوبائية الحالية على عملية التكفل الجيد بالمصابين بأمراض مزمنة، بسبب وجود احتمالات تأخر تشخيصها المبكر وبالتالي توقع تسجيل وفيات بين المغاربة المصابين بهذه النوعية من الأمراض. وتبعا لذلك، شدد هيكل على ضرورة إعادة النظر ومراجعة النظام الصحي في المغرب، ليكون أكثر فعالية واستجابة للطلب عليه ولتجاوز صعوباته واكراهاته، ومنها إشراك القطاع الصحي في التكفل بمرضى"كوفيد" وفي وضع السياسية الصحية في المغرب، أخذا بعين الاعتبار مجموعة معطيات، منها أن نصف مهنيي القطاع الصحي يوجدون بالقطاع الخاص في المغرب.