أكدت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء، شرفات أفيلال، مساء السبت الماضي بمكناس، أن المغرب حقق إنجازات مهمة في مجال تدبير الموارد المائية، جعلت منه "مرجعا"، بل "مثالا" يحتذى على الصعيد القاري والجهوي وذلك من خلال عدة منجزات قام بها في مجال تدبير المجال المائي تتجلى في الولوج إلى الماء كضرورة ملحة في إطار الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وقالت شرفات إن المغرب يوفر 140 مليار متر مكعب في السنة، 22 مليار متر مكعب قابلة للتعبئة في السنة. وأضافت أفيلال، التي كانت تتحدث خلال ندوة نظمتها جمعية مكناس الخضراء حول موضوع "السياسة المائية والبيئية في ظل التحديات الصناعية والعمرانية: جهة مكناس تافيلالت نموذجا"، إن المغرب أصبح الآن يصدر الخبرة في تدبير الموارد المائية إلى العديد من دول الجوار، خاصة الدول العربية والإفريقية. وتأتي ريادة المغرب في المجال المائي بفضل السياسة الاستباقية والاستشعارية التي نهجتها الدولة المتمثلة في بناء السدود، التي مكنت البلاد من اجتياز فترات جفاف "قاهرة" في أواسط الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي. وفي هذا الصدد، ذكرت الوزيرة بأهم المنجزات التي تحققت في قطاع الماء على الصعيد الوطني، مشيرة إلى أن المغرب يتوفر على 135 سدا كبيرا بسعة إجمالية تقدر ب 17,5 مليار متر مكعب، و13 منشأة لتحويل المياه من الأحواض التي تعرف فائضا إلى أحواض أخرى تعرف خصاصا في الماء، في إطار التضامن ما بين الجهات بهدف تحقيق عدالة مجالية في قطاع توزيع الماء، وآلاف الآبار والأثقاب لاستغال المياه الجوفية، بالإضافة إلى تطوير قطاع التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسطين الحضري والقروي والتطهير ومعالجة المياه العادمة، وكذا إنتاج الطاقة الكهرومائية، غير أنه بالرغم من كل هذه الإنجازات، تضيف أفيلال، فإن المغرب مطالب أكثر من أي وقت مضى بإرساء آليات جديدة لإعادة استعمال المياه المعالجة، بالنظر إلى تراجع معدل التساقطات المطرية في عدة مناطق بالمملكة بفعل التغيرات المناخية. وبعد أن توقفت عند أهم الإكراهات المتعلقة بالأنشطة العمرانية والصناعية وأثرها على الموارد المائية، من خلال ارتفاع معدلات التلوث والتخلص من النفايات المنزلية والصناعية والفلاحية دون معالجة، والاستعمال غير المعقلن للأسمدة والمبيدات الزراعية، ذكرت الوزيرة بأهمية الاستراتيجية الوطنية للماء التي تم إنجازها سنة 2009 من أجل معالجة هذه الإكراهات التي تعيق تدبير الموارد المائية، والتي تتمحور أساسا حول التدبير المحكم للطلب على الماء وتثمينه، وتدبير وتنمية العرض، وحماية الموارد المائية والمحافظة على المجال الطبيعي. كما ذكرت بمضامين المخطط الوطني للماء (2030-2010)، معتبرة إياه آلية ومرجعا أساسيا للسياسة الوطنية المائية ووثيقة قانونية ستحدد الأولويات الوطنية وبرامج العمل في ما يتعلق بتعبئة الموارد المائية، غير أن هذا المخطط، تضيف الوزيرة، لن يكون "ناجحا" إلا بتضافر جهود جميع المتدخلين في قطاع الماء، داعية إلى ضرورة تشجيع الخواص للاستثمار في هذا القطاع وجعله قطاعا "مربحا" للدولة والقطاع الخاص. من جهته، أشار المدير الجهوي للسكنى وسياسة المدينة محمد بركات، في مداخلة حول "الاستراتيجية البيئية في برامج وزارة السكنى وسياسة المدينة"، إلى أن التخطيط الحضري في ضوء النمو السكاني غير المتوازن والنمو الاقتصادي السريع والتكلفة المرتفعة لتطوير الأراضي، يتطلب دراسات عميقة وحلولا ناجعة لتجاوز التحديات ذات الصلة. وفي هذا الصدد، ذكر بركات بالبرنامج الحكومي المتعلق بسياسة المدينة الذي يروم تعزيز أدوار المدن كمراكز أساسية لإنتاج الثروة وتحقيق النمو، مشيرا إلى أن سياسة المدينة تعتبر آلية إدماجية وتشاركية، وتقوم على مقاربة أفقية كما تتبنى مبدأ القرب وتكفل التقائية التدخلات القطاعية، في إطار رؤية شمولية ومندمجة. أما الباحث بالمدرسة الوطنية للفلاحة بمكناس، عزيز أبو عبد الله، فتطرق في مداخلة حول موضوع "تدبير الموارد المائية في ظل التحديات المناخية" إلى الاختلالات التي تعيق تدبير الموارد المائية بجهة مكناس تافيلالت، كالتغيرات المناخية، والزحف العمراني، والتلوث الناجم عن الأنشطة الصناعية والفلاحية، والاستعمال غير المعقلن للماء، داعيا إلى معالجة هذه الإشكالات البنيوية بإشراك جميع المتدخلين في قطاع الماء.