تفاعلت جمعيات حقوقية مع المقرر الأممي الخاص حول التعذيب، خوان مينديز، عند تقديمه تقريريه أمام مجلس حقوق الإنسان، الاثنين الماضي، بجنيف، والذي أشاد فيه بتعاون المملكة المغربية وجهودها المتواصلة الرامية إلى تفعيل التوصيات المتعلقة بمحاربة هذه الظاهرة. وقال جواد الخني، رئيس المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الإنسان، إن "المنتدى يسجل بإيجابية ما صرح به السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، عمر هلال، وهو يتحدث أمام مجلس حقوق الإنسان في دورته 25، إذ سجل التعاون مع الآليات الأممية للنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها، خاصة تجاه المساطر الخاصة، وقبوله بالتعاطي الإيجابي مع خلاصات وتوصيات المقرر الأممي الخاص حول التعذيب". وأضاف الخني، في تصريح ل"المغربية" أن "المغرب مطالب بالمزيد من المجهودات في هذا الاتجاه، من قبيل إصلاح المنظومة القانونية، وفي مقدمتها القانون الجنائي، وقانون مكافحة الإرهاب، ووضع خطة عمل وطنية، أو آلية للوقاية من التعذيب تسهر على زيارة أماكن الاحتجاز وتعزيز حماية الأشخاص من التعذيب بالسجون، ومفوضيات الشرطة ومراكز الدرك". ودعا إلى انفتاح السلطات على الجمعيات الحقوقية بإشراكها في مناهضة التعذيب. كما شدد على فسح المجال لثقافة ومبادئ ومعايير حقوق الإنسان في الوجود والازدهار وسط المجتمع، وفي التعليم، والإعلام العمومي، مع تخليد للأيام الوطنية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان وإعادة الاعتبار للذاكرة الجماعية وللتاريخ، والتأسيس لمجتمع سلطة القانون ودولة المؤسسات. من جهته، قال عبد الإله طاطوش، عضو المكتب التنفيذي للمركز المغربي لحقوق الإنسان، ل"المغربية" إن ما عبر عنه خوان مينديز، بمناسبة مناقشة ظاهر التعذيب وقضايا حقوق الإنسان بالمغرب، يعكس "حقيقة الوضع داخل المغرب، ويفند بعض الادعاءات التي تجانب الصواب، إذ لا يمكن لأي فاعل حقوقي وطني أن يشكك في مدى الأشواط التي قطعها المغرب في مجال حقوق الإنسان بشكل عام، إن على مستوى التصديق والتوقيع على العهود والمواثيق الدولية، أو على مستوى التقدم في مجالات التشريعات والقوانين المرتبطة بحقوق الإنسان، وهو ما يعكسه الدستور والقوانين الأخرى، التي تحث على حقوق الإنسان السياسية والمدنية وغيرها، وتعكسه ثقافة حقوق الإنسان التي أصبحت تدب في شرايين الدولة والمجتمع". وبخصوص قضية التعذيب خلال مراحل البحث التمهيدي مع الموقوفين، أو في ما يخص زيارة أماكن احتجاز أو حبس المعتقلين، فإن المغرب، يقول طاطوش، سجل "تقدما ملحوظا، حتى وإن كان ببطء شديد في بعض الأحيان". وأوضح أنه، باستثناء بعض الحالات التي تعرض خلالها بعض الموقوفين أو المعتقلين للتعنيف أو التعذيب من قبل الضابطة القضائية، أو داخل السجون، والتي عادة ما تعرض على الخبرة الطبية، فإن هذه الظاهرة تراجعت بشكل كبير، خلال السنوات القليلة الماضية. وبخصوص الزيارات للسجون، قال"إننا في المركز المغربي لحقوق الإنسان، نؤكد على تعاون كل من النيابة العامة والمندوبية العامة لإدارة السجون، إذ لم يسجل أي رفض في هذا الشأن، على الأقل خلال الثلاث سنوات الماضية، كلما سنحت الظروف" من جانب آخر، قال محمد بنعيسى، مدير مرصد الشمال لحقوق الإنسان، في تصريح ل"المغربية"، إن "تفاؤل مينديز بخصوص مجهودات السلطات المغربية لمناهضة التعذيب، لا ينفي استمرار بعض الممارسات غير الإيجابية داخل مراكز الشرطة والدرك"، داعيا إلى المزيد من المجهودات للقطع مع كل ممارسة تحط من كرامة المواطن. وأضاف أن المغرب مطالب بالتفعيل الحقيقي للنصوص المتعلقة بتجريم التعذيب. وكان المقرر الأممي الخاص حول التعذيب، خوان مينديز، عبر عن شكره للمغرب على "تعاونه وجهوده المتواصلة" الرامية إلى تفعيل التوصيات المتعلقة بمحاربة هذه الظاهرة. وأشاد لدى تقديمه لتقريره أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف، بتعاون المملكة مع المساطر الخاصة والآليات التي أرساها مجلس حقوق الإنسان، الخاصة بالقضايا الموضوعاتية في العالم أو حول الوضعية الخاصة لبلد ما. وقال الخبير الدولي، الذي ثمن أيضا دعوة الحكومة له من أجل القيام بزيارة متابعة خلال سنة 2014 "أعبر عن شكري للمغرب لانفتاحه على التعاون المستقبلي". وفي الإطار نفسه، أطلق المغرب وأربعة بلدان أخرى، أخيرا، بجنيف، نداء إلى كافة بلدان العالم من أجل المصادقة وتفعيل الاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب. وأطلق هذا النداء الرسمي من المقر الأوروبي للأمم المتحدة، بحضور الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، امباركة بوعيدة، والمفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي. ووقع على "المبادرة العالمية للمصادقة الدولية على اتفاقية مناهضة التعذيب وعقوبات أخرى أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" كل من الدنمارك والشيلي وغانا وإندونيسيا والمغرب.