"كنت دائما أفكر في مستقبل ابني، أتساءل إن كان سيكتب له التعلم، أم سيعيش الأوضاع التي عشتها، حيث غادرت بلدي بسبب النزاعات، التي تتعرض فيها المرأة لأبشع الاستغلالات، وبعد سياسة المغرب الجديدة للهجرة، هدأ بالي، وأعيش الاستقرار". (كرتوش) بهذه الكلمات فضلت إحدى المهاجرات من جنوب الصحراء خوض الحديث مع "المغربية" حول استقبالها لتقرير قدمته جمعية "أم البنين"، أمس الثلاثاء بالرباط، حول "أطفال المهاجرين والمدارس المغربية"، " في إطار مشروع" تمكين المهاجرين "، الذي يموله الاتحاد الأوروبي بشراكة مع جمعيات أخرى، تهتم بإدماج أبناء المهاجرين المتحدرين من دول جنوب الصحراء والساحل الإفريقي. وقالت المهاجرة إنها دخلت المغرب بطريقة غير شرعية منذ أربع سنوات، وتتحدر من بلد إفريقي جنوب الصحراء ما زال يشهد الكثير من النزاعات، مؤكدة أن"مبادرة إدماج أبناء أطفال المهاجرين بالمدارس المغربية مهمة جدا، لأن أبناءنا سيتعلمون اللغة، التي ستمكنهم من الاندماج في المجتمع المغربي، وسيتلقون تكوينا يمكنهم من الحصول على عمل في المستقبل، وأنا مسرورة جدا بهذه المبادرة، التي تعني أن المغرب يرغب في تغطية كافة الجوانب المتعلقة بالمهاجرين غير الشرعيين، تتعدى منح بطاقات الإقامة". ورحب بعض المهاجرين، الذين حضروا ندوة تقديم التقرير في تصريحاتهم ل"المغربية، بمبادرة إدماج أبنائهم بالمدارس المغربية، لأنهم يرون أنها ستمنح أبناءهم فرصة للعيش الكريم والاستقرار، الذي لم ينعموا به هم، قبل تسوية أوضاعهم، معلنين أن إدماج أبنائهم في المدارس المغربية يمثل إضاءة شموع في حياتهم وحياة أبنائهم للسير بأمان في طريق اعتقدوا في السابق أنه سيبقى دائما مظلما. وتمكن المغرب، في إطار إدماج أطفال المهاجرين المتحدرين من إفريقيا جنوب الصحراء، من تسجيل 100 طفل إفريقي من جنوب الصحراء بمدينة الرباطسلا في الفترة 2009 و2013، في 31 مدرسة عمومية و5 مدارس خاصة. ويرى العديد من الفاعلين أن تسجيل الأطفال من جنوب الصحراء سيعرف ارتفاعا خلال الموسم الدراسي المقبل، لأن المهاجرين سيتمكنون من تسوية أوضاعهم، والاطلاع على جميع الفرص التي تمنحها لهم بطاقة الإقامة. وبعد إعطاء الانطلاقة لتسوية وضعية المهاجرين غير الشرعيين، سعى المغرب إلى سياسة لإدماج المهاجرين في المجتمع، بشكل يضمن لهم حقوقهم الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، من خلال منح المهاجرين الحق في تسجيل أبنائهم في المدارس، وتوفير التكوين للكبار والاستفادة من الرعاية الصحية وتعليم اللجهة المغربية. ويبرز إدماج أبناء المهاجرين من جنوب الصحراء بالمدارس أن التزام المغرب بتسوية أوضاع المهاجرين يتجاوز منح بطاقات الإقامة إلى تمكين هؤلاء المهاجرين من الوسائل اللازمة للاندماج في المجتمع المغربي، بالنظر إلى أن المغرب بعد أن كان شكل للعديد من المهاجرين بلد عبور، أصبح اليوم يمثل لهم بلدا مضيفا. وقال أحد أطر سفارة إفريقية من جنوب الصحراء بالمغرب، فضل عدم ذكر اسمه أو بلده، إن المهاجرين الأفارقة كانوا يجدون صعوبة في تسجيل أبنائهم بالمدارس المغربية، لأن وضعية معظمهم كانت غير شرعية. وأوصى التقرير حول "الأطفال المهاجرين والمدارس المغربية" بضرورة الاعتراف بجمعيات المهاجرين، باعتبارها حاملة لحقوق مشروعة، وإشراكها في وضع تصور وتفعيل الإجراءات المتعلقة بالسكان الذين تمثلهم. ويرى التقرير، الذي تدخل توصياته ضمن التكييف الفعلي والمستدام للسياسة الجديدة للهجرة مع حقوق المهاجرين فوق التراب المغربي، أن تسجيل جمعيات المهاجرين يشكل من طرف السلطات المغربية الخطوة الأولى لإقامة حوار بين أصحاب القرار والمصالح العمومية والفاعلين في المجتمع المدني المغربي. وطالب التقرير وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بتفعيل جهاز للإعلام موجه نحو الآباء المهاجرين لتسهيل تسجيل أطفالهم داخل المؤسسات التعليمية المغربية، واعتماد مرونة إدارية لصالح الأطفال المهاجرين، الذين لا يتوفرون على الحالة المدنية. كما دعا سفارات وقنصليات البلدان جنوب الصحراء إلى تسهيل حصول مواطنيها على الوثائق الضرورية، موصيا الفاعلين في المجموعات الدولية بتشجيع كافة مخاطبيهم على وضع سياسة لإدماج الأطفال المهاجرين في النظام التعليمي المغربي، والتفكير في تخصيص اعتمادات مالية لدعم تفعيل مشاريع تخص الإدماج المدرسي، التي ينجزها المجتمع المدني المغربي وجمعيات المهاجرين. تجدر الإشارة إلى أن جمعية "أم البنين"، التي تنشط، أيضا، في مجال حماية المرأة المهاجرة وأطفالها، أنجزت هذا التقرير بتنسيق مع جميع المتدخلين. وكان المغرب أطلق في فاتح يناير الماضي عملية استثنائية لتسوية وضعية الأجانب في إطار التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بالسياسة الجديدة للهجرة بالمغرب، وتسهيل إدماج أبناء المهاجرين في محيطهم المدرسي، ومساعدتهم على تحسين ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية.