جاء التقرير في كتاب من 190 صفحة، مرفوقا بخلاصة من 26 صفحة، يحدد فيه المجلس نقط القوة والضعف في قطاعات التدبير المفوض، ويقدم توصيات من أجل سد الثغرات، على ضوء تجربة السنوات الماضية. وسجل المجلس، في بيان له، أن موضوع التدبير المفوض يستمد أهميته من التحولات السوسيو اقتصادية، ومن مستلزمات التنمية المستدامة، ومن الحاجة المتزايدة الى بنيات تحتية للقرب، من شأنها المساهمة في تعميم وتحسين وضمان استمرارية المرفق العام ويهدف المجلس، من خلال هذا التقرير، الذي توصلت به "المغربية"، إلى تقييم هذا النمط من التدبير برصد جوانب القوة ومكامن الخلل، انطلاقا من أن الخدمات التي يشملها تشكل واحدا من الانشغالات اليومية للمواطنين، بعد مرور 8 سنوات على دخول القانون رقم 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة المحلية حيز التنفيذ. في تشخيصه للتجربة، يسجل المجلس عدم استثمار كل الإمكانيات والمؤهلات المتاحة في نمط التدبير المفوض، ويربط الأمر بوجود اختلالات في التخطيط وفي تحديد الحاجيات من طرف السلطة المفوضِة، وكذلك بغياب هيئة مستقلة، تتولى مهم الخبرة والتنسيق والتتبع واليقظة. ومن معيقات التدبير أيضا، حسب التقرير، ضعف الإدارة الجماعية من حيث المؤهلات والكفاءات القادرة على الاضطلاع بالالتزامات المنصوص عليها في عقد التدبير المفوض، وخاصة مهام التتبع والمراقبة. ويشدد تقرير المجلس الأعلى للحسابات على أن غياب هيئة مستقلة لم يساعد في توفير مناخ من شأنه أن يتيح تضافر جهود مختلف المتدخلين في مجال الخدمات العمومية المحلية، انطلاقا من أن هذه الهيئة ستساهم في مد صانعي القرار السياسي بآليات تمكنهم من التوفيق بين الأهداف الاجتماعية ومتطلبات التدبير الجيد. كما توقف التقرير عند معيقات أخرى، يرى أنها ناتجة عن نظرة محلية، لا تأخذ بعين الاعتبار البعد البين جماعاتي والجهوي، موضحا أن إعداد عقود التدبير المفوض يحصل في غياب المخططات المديرية للكهرباء والماء والتطهير السائل بقطاع التوزيع، وفي غياب تصاميم التنقلات بالنقل الحضري، وغياب المخططات المديرية الجماعية والخاصة بالعمالات والأقاليم بالنسبة لقطاع النظافة. ويأخذ المجلس على سلطة الوصاية أنها تتدخل بطرق غير موحدة، تختلف من حالة إلى أخرى، في مراحل إبرام العقود وتنفيذها ومراقبتها. في مجال إعداد دفاتر التحملات، يسجل التقرير محدودية اللجوء إلى المساعدة التقنية لمكاتب الدراسات (30 في المائة بالنسبة لقطاع النظافة، و15 في المائة في قطاع النقل الحضري)، بينما أعدت العقود في مجال التوزيع من طرف الوصاية التقنية، وبذلك كشفت عمليات تنفيذ العقود عن اختلالات ونقائص، خاصة في الالتزامات المتعلقة بالاستثمارات والتعريفة وجودة الخدمات. ويتطرق المجلس إلى دراسة تقييمية لتجربة العشر سنوات السابقة، موضحا أنها بينت أن الاستثمارات المنجزة من طرف الشركات المفوض لها تحقق بصفة كاملة الأهداف المحددة من زاوية حجم المشاريع وآجال التنفيذ، إذ سجلت فوارق مهمة على مستوى المشاريع المهيكلة، خاصة في مجال التطهير السائل، كالمصبات، ومحطات المعالجة القبلية، والحصارات والمجمعات. وشدد المجلس على أن حوالي 50 في المائة لا تتضمن مقتضيات تنص على لجنة للتبع، لتدليل الصعوبات الناتجة عن تنفيذ العقد، أو لم يقع تفعيل هذه اللجان على أرض الواقع في حالة التنصيص عليها إلا بالنسبة ل14 عقدا، منها 4 عقود تهم قطاع التوزيع، و10 عقود في قطاع النقل. كما يتطرق المجلس إلى تجربة شركات التنمية، كإطار مرتقب للتدبير المفوض، موضحا أن هذا الأمر يوحي بالعودة إلى التدبير العمومي. وخلص إلى توصيات لإصلاح نمط التدبير المفوض للمرافق العامة المحلية، ليتمكن من المساهمة في الرفع من الفعالية الاقتصادية، وتقوية تنافسية المجالات الترابية، وتحسين الأوضاع الاجتماعية للسكان، معتبرا أن ذلك يتطلب مبادرات وإصلاحات، تهم كلا من الدولة والجماعات الترابية.