بدأت الحالة الصحية للفنان المسرحي ميلود الحبشي تتحسن، بعد أن تعرض أخيرا، لحادثة سير، وفي زيارة "المغربية" للفنان للاطمئنان عليه، رحب كعادته بابتسامة، وفتح قلبه للحديث عن الحادثة، لكن عشقه الكبير للفن جعله ينسى آلامه ومرضه، ليعود بنا إلى ستينيات القرن الماضي، حيث كانت انطلاقته في مجال التمثيل. المسرحي ميلود الحبشي أثناء إقامته بإحدى المصحات تحدث الحبشي عن عشقه للتمثيل، وتألم للوضع الذي آل إليه الفنان المغربي، وتحسر كذلك على جيل الرواد، الذي ينتمي إليه، والذي لم ينصف خلال مساره الإبداعي. لكن رغم المشاكل التي تواجه الفنان، ورغم الإجحاف الذي يعانيه، إلا أن العشق الكبير للكاميرا يجعل الحبشي لا يندم على أنه دخل باب التمثيل، ويتمنى أن يتعافى ليعانق جمهوره قريبا، من خلال أدوار جديدة. كيف هي حالتك الصحية الآن؟ أشعر بتحسن، والحمد لله أنني لن أخضع لعملية جراحية بخصوص الكتف الأيمن. أحتاج إلى حصص ترويض، وما يؤلمني هو الوكر، لأنني لا أستطيع الوقوف. ومن تكفل بمصاريف العلاج؟ من جهة، تكفلت شركة تأمين السيارة، ومن جهة أخرى، تعاضدية الفنانين، كانت حاضرة، وأدفع بعض المصاريف الإضافية. حدثنا عن تفاصيل حادثة السير؟ تعود تفاصيل حادثة السير إلى عودتي من السفر من مدينة ورزازات، حيث كنت أصور مشاهدي في الفيلم السينمائي "أكادير إكس بريس" للمخرج يوسف فاضل، ولدى عودتي رفقة السائق ليلا، لأنني كنت مرتبطا كذلك بتصور مشاهدي في سلسلة بالدارالبيضاء، اصطدمت السيارة بحائط الطريق السيار ببن جرير، نقلت على إثرها إلى مستشفى المدينة، ولما علمت أسرتي بخبر حادثة السير نقلتني على وجه السرعة إلى مصحة بالدارالبيضاء، حيث أخضع للعلاج. لم أكن نائما لأنني تعودت على الأسفار والجولات، لكن في لحظة، اصطدمت السيارة بالحائط ما جعلنا ننقلب عدة مرات، إلى أن توقفت السيارة نهائيا، حينها لم أفكر إلا في بناتي الثلاث، لم أفكر في زوجتي لأنها أصبحت جزءا مني، لكنني فكرت في بناتي لأنهن مازلن صغيرات السن، وفي حاجة إلى من يرعاهن. وبخصوص السائق، أصيب بكسر في اليدين وغادر المصحة منذ أيام. وأنت في المصحة كيف ساندتك زيارات زملائك في الدرب؟ كانت الزيارات المتكررة للفنانين تشكل متنفسا لي، أحسست أنني محبوب من قبل الجميع. خلال وجودي بالمصحة، زارني العديد من الفنانين وساندوني جدا. ما هو الدور الذي تجسده في الفيلم السينمائي "أكادير إكس بريس"؟ أجسد دور سائق شاحنة تنقل الدواء لمحاربة الجراد. وهذا السائق يستغل الشاحنة لقضاء أغراضه الخاصة. وماذا عن السلسلة التلفزيونية؟ كنت مرتبطا بتصوير بعض المشاهد في سلسلة تحمل عنوان "أمينة" للمخرج هشام العسري، وأجسد في العمل، الذي سيجري عرضه على قناة ميدي1 تي في" دور كولونيل متقاعد، لكنه ظل متشبثا بديكتاتوريته خلفت لديه نوعا من الخلل، وأصبح شخصا غير عاد. تبقت لي مشاهد قليلة، أتمنى أن أتعافى لكي أتمم تصويرها. هل أنصفتك الساحة الفنية؟ أنصفتني في حب الجمهور، لكن ظل الإنصاف المادي غائبا. لحظة تعرضي لحادثة السير فكرت في بناتي، لأنني وأنا بجانبهم لا أستطيع أن ألبي لهن جميع رغباتهن، وما بالك وأنا غائب. من سيهتم بهن في غيابي. الميدان الفني يهيمن عليه أشخاص يشتغلون داخل مؤسسات، ولديهم راتب محترم، ويتطفلون على المجال الفني ويتزاحمون على الغلاف المالي الذي تقدمه الدولة للفنان الحقيقي، الذي هو مصدر عيشه الوحيد. أنا لست ضدهم، لكن لكل ذي حق حقه. متى كانت بدايتك في مجال التمثيل؟ البداية كانت من خلال الأنشطة داخل دور الشباب، عندما كانت لهذه الأخير قيمة كبيرة، حيث كان الكل يخضع للتكوين في مختلف المجالات. في مرحلة الدراسة الابتدائية كنت متفوقا في الدراسة، ولحسن حظي كانت تدرسنا أستاذة، وشاعرة في آن واحد، هي زوجة الفنان محمد الخلفي. كانت تكوننا بطريقة غير مباشرة في الفن. والالتحاق بالمعهد البلدي كان سنة 1968، ضمن فرقة الطيب الصديقي. هل تتذكر أول عمل فني قدمته للجمهور؟ أول مسرحية قدمتها في سبعينيات القرن الماضي، وتحمل عنوان "رسالة الغفران". أي المجالات أقرب إلى قلبك المسرح أم التلفزيون أم السينما؟ أجد نفسي في كل دور يعبر عن الواقع. أحترم كل مجال أشتغل فيه، وأحرص أن أترك صورة جميلة لدى المشاهد. ما هي بعض الأعمال التي شاركت فيها؟ الأعمال كثيرة جدا لأنني إلى جانب التمثيل ألفت وأخرجت العديد من الأعمال. ألفت وأخرجت وأنتجت أكثر من 30 مسرحية. لدي مشاركات في أزيد من 40 مسرحية، و20 عملا تلفزيونيا، والباقي لم يعرض نظرا لجرأته. من بين هذه الأعمال "زهور وقدور"، و"شكون هو"، و"المعماعة"، "والشرع عطانا ربعة"، و"وراء الستار، و"48 ساعة"، و"المجنون"، وكذلك في برنامج "مداولة"... وآخرها، "حياة في الوحل" وهو فيلم تلفزيوني كان مبرمجا السنة الماضية على القناة الأولى، ونظرا لوفاة الأميرة لالة أمينة جرى تأجيله. كيف تنظر إلى جيل الرواد؟ اشتغلت مع كل الأجيال، وأغلب أعمالي مع الجيل الأول، الذي أعتبره "مظلوما". جيل اشتغل بحب وناضل كثيرا وظل مهمشا، لم يلق التفاتة، ولم ينصف طيلة مساره التمثيلي. هل ندمت على دخولك المجال الفني؟ لم أندم إطلاقا، لأنني لم أدخله، بل هو من أدخلني وأنا في ربيعي الثامن. في البداية رفضت أسرتي فكرة التمثيل، كانت متخوفة في المستقبل. لم نكن نعير المستقبل أي اهتمام، المهم هو التمثيل. هل الساحة التمثيلية بخير؟ من الجانب المالي هي بخير، لكن السماسرة والقراصنة، لم يتركوا شيئا للفنان. كلمة أخيرة ... أتمنى أن أتعافى لأعود إلى عملي وفني، وأشكر كل من ساندني من قريب أو بعيد.