العديد من الموريتانيين والمغاربة الصحراويين ماتوا تحت التعذيب أثناء اعتقالهم من طرف البوليساريو في مخيمات خصصت للمحتجزين أشبه بمعسكرات إرهابية مغلقة، في تندوف، فوق التراب الجزائري. مدن الزويرات، وانواذيبو، والمناطق الشمالية لموريتانيا، كلها تعرض سكانها للاختطاف من طرف ميلشيات البوليساريو من أجل تكوين شعب لقيط اغتالت البوليساريو أبناءها، الذين اعتمدت عليهم في الحرب مع المغرب، لا لشيء سوى لأنهم فطنوا، مع طول فترة الحرب، إلى أنهم قطعة سلاح في يد الجزائر، يستعملون لإعاقة النمو في المغرب، ووجدوا أنفسهم لا قضية لهم يدافعون عنها، وأن جميعهم متمترسون في جبهة القتال يحاربون من أجل الوهم فقط، وليس هناك حقيقة تفيد أن هناك شعبا صحراويا مضطهدا. محمد الشيخ ولد إبراهيم ولد عبد الله ولد سيدي يوسف، المعروف بالديخ، كان له اسم حركي وهو "أكلاي"، استقطبته الاستخبارات الجزائرية من موريتانيا، ودخل إلى المخيمات ليحارب إلى جانب البوليساريو، وفي فترة وجوده داخل المخيمات، اهتدى إلى حقيقة صادمة، إذ استنتج أن سكان المخيمات هم من الصحراويين المغاربة المحتجزين، ومن المختطفين الموريتانيين، والكثير من أبناء تندوف الجزائريين، وانتبه إلى أن ما يقرب من 85 في المائة من سكان المخيمات هم جزائريون من أصول صحراوية، وأنهم يكونون في النهار جزائريين، وفي المساء صحراويين يطالبون باستقلال الصحراء التي لا علاقة لهم بها، لأنهم خارج الإحصاء، الذي أنجزه الاستعمار الإسباني حين احتلاله للصحراء المغربية، وأغلبهم من مواليد تندوف، أو بشار، أو برج المختار، بمعنى أنهم جزائريون. في لحظة مصارحة مع الذات، تبين له أنه يقاتل من أجل خدمة التوسع الجزائري، الذي كان يأمل أن يجد منفذا له على المحيط الأطلسي، وأن الاستخبارات الجزائرية نفذت مسلسلا من التصفية الجسدية لأغلب سكان الصحراء الأصليين، وأن قيادة البوليساريو هي من قامت بتلك التصفيات الجسدية، بوحي من جنرالات الحرب الجزائريين. وبعد تتبعه لخيوط المؤامرة التي نفذت في حق العديد من الصحراويين، توصل إلى معلومات تفيد أن النظام الجزائري قام بكل تلك التصفيات لإعمار الصحراء المغربية بصحراويين جزائريين من الطوارق، الذين يطالبون، منذ أكثر من 45 سنة، بالحكم الذاتي في بلادهم، والجزائر دائما ترفض ذلك، لأن أرض الطوارق قريبة جدا من آبار البترول والغاز الجزائري، الشيء الذي يهددها كدولة. لذلك أقدمت على التصفية الجسدية للسكان الأصليين للصحراء، وإحلال مكانهم الجزائريين من أصول صحراوية من سكان بشار، وتندوف، وبرج المختار. ولا يمكن استكمال الخطة الجزائرية إلا بإعطاء البوليساريو القوة النافذة من أجل تصفية الصحراويين الأصليين، وهو ما قامت به الجبهة منذ سنة 1974. كان أكلاي من الأوائل ضمن مجموعة الصحراويين الذين كانوا في سلك الجيش الإسباني إبان الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية، الذين استقطبتهم الاستخبارات الجزائرية للعمل ضمن البوليساريو، وفر من الجيش الإسباني في منتصف سنة 1974 مع مجموعة من الصحراويين للالتحاق بالبوليساريو. وبعد مدة، تعرض للاعتقال رفقة عدد من الصحراويين بتهمة التحريض على تخريب الثورة، وسجن لسنوات وحكم عليه بالأشغال الشاقة بمركز اوديات لعطاطفة، وبعد ذلك، تمت إحالتهم على سجن الرشيد بتندوف، حيث قضى سنوات طويلة، تعرض فيها للتعذيب الوحشي على يد جلادي قيادة البوليساريو، وفي نهاية سنة 1980 قررت قيادة البوليساريو إطلاق سراحه، شريطة أن يوقع على محضر يعترف فيه بأنه كان مندسا في الجيش، الأمر الذي رفضه، ليقع إرجاعه للتعذيب حتى يعترف، وظلوا يواصلون تعذيبه، ويطلبون منه أن يقول لهم بأنه مندس أكثر من سبع ساعات، إلى أن فارق الحياة.