تعد نقطة بيع الفضة الخام التي تم إحداثها بمدينة كلميم أول تجربة على الصعيد الوطني، لتسهيل عملية تزويد الصناع التقليديين بالمادة الأولية، وبالتالي ضمان الاستمرارية لحرفة الصياغة ذات الخصوصيات المحلية وتثمينها وتطويرها. ويأتي إحداث هذه النقطة، التي يحتضنها مجمع الصناعة التقليدية بمدينة كلميم، استجابة لمطالب حرفيي صياغة الفضة منذ أزيد من 20 سنة، وتفعيلا للمخطط الجهوي لتنمية الصناعة التقليدية بالأقاليم الجنوبية، ولاسيما المحور المتعلق بدعم الإنتاج. وقال المدير الجهوي للصناعة التقليدية بكلميم محمد سالم بوديجة إن هذه النقطة تعد ثمرة اتفاقية شراكة انخرط فيها الصناع التقليديون عبر تعاونية للصياغين والمديرية الجهوية، بتنسيق مع غرفة الصناعة التقليدية ومنتدى الباحثين الاقتصاديين بالأقاليم الجنوبية الذي أنيطت به مهمة مواكبة تعاونية المستقبل للصياغين المكلفة بتدبير نقطة البيع في مجالات التدبير الإداري والمالي والمحاسبة. وأضاف بوديجة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن توفير مقر كنقطة بيع لمادة الفضة الخام تم عبر خلق صندوق تضامني للتنمية بقيمة 200 ألف درهم، مساهمة من وزارة الصناعة التقليدية على أساس توجيهه للاستثمار وليس للاستهلاك، واستعمال عائدات بيع هذه المادة الخام كرأسمال متجدد لهذا الصندوق، وذلك بهدف ضمان استمرارية هذا المشروع وتنمية مداخيله عبر شراكات مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمجالس المنتخبة ووكالة الجنوب وباقي المتدخلين. ويستفيد من نقطة بيع الفضة الصناع التقليديون المنتمون لإقليم كلميم والذين يمارسون فعليا حرفة صياغة الفضة والحلي، وذلك بثمن يحافظ على رأسمال الصندوق الذي يتم تدبيره من طرف "تعاونية المستقبل للصياغين" ويساهم في تنميته. من جانبه، أبرز رئيس جمعية اتحاد الصياغين بإقليم كلميم مولود الزحل، في تصريح مماثل، أهمية إحداث هذه النقطة في التقليص من كلفة الإنتاج والرفع من المردودية وتطوير القدرة التنافسية للحرفة. وأضاف الزحل، وهو عضو غرفة الصناعة التقليدية بجهة كلميمالسمارة، أنه بإحداث هذا الفضاء الذي تعزز بمركز للدعم التقني الخاص بحرفة الصياغة وتنظيم دورات تكوينية مستمرة، تكون سلسلة الإنتاج قد اكتملت لدى الصياغين، داعيا بهذه المناسبة إلى مواكبة هذا المشروع والعمل على دعمه من أجل ضمان استمراريته. بدوره، أكد احنيف ماء العينين (25 سنة)، وهو صاحب مقاولة ناشئة في حرفة صياغة الفضة والمجوهرات، أن إحداث نقطة بيع الفضة خففت من معاناة الصناع الذين كانوا يضطرون للتنقل إلى مدينتي أكادير وتزنيت للتزود بمادة الفضة خام، كما شكلت حافزا مهما في مسار تطور الحرفة والمحافظة عليها. وأضاف أن هذه النقطة جاءت لتستجيب لحاجة ملحة للصناع الشباب الذين يتطلعون إلى مزيد من الدعم والمواكبة لإبداع منتجات تستجيب لمختلف الأذواق وتحافظ على الطابع الأصيل لهذه الحرفة التي تعكس غنى الموروث الثقافي بهذه المنطقة. ونظرا للنتائج الأولية الإيجابية التي حققتها هذه المبادرة لفائدة الصياغين بإقليم كلميم، فقد تم نقل هذه التجربة الفتية إلى مدينتي طاطا وطانطان، وذلك بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبشراكة مع وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني. للإشارة فقد خصص لجهة كلميمالسمارة غلاف مالي يقدر ب 13,3 مليون درهم لتمويل المحاور التي تندرج في إطار مخطط التنمية الجهوية للصناعة التقليدية، والتي تهم دعم الإنتاج والتسويق، وتحسين ظروف عمل الصناع? كما تقرر تخصيص 34,4 مليون درهم لتمويل نفس المحاور ضمن المبادرات المشتركة بين الجهات الجنوبية الثلاث. ويقدر عدد الصناع التقليدين بإقليم كلميم، حسب المديرية الجهوية للصناعة التقليدية، بحوالي أربعة آلاف صانع وصانعة في مختلف الحرف الفنية الإنتاجية والخدماتية ينتظمون في 29 جمعية حرفية و24 تعاونية و31 مقاولة صغيرة ومجموعتين ذات النفع الاقتصادي. وتتوفر مدينة كلميم على مجمع للصناعة التقليدية أحدث سنة 1978، ويضم 26 محلا لصناع يمتهنون حرف الصياغة والمصنوعات الجلدية والخياطة التقليدية والخشب، بالإضافة إلى مركز للتكوين بالتدرج وقاعة للاجتماعات. وستتعزز البنيات التحتية للقطاع ببناء مجمع للصناعة التقليدية من الجيل الجديد بكلميم على مساحة 2700 متر مربع، وبكلفة تتجاوز قيمتها 12 مليون درهم، سيشكل فضاء ملائما للإنتاج والتكوين والتسويق.