نظمت وزارة الاتصال والمكتب المغربي لحقوق المؤلفين، مساء أمس الجمعة بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، حفلا فنيا تكريميا للفنان المبدع محمد المزكلدي، وذلك بمشاركة رواد الأغنية المغربية العصرية وحضور نخبة من الفنانين المغاربة. يأتي هذا الحفل، الذي نظم بمناسبة اليوم العالمي للملكية الفكرية، في سياق ترسيخ تقليد سنوي مواكب لهذه المناسبة، بتكريم رمز من الرموز الفنية الوطنية. وشارك في إحياء الحفل، الذي حضره مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، وسفير جمهورية مصر بالرباط، ومدير المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، بدر الدين الراضي، ثلة من الفنانين المعروفين كمحمود الإدريسي ومحمد الغاوي وحميد الزاهير وعبد المنعم الجامعي ورشيدة طلال. وفي كلمة بالمناسبة، وصف الخلفي الفنان محمد المزكلدي ب"أستاذ الأجيال" وأحد الأسماء الكبيرة في عالم الموسيقى المغربية، مبرزا مساهمته في بناء صرح الأغنية المغربية التي تعد "أحد القلاع التي تحمي الثقافة المغربية وتضمن لها الاستمرار كثقافة مشعة ومبدعة وحرة ترفع رأس المغرب عاليا ليس فقط في المنطقة العربية وإنما عالميا". وقال إن الاحتفاء بهذا الفنان المبدع هو احتفاء بشخصية وطنية، بصمت على مواقف وطنية إبان فترة الحماية، وساهمت من موقعها في خدمة الفن وتجسيد معانيه الحقيقية، مشيرا إلى أن تخليد اليوم العالمي للملكية الفكرية هو مناسبة للاحتفاء بهذه المعاني والقيم وحرية الإبداع المنبثق من هذا الوطن. وأشار الخلفي، من جهة أخرى، إلى أن هناك تشاور مستمر وعمل مكثف مع الهيئات الفنية للنهوض بالفن المغربي، مبرزا أن الجيل الحالي يمنح الثقة في المستقبل لقدرته على حمل المشعل عن الجيل المؤسس. ومن جهته، ذكر بدر الدين الراضي أن المغرب يخلد، على غرار باقي بلدان العالم، اليوم العالمي للملكية الفكرية التي تبنت هذه السنة شعار "الأفلام هواية عالمية"، مبرزا أن هذه المناسبة تكتسي أهمية بالغة لكونها تتعلق بتكريم طاقة الإنسان الإبداعية الخلاقة والمبدعين والفنانين الذين يغنون حياتنا اليومية بإبداعاتهم وابتكاراتهم. وأبرز أن المملكة انخرطت في السنوات الأخيرة في توجه جديد ينبني على متطلبات حماية الملكية الفكرية عبر مراجعة جذرية للنظام القانوني لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة واتخاذ العديد من التدابير المصاحبة التي ستعمل على توفير الحماية الناجعة للإبداعات والابتكارات وتوفير بنية قانونية تواكب التحولات وتستجيب للتطلعات وتفي بالتزامات المغرب الوطنية والدولية في هذا المجال. يذكر أن الفنان محمد المزكلدي، الذي ولد سنة 1932 بمدينة فاس، ساهم في تشييد صرح الأغنية العصرية، بالعديد من الأغاني المغربية التي لا تزال راسخة في الذاكرة الفنية منها أغنيته ذائعة الصيت "لعروسة" التي كتبها ولحنها وغناها سنة 1966، ودشن بها سلسلة من الأغاني ذات الطابع الاجتماعي مثل "العريس" و"الزواج الكامل" و"شمعة عندي شاعلة فالبيت". ومن بين أغنياته الشهيرة أيضا قطعة "علاش قطعوك يا الوردة" وهي من كلمات الفنان فتح الله لمغاري، وأيضا أغنية "نظرة وشعلت النار" إضافة إلى قصيدة "ارحميني" من ألحان الراحل عبد الرحيم السقاط، كما أعاد غناء أغلب أغنيات الراحل أحمد البيضاوي. وكان المزكلدي قد التحق بالقاهرة سنة 1954، وسجل بمصر ما يقارب 20 أغنية مغربية، جلها من كلمات حسن المفتي وأحمد الطيب لعلج. بعدها سيقوم بزيارة إلى سوريا ولبنان وسيسجل أغاني مغربية لفائدة الإذاعات هناك، وكان يلقب حينها ب"سفير الأغنية المغربية إلى الشرق". وخلال بداية الستينات سيعود المزكلدي إلى المغرب، وتزامنت عودته مع انتعاش الأغنية المغربية خلال هذه الفترة، وبروز العديد من الأسماء الغنائية، التي ساهمت في تشييد صرح الأغنية العصرية، فساهم المزكلدي من موقعه في وضع لبنات هذا الصرح، بالعديد من الأغاني.