سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوكالة الدولية للطاقة تشيد بالاستراتيجية الطاقية للمغرب في أول دراسة لها ببلد من منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط
دعوة إلى الحفاظ على التقدم في تقليص الدعم للمحروقات واعتماد الطاقة الشمسية
طالبت الوكالة، في تقرير أعدته حول "التقييم المعمق للسياسة الطاقية الوطنية"، وقدمته الجمعة الماضي بالرباط، المغرب بالحفاظ على التقدم المحرز في مجال تقليص الدعم للمحروقات، وتحسين اعتماد الطاقة الشمسية، بتعزيز استخدام هذه الطاقة بشكل أكبر في ساعات الذروة، مشيدة بالاستراتيجية الطاقية الوطنية المعدة في 2009، موصية بالاستمرار في إلغاء دعم مواد الطاقة، وتقوية سياسة النجاعة الطاقية، عبر التخفيض من استهلاك الطاقة وترشيده، وتأسيس هيئة لتنظيم قطاع الطاقة، وتطوير قطاع الطاقة الشمسية، والمحافظة على ثقة المستثمرين الأجانب. وأكدت الوكالة في التقرير، الذي قدمته ماريا فان دير هوفن، المديرة التنفيذية، في حفل ترأسه عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أنّ هذه الاستراتيجية تتضمن "أهدافا واضحة ومدققة"، موضحة أنها ترتكز على خمسة محاور أساسية، من قبيل تثمين الباقة الطاقية في قطاع الكهرباء، وتسريع تطوير الطاقات، انطلاقا من موارد متجددة، خاصة الريحية والشمسية والمائية، وجعل النجاعة الطاقية أولوية وطنية، وإنعاش الاستثمارات الخارجية في مجال البترول والغاز، وتعزيز الاندماج الإقليمي. ودعت الوكالة الدولية للطاقة إلى الحفاظ على التقدم المحرز في مجال تقليص الدعم للمحروقات وتحسين اعتماد الطاقة الشمسية، بتعزيز استخدام هذه الطاقة بشكل أكبر في ساعات الذروة، مع تيسير استخدام تكنولوجيا الطاقة الكهربائية، من خلال تسريع أوراش محطات الطاقة المتوسطة والمنخفضة الجهد، الجاري إنشاؤها من قبل المغرب. وشددت الوكالة على الحاجة إلى تسريع إحداث سلطة لتقنين الطاقة، بهدف الإشراف على سوق الطاقة المفتوح، وتشجيع استخدام الغاز، والحفاظ على ثقة المستثمرين الأجانب، وكذا ثقة الصناعة الوطنية. من جهته، أكد رئيس الحكومة على أهمية هذا الحدث، باعتباره الأول من نوعه الذي يجمع كل المتدخلين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين، وطنيين ودوليين، حول موضوع ذي بعد استراتيجي، وهو الطاقة التي تعتبر دعامة رئيسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن "المغرب انخرط في مشاريع مهمة على صعيد الطاقات المتجددة والتنقيب عن النفط، وسيحقق نتائج مهمة مستقبلا". كما ذكر بالإصلاحات الكبرى في المغرب في العديد من المجالات، مشيرا إلى أنها جعلت من المملكة نموذجا يحتذى، بالنظر إلى جو الاستقرار والانفتاح الاقتصادي الذي يميزها، مستشهدا بالتنقيط الصادر عن مختلف الوكالات الدولية المتخصصة، التي كان آخرها تنقيط "دوين بيزنيس"، مبرزا أن السياسة الطاقية للمغرب مكنته من "مواجهة العديد من الصدمات، رغم أننا لسنا بلدا نفطيا". وأوضح أن "القرارات الجريئة" لحكومته مكنت من تجاوز العديد من العراقيل، مذكرا بحذف الدعم عن بعض المواد النفطية، وتوقيع البرنامج اتفاقية خاصة بالمكتب الوطني للكهرباء، الذي ظل "يعاني مشاكل كثيرة، لكن السياسيين كانوا يرجئون معالجته وأخلفوا مواعيدهم مع الإصلاح، وهذا البرنامج سيمكن من استمرار المكتب والوطني للماء والكهرباء في تزويد الناس". في السياق نفسه، قال عبد القادر عمارة، وزير الطاقة والمعادن والماء والبيئة، إن تقرير الوكالة الدولية للطاقة يؤكد اهتمامها بقطاع الطاقة بالمغرب، والجهود المبذولة منذ وضع الاستراتيجية الوطنية للطاقة، مشيرا إلى أن هذه الدراسة أسفرت عن مجموعة من التوصيات الملموسة، تدعم الاختيارات الاستراتيجية للمملكة، ومن شأنها تسريع تنفيذ البرامج والأوراش، لضمان انتقال طاقي للمغرب. وذكر أن هذه الدراسة، التي أنجزتها الوكالة الدولية للطاقة، باعتبارها أعلى هيئة دولية في مجال الطاقة، تشكل دعما وتشجيعا جديدا للاستراتيجية الطاقية الوطنية لدى المؤسسات والمستثمرين الدوليين، مبرزا أن حفل تقديم دراسة الوكالة يتزامن مع حدثين يكتسيان أهمية كبرى، يتمثلان في تقديم القطاع الطاقي في القارة الإفريقية في أفق 2040، في 13 أكتوبر الماضي، وتقديم عرض توقعات الطاقة العالمية 2014 (وولد إينرجي أوتلوك 2014) في 12 نونبر الجاري. وأكد اعمارة أن المغرب تمكن من الانخراط الكلي في ما يتعلق بتوصيات الوكالة الدولية للطاقة المنبثقة عن التقرير المتعلق بالقطاع الطاقي في القارة الإفريقية في أفق سنة 2040، سيما من أجل تعزيز التعاون جنوب-جنوب، والتعاون ثلاثي الأطراف لتطوير قطاع الطاقة في إفريقيا، بما "ينسجم مع الرؤية الاستباقية لجلالة الملك محمد السادس بهذا الخصوص". وذكر اعمارة بارتفاع الطلب على الطاقة بالمغرب، بالنظر إلى مجمل الأوراش الكبرى، مشيرا إلى أن المغرب يسعى إلى الرفع من قدرته الإنتاجية في الطاقة المتجددة، وأن وزارته تعتزم إطلاق العديد من المشاريع في مجال الطاقة. وأبرزت دير هويفن، الرئيسة التنفيذية للوكالة الدولية، أن إلغاء المغرب دعم بعض مشتقات النفط أدى إلى تخفيض فاتورة الطاقة، وأن المغرب فتح أبوابه للمستثمرين الأجانب، إذ استثمروا في قطاع الكهرباء منذ 2009، وانخرط في نقل الغاز إلى إسبانيا منذ 1996 انطلاقا من الجزائر. وكشفت أن الربط الكهربائي بين المغرب وإسبانيا أنجز عام 2005، إذ يستورد المغرب 15 في المائة من احتياجاته الكهربائية من إسبانيا، مشيدة باستراتيجية الطاقة المعتمدة من طرف المغرب عام 2009، التي أعطت نتائج جيدة. وبخصوص توصيات الوكالة في قطاع الكهرباء، ألحت على ضرورة التفرقة بين الإنتاج والتوزيع من طرف المكتب الوطني للماء والكهرباء، والرفع من تسعيرة البيع بالتقسيط بالنسبة للماء والكهرباء بشكل تدريجي، وتقوية آليات تخزين الطاقة، وتطوير آليات الربط الكهربائي بين المغرب وأوروبا، مبرزة أن أهداف سياسة المغرب في مجال الطاقات المتجددة طموحة، وأن البلد يتوفر على مصادر هذه الطاقات، بالإضافة إلى أن المستثمرين الأجانب مهتمون بهذا الأمر، وبنوك التنمية مستعدة للتمويل. وأبرزت أن المغرب رفع التحدي خلال السنوات الماضية من أجل تنويع مصادر الطاقة، وفتح المجال للمستثمرين الأجانب، مضيفة "المغرب نجح في اعتماد مخطط ومشاريع على مستوى الطاقات المتجددة، ما سيمنحه دورا رياديا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. تجدر الإشارة إلى أن دراسة الوكالة الدولية للطاقة حول المغرب تشكل أول تقييم من طرف هذه الهيئة للسياسة الطاقية للمغرب، وأول دراسة تهم بلدا ينتمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ومكنت الدراسة الوكالة من فهم أفضل للوضعية الطاقية بالمغرب، وللسياسات المعتمدة من طرف الحكومة، فضلا عن تمكين الوكالة من تحسين معطياتها الطاقية.