سعت الإدارة الأمريكية للحد من أي ضرر قد يلحق بالتحالف الذي يربط الولاياتالمتحدة بالسعودية، جراء خلاف على دور الولاياتالمتحدة في الشرق الأوسط أبرز تباينات استراتيجية متنامية. العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز (خاص) سلطت سلسلة من الانتقادات العلنية غير المعتادة من أعضاء بارزين في الأسرة الحاكمة في السعودية الضوء على استياء المملكة من الولاياتالمتحدة بسبب موقفها من الأزمة السورية وتقاربها الدبلوماسي مع إيران وفتور موقفها من الحكومة المصرية. ولا أحد يتوقع انهيار العلاقة الاستراتيجية التي ظلت على مدار أكثر من نصف قرن أحد أركان السياسة الأمريكية في المنطقة لكن بعض المصالح المتبادلة التي جمعت بين الحليفين بدأت تهتز. وفوجئت إدارة أوباما بتحذير سعودي أن المملكة تدرس تحولا رئيسيا عن الولاياتالمتحدة لكن الأمر لم يصل إلى حد الانزعاج. فقد أبدى البيت الأبيض قدرا أكبر من الاستعداد للمجازفة بتوتر العلاقات مع حلفاء للولايات المتحدة في سبيل تحقيق ما تهدف إليه من تجنب التدخل العسكري في سوريا والسعي لإبرام اتفاق نووي مع إيران ألد خصوم السعودية. وبذل المسؤولون الأمريكيون جهدا كبيرا لتجنب خلق انطباع أنهم لا يأخذون الهواجس السعودية مأخذ الجد. لكن لم يصدر عنهم أيضا ما يشير إلى التراجع رغم التحذير الذي ورد على لسان رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان في لقاء مع دبلوماسيين أوروبيين هذا الأسبوع أن السعودية تبحث الحد من تعاملاتها مع الولاياتالمتحدة. وسلم جاي كارني، المتحدث باسم البيت الأبيض، بوجود خلافات مع السعودية، لكنه قال "نحن نسويها بطريقة صريحة ومباشرة لأننا نصون الأسس الرئيسية لعلاقة في غاية الأهمية". وأضاف في تصريحات للصحافيين "سنواصل العمل مع شركائنا السعوديين لان تلك العلاقة مهمة جدا من النواحي الاقتصادية والأمن القومي". وشبه بعض المسؤولين الأمريكيين الحاليين والسابقين في لقاءات خاصة التحذير السعودي بثورة غضب مؤقتة لن يكون لها أثر باق على العلاقات الثنائية. وقال مصدر بأجهزة الأمن القومي الأمريكية إنه لم تبد علي سبيل المثال أي بادرة على أن السعودية تريد تقليص المنشآت العسكرية الأمريكية بما في ذلك قاعدة تستخدم في إطلاق الطائرات دون طيار لمهاجمة متشددين إسلاميين في اليمن. ومنذ سنوات بعيدة ربطت واشنطن والرياض شراكة وثيقة في الحرب على تنظيم القاعدة كذلك فإن المصالح مشتركة في الدور الذي تلعبه الولاياتالمتحدة في ضمان أمن إمدادت النفط من السعودية ودول أخرى. وقال مسؤول أمريكي كبير سابق له خبرة واسعة بالاتصالات الأمريكية بالسعودية، "لا أستطيع القول إن هذا صدع رئيسي" مشيرا إلى أن أوجه اعتماد كل من الطرفين على الأخر متعددة، وأضاف "هذا خلاف عائلي لكنه خلاف خطير". إلا أن بعض المحللين في واشنطن يقولون إن الآراء أصبحت متباينة بشأن سورياوإيران ومصر بدرجة يتعذر معها أن تعود العلاقات بين الولاياتالمتحدة والسعودية إلى التقارب الذي كانت عليه من قبل. وانفجر الغضب السعودي الأسبوع الماضي عندما رفضت المملكة شغل مقعدها الذي فازت به في مجلس الأمن، احتجاجا على ما وصفته بفشله في تسوية الصراع السوري والصراع الفلسطيني الإسرائيلي. ومن أبرز المخاوف السعودية أن واشنطن أخفقت في التحرك بالقدر الكافي في سوريا، سواء في ما يتعلق بالتهديد باستخدام القوة العسكرية أو في تسليح المقاتلين المناهضين للحكومة بالإضافة إلى استعدادها للتساهل في أي مفاوضات مع إيران.