سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عبد الجليل لعروسي: حصيلة 'برنامج أمل' بالمغرب إيجابية استهدفت توعية وتقوية القدرات النسائية وتمكينهن سياسيا مسؤول برنامج يشرح دور وأهداف منظمة 'أوكسفام –المغرب' من أجل تحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف للنساء
المنظمة تعمل أيضا في التعبئة والتحسيس من أجل الحصول على أفضل الخدمات في مجال الصحة والتربية، ومن أجل المرافعة بشأن التغيرات المناخية، وإرساء قواعد تجارية عادلة، وتحسين مستوى عيش سكان المناطق النائية. وتباشر أوكسفام مهامها إلى جانب السكان الذين يتعرضون إلى الكوارث الطبيعية أو للنزاعات في العالم، لتمد لهم المساعدات الإنسانية ذات الطابع الاستعجالي. وترمي "أوكسفام" إلى التأثير على أصحاب القرار السياسيين والاقتصاديين، من خلال تقديم بدائل ملموسة وحلول حقيقية لهم، وتعبئة الجمهور العريض والشركاء لمساندة متطلباتهم. استطاعت "أوكسفام" الدولية أن تحقق انتشارا في العالم، عبر وجود 17 منظمة عضوا في عدد من الدول، وتقود مبادرات ومشاريع في أزيد من 90 دولة. ولها في المغرب حضور مهم ومتميز منذ تأسيسها قبل 20 سنة، تشهد عليه عدد من المشاريع والبرامج التي تشرف عليها، في إطار برامج التنمية المرتبطة بعدالة النوع، والمواطنة النشطة، وكذا العدالة الاقتصادية. وكان "برنامج أمل" لدعم القيادة النسائية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أحد البرامج الإقليمية للمنظمة، الذي نظم على مدى عشرة أيام بالجنوب الشرقي للمغرب، بداية أكتوبر الماضي، مناسبة لتحليل وتقييم أهم المنجزات التي تشتغل عليها الحركة النسائية في المغرب، من أجل تعزيز المشاركة السياسية للنساء في الجماعات الترابية، وكذا للوقوف على آليات اشتغال المرأة القروية في المناطق الفقيرة والأكثر تهميشا. عن هذا الدور والمهام، يتحدث لنا عبد الجليل لعروسي، مسؤول عن البرامج في "أوكسفام المغرب" في هذا الحوار. ما هي خصائص وأهداف منظمة أوكسفام داخل المغرب؟ أولا، أوكسفام هي منظمة لكل الأشخاص الذين لا يعرفون الاستسلام، وهي اليوم أول منظمة غير حكومية معترف بها في مجال تقديم المساعدات ذات الطابع الاستعجالي. لكن تضع، أيضا، برامج التنمية طويلة الأمد في الجماعات الترابية الهشة. هناك، اليوم، 17 منظمة عضو في المنظمة الدولية أوكسفام، في كل من ألمانيا وأستراليا، وبلجيكا وكندا وإسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا العظمى وهونغ كونغ والهند وإيرلندا وإيطاليا واليابان والمكسيك ونيوزلندا وهولندا والكيبيك. وتقود المنظمة مبادرات ومشاريع في أزيد من 90 دولة. مقر الكتابة الدولية في أوكسفورد ببريطانيا، ولها مكاتب مرافعة في كل من بروكسيل وجنيف ونيويورك وواشنطن وبرازيليا. أوكسفام عاقدة العزم على محاربة كل أنواع الفقر والهشاشة، من خلال تعبئة السلطة المواطنة، ولا تفتأ تبحث عبر العالم عن حلول ملموسة ومتجددة لتحقيق هذا الهدف. إذ تتجند في حالة الأزمات لإنقاذ حياة الناس ومساعدتهم على إيجاد وسيلة للبقاء، كما تناضل من أجل إسماع صوت السكان الفقراء، محليا ودوليا. وأوكسفام المغرب، كما باقي منظمات أوكسفام، تعمل من أجل بناء عالم عادل، حيث تسود حقوق الإنسان كمطلب رئيسي لكل مواطن ومواطنة. من جملة هذه الحقوق، الحق في وسائل العيش المستدامة، الحق في الولوج إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية (العلاج والتربية)، الحق في الحياة والأمن، الحق في المشاركة العادلة في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، الحق في الهوية (المساواة في النوع والتنوع). عمل أوكسفام يندرج في البرامج ذات الأمد الطويل، لتحقيق تغييرات حقيقية ومستدامة نحو التنمية، ولهذا تعمل بشراكة مع الجمعيات والجماعات المحلية وبرامج التنمية لدعم السكان في قدرتهم على مقاومة ومواجهة الأزمات الجديدة، وفي إسماع صوتهم للدفاع عن حقوقهم. نظمتم أخيرا برنامجا يهم تنمية وضع المرأة المغربية سياسيا واجتماعيا. ما هي حصيلة هذا البرنامج؟ فعلا، نظمنا ندوة صحفية على هامش اليوم الوطني للمرأة المغربية لتقديم حصيلة "برنامج أمل"، التي هي بالمناسبة حصيلة إيجابية. للإشارة، فبرنامج أمل لدعم القيادة النسائية التغييرية في زمن التغيير في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو برنامج يجري تنفيذه بأربع دول هي الأراضي الفلسطينية المحتلة، واليمن، وتونس، والمغرب. وعموما، فإن حصيلة البرنامج إيجابية جدا، يمكن أن نستخلصها من خلال النتائج المحصل عليها. فبرنامج أمل يتمحور حول أربعة أهداف كبرى تتمثل أولا في توعية النساء بحقوقهن السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتأهيلهن للعب أدوار قيادية على جميع المستويات، وفي هذا الإطار، استطاع البرنامج بواسطة الشركاء أن يقوم بتحسيس وتوعية حوالي 35000 من النساء والفتيات عبر قوافل تحسيسية جابت أهم القرى والبوادي. ثانيا، تقوية قدرات النساء وتمكينهن سياسيا، من خلال ورشات التدريب حول القيادة من أجل التغيير. وقد استفادت 3955 امرأة من هذه الورشات، في هذا الإطار، بحيث ترشحت من ضمنهن 3332 امرأة للانتخابات الجماعية الأخيرة، وفازت من بينهن 2941 مرشحة، أي بنسبة 74 في المائة من مجموع المستفيدات، وهو رقم إيجابي ومهم جدا، يحمل أكثر من دلالة عن مدى النجاح والمصداقية، التي أحرزها المشروع وشركاؤنا تجاه الناخبين. هناك أيضا الهدف المتعلق بالتأثير على صانعي القرار السياسي، وهنا أيضا لعب الشركاء أدوارا ريادية في حملات الضغط على أصحاب القرار، والمساهمة في الرفع من نسبة الكوطا من 12 إلى 27 في المائة، وكذا تنظيم أكثر من نشاط تعبوي وتحسيسي حول إخراج مشروع قانون الفصل 19 ... ثم، أخيرا، التشبيك على الصعيد الدولي. وفي هذا الصدد، عمل البرنامج على تنظيم عدة لقاءات جهوية ودولية بكل من تونس، لبنان، الأردن، مصر ونيويورك، وشاركت فيها المنظمات المغربية الشريكة. إذن، ما مدى نجاح المشاريع التي أشرفتم عليها في هذا الإطار؟ يمكن أن أؤكد لكم أنه منذ بداية الوجود الفعلي لأوكسفام، في بداية التسعينيات، عملت على دعم منظمات المجتمع المدني في مجالات متعددة مثل: مناهضة العنف ضد النساء عبر دعم وتعزيز أدوار مراكز الاستماع لبعض الشركاء، وتكوين وتعزيز العديد من المشاريع المدرة للدخل للنساء القرويات بعدة مناطق من المغرب، وتحسين ظروف عمل النساء العاملات بالمجال الفلاحي، خاصة في قطاع الفواكه الحمراء، وتعزيز المشاركة السياسية للنساء وبلوغهن مراكز القرار...وكلها برامج تركت نتائج إيجابية جدا على العموم، لدى أصحاب الحقوق. غير قضايا المرأة وأوضاعها، ما هي القضايا الأخرى التي يمكن لأوكسفام أن تشتغل عليها؟ أوكسفام تشتغل على عدة قضايا في مناطق مختلفة من العالم مثل قضايا البيئة، والتدخل الإنساني في العديد من نقاط التوتر بالعالم، كما يمكنها العمل على تكريس نوع من التجارة العادلة، من خلال دعم المنتجين الصغار (فلاحين وغيرهم..) حتى يستطيعون الاستمرار، وتمكينهم من مقاومة المنتجين الكبار، ومواجهة تدني الأسعار، ما قد يقودهم للإفلاس لا محالة. في المغرب، تشتغل أوكسفام على عدة قضايا نعتبرها أساسية مثل: العنف ضد النساء، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء، تعزيز المشاركة السياسية للنساء، ثم الحكامة ومتابعة السياسات العمومية. هل من تنسيق بين أوكسفام المغرب والمنظمة الدولية الأم؟ أم أنكم تشتغلون في استقلالية تامة عنها؟ مبدئيا، هناك استقلالية عن المنظمة الأم، على اعتبار أن أوكسفام المغرب تضع استراتيجيتها انطلاقا من خصائص وحاجيات البلد، إلا أن هناك تعاونا وثيقا في عدة مجالات توجد بها خبرات وتجارب ناجحة نستلهم منها. وأنتم تشتغلون على المجالات التي تنهض بمكانة المرأة، ما هو تقييمكم لوضعية المرأة، بعد كل التغيير الذي عرفه المغرب على المستوى الدستوري والقانوني؟ نعتقد أن المغرب قطع أشواطا مهمة في مجال النهوض بأوضاع النساء وحقوقهن، فإذا كان المغرب من الدول السباقة لتعزيز الترسانة القانونية وتطويرها عبر تدابير إيجابية، فإننا من جهة، نلاحظ أن أحد المعيقات الأساسية يتمثل في التنفيذ لهذه القوانين والتدابير، حيث في الغالب ما تصطدم بعقليات وممارسات لا يتم مواجهتها بالحزم الكافي، فإعمال الحق والقانون هما من بين المؤشرات الدالة على مدى التقدم في مجال البناء الديمقراطي. من جهة ثانية، نلاحظ تفاوتا إن لم نقل تباعدا بين ما تعلن عنه بعض القطاعات الحكومية في مناسبات عديدة أمام المنتظم الدولي في مجال الحماية والنهوض بحقوق الإنسان عموما، وحقوق النساء خصوصا، وما يعمل به في الواقع وما يصرح به... وهذا يعطي انطباعا على أنه ليس هناك تراكمات، وأن الحقوق المكتسبة يمكن العصف بها، أو في أحسن الأحوال تجميدها إلى حين. فدستور 2011 جاء في العديد من بنوده معززا لحقوق النساء، فسواء على مستوى الديباجة أو عدة فصول، حث على المساواة بين الجنسين، بل ذهب إلى أبعد من ذلك في الفصل 19 حين نص على تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها. كما قال إن الدولة تسعى إلى تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء، وتحدث لهذه الغاية هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز. كيف تقيمون أيضا عمل وتحرك الجمعيات النسائية؟ الجمعيات النسائية تقوم بأعمال جبارة، ويرجع لها الفضل في جعل موضوع المرأة، ومختلف قضاياها، على الأجندة وذات أولوية، ليس نسائية فحسب، بل مجتمعية. ورغم قلة الدعم، وضعف التعاطي الإيجابي مع مطالبهن، فهن دائمات الاجتهاد والإلحاح في المطالبة بحقوقهن، وكذا التحسيس والتعبئة حول القضايا الخطيرة، التي مازالت تحط من كرامة المرأة مثل العنف بمختلف أنواعه ومظاهره. أيضا، يجب الإشارة إلى أن معظم المكاسب، التي تحققت في مجال حقوق النساء، يرجع الفضل فيها للحركة النسائية المغربية، التي قلما وجدت الدعم المطلوب من هيئات ومؤسسات أخرى. عدا مشكل الدعم، ما هو المشكل الحقيقي الذي يعيق بلورة كل هذه المجهودات، التي تبذل لفائدة وضعية المرأة دون أن تنعكس على واقعها بشكل عام؟ نعتبر أهم عائق أمام حقوق المرأة هي الثقافة السائدة، وهي ثقافة تكرسها ممارسات وسياسيات ومناهج. فإذا كانت المدرسة أحد مجالات التنشئة الاجتماعية بامتياز، فقد تخلت عن هذا الدور منذ زمن، فجودة التعليم والهدر المدرسي، والعنف بالمؤسسات التعليمية، والتمييز القائم عن النوع... كلها مظاهر سلبية تجتاح المؤسسات التعليمية، وها نحن بدأنا نسمع اليوم عن ممارسات مخجلة داخل فضاءات موكول لها لعب أدوار طلائعية في التنشئة.