أعلن أخيرا عن انسحاب 42 عضوا من أعضاء اللجنة الإدارية وعدد من الفروع من الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، وقرروا تأسيس جمعية جديدة أطلق عليها اسم "الجمعية المغربية لحماية المال العام". وسيطرح موضوع الانسحاب غدا السبت على بمدينة أصيلة على اللجنة الإدارية للهيأة، وفق ما صرح به رئيسها طارق السباعي ل"المغربية". من جهتهم قرر المنسحبون عقد الجمع التأسيسي للمولود الذي اختاروا له اسم "الجمعية المغربية لحماية المال العام"، يوم الأحد 27 أبريل الجاري بالرباط، لانتخاب مكتب تنفيذي من طرف أعضاء اللجنة الإدارية والفروع المنسحبين من الهيأة. وقال محمد الغلوسي، وهو من المنسحبين، حقوقي ومحام بهيئة مراكش، "إن هذه الجمعية الجديدة ستكون إطارا ديمقراطيا ومستقلة، ولن تكون تابعة لأي جهة، كما ستكون مفتوحة في وجه كل الطاقات والخبرات داخل المجتمع المناهضة قولا وفعلا للفساد والمطالِبة لعدم الإفلات من العقاب. وحول أسباب الانسحاب، أوضح الغلوسي، في تصريح ل"المغربية"، أن قرار الانسحاب حصل بشكل جماعي وعن قناعة مشتركة لدى المنسحبين، باستحالة إصلاح الهيأة وتصحيح مسار انحرافها وتفككها، و"حرصاً منهم على رفض تزكية وقبول العبث واللامسؤولية والاستخفاف بقوانين وبهياكل الهيأة، وانطلاقا من قناعاتنا المبدئية بأن الفساد لا يمكن أن يتعايش مع محاربة الفساد تحت سقف واحد". وأضاف الغلوسي "كنا مجبرين على الانسحاب لأننا كنا نراهن على المؤتمر لتصحيح وضعية الهيأة حتى تعود لمجراها الطبيعي، بأن تكون مؤسسة تنظيمية، وذلك بأن تكون أجهزة الهيأة، بما فيها اللجنة الإدارية والمكتب التنفيذي، هي من تسير الهيأة، لكن للأسف اختزل الرئيس الهيأة في شخصه، بحيث إن العديد من التصريحات الإعلامية التي صرح بها لوسائل الإعلام لم تكن مسؤولة، وقد ناقشنا معه هذا الموضوع أكثر من مرة. كما أن الشكايات التي تقدم بها للقضاء باسم الهيأة لا علم للمكتب التنفيذي واللجنة الإدارية بها. وأبرز الغلوسي أنه منذ تأسيس المكتب التنفيذي واللجنة الإدارية سنة 2006 إلى سنة 2014، وهي الولاية الثالثة لطارق السباعي في الرئاسة، لم تقم اللجنة الإدارية والمكتب التنفيذي بدورهما نتيجة سلوكات وممارسات الرئيس الذي همش هذه الأجهزة التنظيمية. وأضاف الغلوسي أنهم فوجئوا خلال المؤتمر بسلوكات غريبة عن الحقل الحقوقي، بحيث إن العديد من الفروع تطرح عليها علامة استفهام، إذ أن عددا من المؤتمرين حضروا على متن سيارات الجماعات المحلية، وهناك فرع أسس شهرا قبل المؤتمر ولم يقدم أي شيء ولم يبذل أي مجهود وحضر إلى المؤتمر ب32 مُؤتمرا، كما أن هناك فروعا أخرى تتناقض مع الأرضية التي أسست عليها من حيث المبادئ والأهداف، بحيث إن الأشخاص الذي يمثلونها لا علاقة لهم بالنضال وحماية المال العام، لأن ممارساتهم وسلوكاتهم تتنافى وتتناقض مع مبادئ الهيأة. وزاد قائلا "أنا شخصيا ناقشت هذه الأمور مع طارق السباعي قبل المؤتمر، وأثناءه من أجل تطويق هذه الممارسات والعمل على تحويل الهيأة إلى مؤسسة تنظيمية حقيقية تقوم بدورها داخل المجتمع في التصدي للفساد ونهب المال العام وعدم الإفلات من العقاب، لكن للأسف، اختُزل المؤتمر في مهمة الرئيس، وفي خرق سافر للقانون الأساسي للهيأة، تم انتخاب الرئيس من قبل اللجنة الإدارية، وهو ما يعني أن المكتب التنفيذي الذي سيتم انتخابه لن تكون له سلطة على الرئيس ولا يمكنه أن يحاسبه، بل يمكن أن تحاسبه الجهة التي انتخبته وهي اللجنة الإدارية. وأبرز الغلوسي أن النقاش الجدي والمسؤول كان غائبا في المؤتمر، وحضرت الفوضى والتهديد بالعنف، إلى جانب التقرير الأدبي الذي كان عبارة عن انطباعات ومزاج الرئيس، ولم يقدم أي حصيلة في ما يتعلق بالتقرير الأدبي. وأضاف أن الرئيس اتهم في الجلسة الافتتاحية مسؤولين بأنهم من أكبر ناهبي المال العام دون أن يتوفر على الحجة على ذلك، وكل هذه الممارسات أصدرنا بيانا بشأنها قلنا فيه إنه "لا يمكن للفساد أن يتعايش مع محاربة الفساد تحت سقف واحد". لذلك، يضيف الغلوسي، "نحن كمناضلين لا يمكن أن نعطي الشرعية لهذه الهيأة التي تسود فيها مثل هذه السلوكات الضارة بالهيأة والمناقضة لأهدافها ومبادئها وبالتالي قررنا نحن المنسحبين بشكل جماعي وبقناعة مشتركة أنه لا يمكن الاستمرار في ظل الظروف التي ذكرتها". وحول موقف الهيأة من هذا الانسحاب، قال طارق السباعي، رئيس الهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، "سنجتمع يوم السبت المقبل (غدا) في مدينة أصيلة بموازاة مع تنظيم قافلة فضح الفساد ومحاربته بهذه المدينة، وبالتالي سنتخذ الموقف المناسب تجاه ما وقع بعد انتهاء أشغال اللجنة الإدارية". وأكد السباعي أن الهيأة لم تتوصل رسميا باستقالات فردية، "بل إن أحد أعضاء اللجنة الإدارية هو الذي صرح نيابة عن المنسحبين دون أن يدلي بالأسماء التي في صفه، وبالتالي مازال الغموض يلف هذا التصريح الغامض". وحول رأيه بشأن البيان الصادر عن المنسحبين، أوضح السباعي، في تصريح ل"المغربية"، أنه ستجري دراسته في اجتماع المكتب التنفيذي، مبرزا أن المؤسسة مازالت قائمة وتدرس الإجراءات التي ستتخذها بعد صدور هذا البيان الغامض، الذي لا يحمل توقيعات جميع الأعضاء المنسحبين، ومضى يقول "اتصلنا بالعديد منهم وتبرأوا من ذلك البلاغ وقالوا إنه لا يعنيهم"، وبالتالي فالصورة حتى الآن ليست واضحة، ويجب على هؤلاء المنسحبين أن يكشفوا عن الجهة التابعين لها، إن كانوا حزبيين أو مستقلين، مضيفا "بالنسبة إلي، الحزبيون إذا أرادوا أن ينسحبوا من الهيئة ويؤسسوا جمعية خاصة بهم فهم أحرار، لكن أن يتصلوا بأعضاء مستقلين ويطلبون منهم الانسحاب فهذا أمر غريب". وحول الاتهامات التي وجهت إليه كرئيس للهيئة في بلاغ المنسحبين، قال السباعي "سأتحدث هنا عن نفسي، فالرأي العام تتبع المؤتمر وتمت المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي بالإجماع، ولن أعلق على ما تم التصريح به من طرف شخص أعتبره عاقا"، موضحا أن كاتب البيان ورئيس المؤتمر محمد العمراني صادقا معا على هذين التقريرين، كما أنهما شاركا في التصويت إلى نهاية أشغال اللجنة الإدارية، معربا عن استغرابه لما جاء على لسانهما. وأردف قائلا "بالنسبة لي فمحمد الغلوسي ومحمد العمراني أعتبرهما عقلي الهيأة الوطنية لحماية المال العام، ولهذا لن أثق في انسحابهما منها، خاصة أنني من طلب منهما أول مرة الحضور للهيأة، ورافقاني إلى نهاية المؤتمر، ولكن أستغرب لهذا الموقف بعد اعترافهما بإجراء انتخابات الأجهزة بطريقة ديمقراطية، وبالنسبة لي فالفوز ب10 أصوات مسألة ديمقراطية، وحتى لو فزت بصوت واحد كان عليهما أن ينضبطا بصندوق الاقتراع". يذكر أن المؤتمر الوطني الثاني للهيأة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب انعقد يومي 21 و22 مارس الماضي، واختتم باجتماع اللجنة الإدارية يوم السبت 12 أبريل الجاري بالرباط لانتخاب المكتب التنفيذي، الذي شهد عملية الانسحاب من الهيأة.