يمثل رشيد العبدلاوي، القاضي بالمحكمة الابتدائية بطنجة، اليوم الاثنين، أمام المجلس الأعلى للقضاء، للنظر في محاكمته التأديبية بتهمة "الإخلال بواجب التحفظ" وذلك على خلفية نشره صورة تكشف عن ظروف عمله، المتمثلة في عدم توفرها على مكتب للقيام بمهامه القضائية، إذ ظهر وهو يجلس على الكراسي المعدة للمواطنين في بهو المحكمة، ويدرس عددا من الملفات. ويعتبر العبدلاوي، عضو المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بطنجة، ثاني قاض يمثل أمام المجلس الأعلى، بعد 5 أيام من مثول محمد الهيني، القاضي بالمحكمة الإدارية بالرباط، وعضو النادي، بالتهمة نفسها. وكان مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، بصفته نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء، أحال العبدلاوي، في ماي الماضي، على المجلس الأعلى، بعد نشره للصورة، التي اعتبرت أنها "أساءت لسمعة القضاء، وساهمت في الإخلال بواجب الوقار والتحفظ، والتذمر من ظروف الاشتغال"، لتعقبها حملة تضامنية واسعة معه ومع القاضي الهيني علىالمواقع الاجتماعية، إذ أكدت مصادر من نادي القضاة أن محاكمته التأديبية ستشهد بدورها تضامنا ومؤازرة من طرف ممثلي الجمعيات المهنية للعدالة. وحسب المصادر نفسها، فإن تفاصيل متابعة العبدلاوي تعود إلى ثلاثة أشهر، عندما تقرر نقل قضاة شعبة المدني من ابتدائية طنجة إلى محكمة الاستئناف بالمدينة نفسها، للتخفيف من الضغط والاختناق، مضيفة أن هؤلاء القضاة وجدوا أنفسهم أمام مكاتب مقفلة وغير مجهزة، ما اضطر القاضي العبدلاوي إلى اتخاذ بهو المحكمة مكتبا له لمعالجة ملفات المتقاضين، قاصدا من ذلك لفت انتباه الوزارة إلى انعدام أبسط وسائل الاشتغال. وكان المكتب التنفيذي لنادي قضاة المغرب أعلن، في بلاغ له في ماي الماضي، عن مؤازرته للقاضي العبدلاوي، وللقضاة المتابعين من طرف وزارة العدل، والمحالين على المجلس الأعلى للقضاء بسبب" ممارستهم لحقهم العلني في التعبير مطالبين بتحسين ظروف الاشتغال"، كما لم يستبعد اللجوء إلى الأساليب الاحتجاجية في حال استمرار ما وصفه ب "أسلوب التهديد بغية تكميم أفواه القضاة". واعتبر النادي أن إحالة العبدلاوي على المجلس الأعلى للقضاء بمقتضى كتاب غير موقع تحت عدد 541 -5 "غير مبررة، وتتنافى والمبادئ الكونية المحددة لمدلولات الوقار وواجب التحفظ وسمعة القضاء"، مؤكدا أن قضية العبدلاوي"كشفت الوضعية الهشة للاستقلال المالي للسلطة القضائية، وجسدت الإهمال والتقصير في توفير البنايات الملائمة والوسائل الضرورية لقيام القضاة بأدوارهم الدستورية". وأبرز النادي أن ما تضمنه تقرير الرئيس الأول بمحكمة الاستئناف بطنجة، بتاريخ 29 أبريل الماضي، الذي جاء فيه أن المكاتب كانت موضوعة رهن إشارة القضاة "لا يستند على أساس واقعي، حسب الإشهاد الموقع عليه من طرف 14 قاضيا، يؤكدون فيه أنهم، منذ التحاقهم بمقر المحكمة ابتداء من 1-1-2014، لم يوفر أي مكتب للقضاة إل ابعد 20-1-2014، وجرى توفير مكتب وحيد، كان يستغل كصندوق للمحكمة". من جانبها أكدت جمعية "عدالة" تضامنها مع العبدلاوي، معتبرة أن "هذا الإجراء التأديبي ليسله ما يبرره"، وطالبت وزارة العدل، في بلاغ صادر عنها، ب "الحرص على احترام الحقوق والحريات المكفولة لنساء ورجال القضاء بمقتضى دستور 2011، وبالإيقاف الفوري لكل المساطر التأديبية إلى حين إصدار القانونين التنظيميين للسلطة القضائية".