اعتبر مسؤولون محليون وخبراء في قضايا التربية والتكوين أن الشراكة التي تبناها النظام التربوي بالمغرب تظل إحدى الآليات الأساسية لانفتاح المؤسسة التعليمية على محيطها الاقتصادي والاجتماعي٬ ودعامة لا غنى عنها لتحسين جودة التعليم والرفع من مستوى الإنتاجية. وأكد المتدخلون خلال ندوة علمية نظمتها٬ أمس الاثنين بفاس٬ الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان حول موضوع "البعد الاستراتيجي للشراكات في بناء وتطوير المنظومة التربوية"٬ أن مفهوم الشراكة٬ التي تظل المؤسسة التعليمية هي جوهرها ومجالها المحوري٬ يعد مقاربة تنموية للعلاقات التي يمكن نسجها بين الفاعلين والمشرفين على تدبير قطاع التربية والتكوين وباقي المتدخلين من مجتمع مدني ومنتخبين وفاعلين اقتصاديين٬ وذلك بهدف تحقيق الأهداف المسطرة٬ سواء على مستوى الوسائل أو البنيات أو البرمجة والتخطيط أو في التنفيذ والمراقبة والتتبع. وفي هذا الإطار٬ أكد محمد دالي٬ مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان٬ أن قضية التربية والتكوين ليست مسؤولية الوزارة المعنية لوحدها بل يتقاسمها المجتمع بكل أطيافه من أفراد وجماعات محلية ومنظمات وجمعيات وأحزاب ومؤسسات أعمال ووسائل الإعلام وغيرها. وشدد على أهمية بناء تصورات واضحة للشراكة في مال التعليم تأخذ بعين الاعتبار خصوصية القطاع وأدواره في المجتمع٬ مشيرا إلى ضرورة تحديد ادوار كل الشركاء في المنظومة التربوية وتقسيم الأدوار فيما بينهم مع البحث عن صيغ لتوظيف تدخلاتهم بطريقة أمثل في مجالات الخبرة وتوفير الموارد المالية لدعم المنظومة التربوية وضمان انفتاح المؤسسة على محيطها. وبدوره٬ أكد الفارسي السرغيني٬ رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس٬ أن الشراكة بين الجامعة والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين٬ والتي تحددها نصوص قانونية واضحة٬ يجب أن تندرج في إطار استراتيجي شمولي كفيل بمواجهة التحديات الكبرى وإرساء القرب التربوي ومد جسور التواصل والانفتاح وبلورة مقاربات متكاملة بهدف النهوض بالمنظومة التربوية والرفع من مستوى مردوديتها. ودعا إلى بناء شراكة مؤسساتية وتعاقدية خاضعة للتقويم تستهدف الأوراش ذات الأولوية وتتخذ شكل استثمار يقوم على التخطيط وعلى فكرة المقاولة في الميدان التربوي والتعليمي٬ مشيرا إلى أن الاقتناع بأهمية هذه الشراكة يشكل اللبنة الأولى لتحقيق مختلف الأهداف التي يسعى إليها مختلف المتدخلين والشركاء في المنظومة التربوية. من جانبه٬ تحدث ممثل المعهد الفرنسي بفاس عن الشراكة القائمة بين المعهد ومختلف الهيئات والمؤسسات المعنية بقطاع التعليم على مستوى جهة فاس بولمان. وأكد أن المعهد الفرنسي٬ ومن خلال العديد من المبادرات والبرامج٬ منخرط بشكل فعال في الجهود التي يبذلها المسؤولون على المستوى المحلي من أجل النهوض بقطاع التربية والتكوين٬ مشددا على أن الانفتاح والتواصل يشكلان آليات أساسية لدعم وتكريس الشراكة في هذا المجال. وتبحث هذه الندوة العلمية٬ التي تنظم بشراكة مع جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس٬ والمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين٬ والمعهد الثقافي الفرنسي٬ مختلف القضايا التي تهم بناء وتطوير المنظومة التربوية في أفق تكريس نظام تعليمي يتماشى والتحولات التي يشهدها المغرب في مختلف المجالات٬ مع تعزيز آليات الشراكة مع مجموعة من الفاعلين المعنيين بقضايا التربية والتعليم. وتتركز العروض والمداخلات التي تقدم في إطار هذه الندوة العلمية٬ التي يحضرها العديد من الخبراء والباحثين في قضايا التربية والتكوين من المغرب والخارج٬ حول مجموعة من المواضيع من قبيل "أبعاد الشراكة الدولية في خدمة المنظومة التربوية" و"من أجل تدعيم جسور التواصل بين الجامعة والتعليم المدرسي" و"الشراكة وآفاق تطوير التكوين والبحث التربوي" و"دور المجالس المنتخبة في دعم المنظومة التربوية" وغيرها.