نظمت أكاديمية المملكة المغربية ووزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، بمدينة أزمور، أخيرا، ورشة جهوية ثالثة حول "تراث فن الملحون"، ضمن سلسلة الورشات الجهوية، التي تجمع كافة المنتسبين إلى هذا الفن العريق من جمعيات، ومنشدين، وشعراء وباحثين، لإشراك جميع المعنيين بقضايا "ديوان المغاربة " أو "فن الملحون" ضمن المشروع الثقافي والتراثي المتعلق بإدراج هذا الفن ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو كتراث إنساني. وقال جمال الدين بنحدو، فنان الملحون، إن مثل هذه اللقاءات التي بادرت بتنظيمها أكاديمية المملكة، بشراكة مع وزارة الثقافة والاتصال (قطاع الثقافة)، مهمة جدا من أجل رد الاعتبار لفن الملحون، وتثمينه وإثارة الانتباه إلى الأخطار المحدقة باستمراريته وديمومته بين الناس، والشروع في تحضير ملف ترشيح فن الملحون، في أفق تسجيله ضمن اللائحة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى اليونسكو، بموجب اتفاقية 2003 الخاصة بصون التراث الثقافي غير المادي، التي صادق عليها المغرب منذ سنة 2006، فبعد الاجتماع التمهيدي الذي انعقد في رحاب أكاديمية المملكة المغربية يوم 9 يناير2018، والذي تم الإعلان فيه رسميا عن البدء في تحضير الملف، تتابع هذه الورشات الجهوية، بعد الورشة الأولى التي انعقدت بمدينة أرفود يوم 22 يونيو الماضي، والورشة الثانية التي انعقدت يوم 14 شتنبر الماضي بمدينة تارودانت، والروشة الثالثة التي نظمت أخيرا بمدينة أزمور". وأضاف بنحدو، أستاذ الموسيقى، أن فن الملحون، فن مغربي عريق عرف في عدة مناطق من المغرب أهمها تافيلالت، ومكناس، وفاس، وسلا، والرباط، وأزمور، والدار البيضاء، ومراكش، وتارودانت، وآسفي، والقنيطرة، إذ انطلقت بداياته الأولى وسط الصناع الحرفيين، حيث جادت قريحتهم بكلام موزون، تغنى به مولعون، وعشاق المعاني، والألحان، فاستطاع الملحون أن يصور كل مناحي الحياة اليومية، وكان فسحة للحرفيين، للتغني والترويح عن النفس، سواء من خلال النزاهة، أو من خلال الجلسات الخاصة. وأبرز بنحدو أن الملحون يتناول مواضيع متعددة، من أهمها المدح، خاصة أمداح الرسول(ص) ، وكل ما يعرف داخل الأوساط الملحونية بمفهوم العشاقي، وهو كل ما يرتبط بالغزل، ومن مميزات القصائد الملحونية أيضا أنها تعتمد على منهاج السرد والحكي في تناول الموضوع، وهو وصف دقيق ومرتب بشكل يضفي على القصيدة طابع قصة مسترسلة، فقد تفرد شعراء الملحون في وصف مناحي كثيرة من قبيل الطبيعة، والمأكولات، وتفاصيل الحياة اليومية، ومازال الملحون إلى اليوم يواكب تطورات المجتمع وهمومه، ومشاكله العصرية من قبيل الطفرات المسجلة على مستوى أنماط الحياة كالأمراض، والتكنولوجيا الحديثة على سبيل المثال.