أكد مدير مرصد الدراسات الجيوسياسية بباريس، شارل سانت - برو، أول أمس الاثنين، بلشبونة، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس جعل من إفريقيا أولوية بالنسبة للدبلوماسية المغربية، تتجسد من خلال تواتر وكثافة الزيارات الإفريقية لجلالة الملك استغرقت أحدثها ثلاثة أسابيع. وقال سانت - برو، في ندوة نظمتها سفارة المغرب بالبرتغال حول "السياسة الإفريقية للمغرب: تعاون جنوب - جنوب فعال ورافعة من أجل شراكة شمال جنوب متجددة"، أن جلالة الملك يحرص بالخصوص على التذكير بالدور الخاص للمغرب كفضاء للتواصل مع جنوب الصحراء وإفريقيا السمراء ونقطة وصل ضرورية بين أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء. وأكد أن المغرب بلد أطلسي ومتوسطي، وكذا إفريقي تربطه مع إفريقيا جنوب الصحراء علاقات قديمة وواسعة تفسر دون شك السياسة الإفريقية البالغة الأهمية لجلالة الملك، مبرزا أن هذه السياسة المتجددة تعد إحدى ركائز دبلوماسية الرباط التي تمتلك رؤية لتعاون جنوب - جنوب طموح وبشكل أوسع لشراكة بين الدول الأوروبية والمغاربية والإفريقية. وفي عرض بعنوان "روابط عريقة وتقليد متجدد للانفتاح"، أوضح الخبير الفرنسي أن العلاقة التاريخية هي التي تفسر أن جلالة المغفور له محمد الخامس كان رائد الاتحاد المغاربي وأيضا الاتحاد الإفريقي. وفي ظل عهد جلالة المغفور له الحسن الثاني، يضيف الخبير الفرنسي، تعززت العلاقة مع العديد من الدول التي كانت لديها وجهات النظر نفسها حول صراع الشرق والغرب التي شكلت القارة رهانا رئيسيا بالنسبة له، مبرزا أنه يجب الاعتراف بكون المغرب لعب دورا حاسما ضد المناورات التخريبية للمعسكر الشيوعي الشمولي. وأضاف أن الجزائر المتحالفة مع المعسكر الشيوعي وجدتها فرصة مواتية للتعبئة ضد المملكة بخلق النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، مبرزا أنه بعد مناورات "بئيسة" قبلت أغلبية ضئيلة من أعضاء منظمة الوحدة الإفريقية، في 1984، بداخل المنظمة تمثيلية الانفصاليين وخرقت بذلك ميثاقها الخاص. وقال إن المغرب العضو الرائد بالمنظمة الذي انسحب منها لم يدر ظهره لإفريقيا، إذ أبقت المملكة على نواة مخلصة وصلبة من الأصدقاء المخلصين والثابتين. وأوضح أنه بعد 30 سنة من انسحاب المغرب من المنظمة فإنه عزز حضوره حاليا أكثر من أي وقت مضى بإفريقيا جنوب الصحراء، من خلال سياسة إفريقية متجددة برؤية تعاون طموح جنوب- جنوب. وذكر أنه في العديد من الدول، تعزز رأسمال الثقة عبر الرابط الديني، مضيفا أن تأثير جلالة الملك سليل الرسول عليه السلام أمر بالغ الأهمية يساهم في الدفاع عن قيم الإسلام الحقيقية في مواجهة المتطرفين "الذين أخذوا الدين رهينة". وأضاف أن جلالة الملك، خلال زيارته الإفريقية الأخيرة، كثف أيضا برنامج تكوين الأئمة بدول مختلفة، مبرزا أن الأمر يتعلق باستعمال عقيدة معتدلة ومتسامحة للإسلام المالكي من أجل المساهمة في مواجهة انتشار التطرف. وشدد على أن سياسة المغرب الإفريقية توجد في قلب الرهانات الكبرى لأوطاننا على ضفتي المتوسط، مؤكدا أن الرهان الذي أبرزه جلالة الملك هو إطلاق شراكة استراتيجية حقيقية بين إفريقيا وأوروبا".