أطلق، مساء أول أمس الأربعاء، بالرباط، مشروع يهدف إلى تعزيز حقوق السجناء وفقا للمعايير الدولية وتسوية النزاعات بالمؤسسات السجنية، بتمويل من مفوضية الاتحاد الأوروبي بالمغرب، من خلال "الآلية الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان" (EIDHR)، بمبلغ إجمالي يقدر بحوالي 3 ملايين درهم. بلماحي: السجون تعاني الاكتظاظ وحوالي 45 في المائة من المعتقلين غير محكومين تحديث الإدارة السجنية في المغرب مسؤولية الجميع تهدف هذه الآلية إلى تدعيم وتعزيز دور المجتمع المدني في مجال تعزيز حقوق الإنسان والإصلاح الديمقراطي في المغرب. وسينفذ هذا المشروع منظمة "البحث عن أرضية مشتركة– المغرب"، بشراكة مع مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والرابطة المحمدية للعلماء. وقال عز الدين بلماحي، المنسق العام لمؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، إن "تحديث الإدارة السجنية مسؤوليتنا جميعا، من قطاعات وزارية، ومجتمع مدني، وكافة المتدخلين في هذا المجال"، مضيفا أن السجناء مواطنون كاملو الصفة، ويجب أن يتمتعوا بكامل الحقوق التي يتمتع بها المواطن خارج المؤسسة السجنية، كالتعليم والصحة. وأشار إلى جهود المؤسسة في أنسنة الفضاء السجني، ومواكبة السجناء خلال فترة الاعتقال وبعد مغادرتهم أسوار السجن، عبر مركز الرعاية اللاحقة، وإعادة إدماجهم داخل المجتمع، حتى لا يكونوا عبئا عليه. وأفاد أن المؤسسة وضعت برنامجا للإدماج السوسيو مهني للنزلاء، وعقدت شراكات مع قطاعات وزارية ومؤسسات عمومية والمجتمع بجميع مكوناته، مبرزا أن هذه الشراكات فُعّلت في بعض المدن ولم تُفعّل في أخرى، وأن المؤسسة تسعى إلى تفعيلها. وتطرق المنسق العام إلى استراتيجية المؤسسة من أجل إعادة الإدماج الاجتماعي والمهني للمعتقلين، موضحا أنها تهم التعليم والتكوين المهني، من أجل تمكين السجناء خلال فترة الاعتقال من الأدوات المعرفية لتسهيل اندماجهم في محيطهم الاجتماعي والاقتصادي بعد مغادرة السجن. من جهة ثانية، أثار بلماحي إشكالية اكتظاظ المؤسسات السجنية، مشيرا إلى أن ما بين 40 و45 في المائة من المعتقلين داخل المؤسسات السجنية غير محكومين، ما يقضي بتفعيل بدائل الاعتقال الاحتياطي الموجود في القانون الجنائي والمسطرة الجنائية، لتحسين ظروف النزلاء والموظفين بالمؤسسات السجنية. ولتحديث المؤسسات السجنية، أكد بلماحي على أهمية الرفع من مؤهلات الموارد البشرية، ورد الاعتبار لموظفي المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، لأنهم "يقومون بمهمة نبيلة، وتحسيس النزلاء بحقوقهم وواجباتهم، وحفظ حقوق الموظفين، وتحسين ظروف العمل داخل المؤسسات السجنية، والرفع من معدل التأطير، ومراجعة الغلاف المالي المرصود للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج". من جهته، قال أحمد العبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، إن "هذا المشروع يهدف إلى مأسسة أدوات حل النزاعات داخل الفضاءات السجنية، والعمل على تحسين التدبير العقلاني في المنظومة السجنية، وملاءمة حياة السجين، بما تنص عليه الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي صادق عليها المغرب، وتعزيز حقوق السجناء لتعزيز القدرات من خلال مد السجناء بالعدة المعرفية لتدبير النزاعات بعد خروجهم من السجن، ما من شأنه أن يقلص من حالات العود. وأضاف أن الرابطة أشرفت على "تكوين 300 عالمة وعالم مغربي وسطاء، ساهموا في حل النزاعات ونبذ الصراعات وتحكيم الحوار الممنهج والصلح والتفاوض داخل السجون"، مشيرا إلى أن تجربة العلماء الوسطاء أثبتت جاهزيتها. وفي مداخلة له، أبرز مصطفى حلمي، من المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ارتباط هذه المؤسسة بقيم حقوق الإنسان طبقا لمقتضيات الدستور والاتفاقيات الدولية، التي صادق عليها المغرب. وأشار إلى أن العناية بأوضاع السجناء شكلت أحد أهم المرتكزات في استراتيجية المندوبية العامة، لضمان حقوق السجناء في التشكي، مع إحداث مركز لتلقي الشكايات، وتكثيف المراقبة والتفتيش، لضمان المعاملة الإنسانية، وتمكين السجناء من الفسحة اليومية طيلة أيام الأسبوع في فضاء صحي، وتعزيز الأمن الوقائي، للحفاظ على سلامة السجناء، وتحسين برامج التعليم والتكوين الحرفي، مشيرا إلى أن فلسفة الإصلاح مرتبطة بالمنظمات الحكومية وغير الحكومية والمجتمع المدني. من جهته، ذكر الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، محمد الصبار، بزيارات لجان المجلس الجهوية للعديد من المؤسسات السجنية، وبالخطوط العريضة للتقارير الموضوعاتية، التي أعدها المجلس حول وضعية السجون سنة 2012، وأصدر من خلالها توصيات لتحسين وضعية المؤسسات السجنية. وفي كلمة له، أوضح فيليب ميكوس، عن بعثة الاتحاد الأوروبي في المغرب، أن الدعم، الذي يقدمه الاتحاد لمشروع تعزيز حقوق المعتقلين وللجهود المبذولة من أجل تحديث السجون، يندرج في إطار التزام المجموعة الأوروبية تجاه الإصلاحات الديمقراطية بالمغرب. وتركز أنشطة المشروع على التكوين، وتنظيم الندوات والمؤتمرات، وتبادل الممارسات الجيدة في34 سجنا مغربيا. وتستهدف هذه التكوينات 55 من مديري السجون، و200 شخص من الموظفين بإدارات السجون و1020 سجينا. وسيتمحور موضوع التكوين حول حل النزاعات، وتوحيد الحكامة الرشيدة في نظام السجون بالمغرب.