أصدرت المحكمة الابتدائية بالقنيطرة، أخيرا، حكما يمنح الحق لمواطنة في استرجاع مبلغ مخالفة السير المحررة في حقها من طرف شرطي. واعتبرت المحكمة في قرارها أن "التحدث في الهاتف أثناء السياقة عن طريق البلوثوث لا يعد مخالفة لانعدام فعل مسك الهاتف يدويا"، إضافة إلى "كون الشرطي محرر محضر المخالفة ليس هو الذي عاين وقوعها مما يجعل محضرها باطلا". الحكم الصادر في هذه القضية، والذي أفرج عن جيثياته، أمس الجمعة، تعود وقائعها إلى شهر أكتوبر 2019، حيث جاء في حيثياته أن "مواطنة كانت تتولى سياقة سيارتها وهي تتحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت في سيارتها، فطلب منها شرطي المرور التوقف وتسليمه وثائق السيارة، وهو ما استجابت له ليخبرها بأنها ارتكبت مخالفة مسك الهاتف باليد أثناء السياقة". وأضافت وثائق الحكم، الذي تتوفر "الصحراء المغربية" على نسخة منه أن "الشرطي طلب من صاحبة السيارة انتظار قدوم شرطي آخر لتحرير المخالفة لكونه لا يملك الصلاحية لذلك. فما كان لهاته الأخيرة إلا أن تخبره أولا بأنها لم ترتكب أية مخالفة مادامت تتحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت وليس ممسوكا باليد، وثانيا بأنه من غير المعقول أن تنتظر شخصا ليحرر مخالفة لم يقم بمعاينتها خلافا لما يستوجبه القانون". وجاء في الحيثيات أيضا أنه "بعدما حضر شرطي آخر ليحرر مخالفة لم يعاينها ويسحب منها رخصة السياقة ويسجل ذلك في المحضر بخط يده كنوع من التحدي لخرق القانون رغم تنبيهه إلى أن فعله هذا يشكل تزويرا. وهي الملاحظة التي سجلتها السائقة في محضر المخالفة، رافضة أداء الغرامة لنيتها في التوجه للقضاء للمنازعة في هاته المخالفة". وفي التفاصيل أيضا أن "السائقة تقدمت بواسطة دفاعها بطلب إلى وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالقنيطرة من أجل المنازعة في المخالفة المنسوبة إليها بعد أداء الحد الأقصى للغرامة وهو 1000 درهم كما تقضي بذلك مدونة السير، موضحا من حيث الشكل بأن المادة 191 من هاته المدونة أعطت للأعوان والضباط المؤهلين صلاحية المعاينة المجردة أو المعاينة على أساس معلومات إلكترونية وليس هناك طريقة ثالثة أو رابعة يمكن سلوكها، وأن المادة 194 ألزمت العون محرر المخالفة بتحرير محضره طبقا للمادة 24 من قانون المسطرة الجنائية التي تفرض عليه ألا يضمن في المحضر إلا ما عاينه أو تلقاه شخصيا أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه. مؤكدة بأن العون محرر المحضر لم يعاين المخالفة لا بالعين المجردة ولا على أساس معلومات إلكترونية، بل أخبر بذلك من طرف زميله بعد مناداته عليه وحضوره بعد 35 دقيقة من الوقت المزعوم لارتكاب المخالفة وهو ما يشكل خرقا للنصوص المثارة ملتمسة التصريح ببطلان محضر المخالفة". من حيث الموضوع، جاء في القرار أن "دفاع المشتكية أوضح بأن محضر المخالفة المحرر من طرف شرطة المرور نسب لها مخالفة لا وجود لها في مدونة السير أصلا وهي مخالفة مسك الهاتف باليد أثناء السياقة". وفي هذا السياق، ذكرت محامية دفاع أن "هاته المخالفة التي كانت ضمن النص الأصلي لمدونة السير في مادتها 185 لم يعد لها وجود بعد تعديل المادة المذكورة منذ غشت 2016 حيث أصبحت المخالفة تتمثل في الاستعمال أو التحدث بالهاتف ممسوكا باليد أثناء السياقة. وأنه شتان بين مسك الهاتف باليد أثناء السياقة والاستعمال أو التحدث بالهاتف ممسوكا باليد أثناء السياقة. إذ أن الفعل المجرم الذي يعتبر مخالفة ليس مجرد مسك الهاتف باليد أثناء السياقة بل إن المخالفة لا تكون قائمة إلا إذا كان السائق يستعمل الهاتف بيده أو يتحدث به وهو ممسوك بيده أثناء السياقة. أما إذا كان السائق يستعمل تقنية البلوثوت في سيارته غير ماسك الهاتف بيده فإن الفعل لا يعتبر مخالفة". مضيفة أن "مسك الهاتف أثناء السياقة دون استعماله أو التحدث به لا يشكل بدوره مخالفة. وهو ما شرحته السائقة لشرطي المرور قبل تحرير المخالفة لكنه رفض سماع ذلك". وأوضح قرار الحكم أن "رأي القضاء وباعتباره الضامن الأول للحقوق والحريات والساهر على التطبيق السليم للقانون، جاء مطابقا تماما لرأي السائقة ولنصوص المواد 191 و194 و185 من مدونة السير، لما اعتبر بأن العون الذي حرر المحضر لم يكن له الحق في ذلك لكونه لم يكن حاضرا ولم يعاين شيئا فقضى في الشكل ببطلان المحضر". وفي الموضوع، قضى الحكم ب"براءة المتهمة من المخالفة المنسوبة إليها لكون التحدث بالهاتف باستعمال تقنية البلوثوت في السيارة لا يشكل مخالفة. كما قضى بإرجاع المبلغ المودع في صندوق المحكمة كحد أقصى للغرامة لفائدة المتهمة".