من المنتظر أن تستمع الغرفة الجنائية الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، اليوم الثلاثاء، إلى مرافعات الدفاع في ملف "اختلاسات مطاحن المغرب"، الذي بلغ مقدارها 2 مليار و400 مليون سنتيم، والمتابع فيه الغالي السبتي، الرئيس السابق للجمعية المهنية لأرباب المطاحن، إلى جانب متهم آخر. جنايات البيضاء كانت الغرفة نفسها استمعت في جلسة الأسبوع الأول من أبريل الجاري، إلى مداخلة دفاع المطالب بالحق المدني "مطاحن المغرب"، وأرجأت الملف إلى اليوم من أجل استكمال الاستماع إلى هذه المداخلة، التي طالب فيها الدفاع باستدعاء المدير العام السابق للمكتب الوطني للحبوب، والمحاسب العمومي آنذاك، الذي اتهمه الدفاع بالتوقيع على مبالغ مالية ذهبت في الاتجاه غير الصحيح. كما طالب الدفاع باستدعاء مراقبي الحسابات، التابعين لأحد المكاتب الدولية، التي أجرت افتحاصا ماليا بالمكتب، إلى جانب أعضاء الجمعية المهنية للمطاحن. وكان الغالي السبتي، خلال إدلائه بتصريحاته أمام الهيئة القضائية بقاعة الجلسات رقم 8، التي تنظر في الملف، قال إنه كان يتبع القوانين في تسيير جمعية المطاحن، وأنه لم يكن يتخذ أي خطوة دون الرجوع إلى مستشاريه القانونين، موضحا أن ما حصلت عليه الجمعية من أموال للدعم صرفت بشكل قانوني، وأنه اتبع في ذلك النظام الذي كانت تسير الجمعية وفقا له. ويتابع ضمن الملف الغالي السبتي (المتهم الرئيسي)، والمتهم جمال الدين أباعقيل، أمين مال الجمعية، في حالة سراح مؤقت. وكان المتهمان، اللذان كانا في حالة فرار، حوكما غيابيا ب 15 سنة سجنا نافذا لكل واحد منهم من طرف محكمة العدل الخاصة بالرباط سابقا، سنة 2004، قبل إلغائها. ويتابع الغالي السبتي وأبا عقيل بتهم تبذير المال العام والخاص، والشطط في استعمال السلطة، والغدر، والاحتجاز من دون حق، والتزوير في مقررات عرفية، واستغلال النفوذ، وعدم الإشعار بوقوع جناية. وكانت محكمة العدل الخاصة بالرباط سابقا أصدرت، في حق المتهم الغالي السبتي، حكما غيابيا ب 15 سنة سجنا نافذا، في سنة 2004، على خلفية الملف ذاته، لكنه ظل حرا طليقا، بعد أن تمكن أياما قليلة، عقب تفجر فضيحة اختلاسات الجمعية سنة 2000، من مغادرة المغرب إلى إسبانيا. وتعود وقائع الملف إلى سنة 2000، حين جرى تقديم تقرير الافتحاص (أوديت) إلى الوكيل العام للملك بمحكمة العدل الخاصة، التي جرى حلها لاحقا، وهو التقرير الذي أنجز بتعليمات من حسن أبو أيوب، وزير الفلاحة آنذاك. وكشف هذا التقرير أن الغالي السبتي متورط، إلى جانب أربعة متهمين (موظفون ومسؤولون سابقون)، في تحويل أموال عمومية، وسوء تدبير أموال جمعية مهنيي مطاحن المغرب، التي كانت تتلقى دعما ماليا من الدولة. وفتح هذا الملف، من جديد، خلال مارس 2008، بعد أربع سنوات من إصدار الأحكام الجنائية الابتدائية في حق المتهمين فيه، من قبل محكمة العدل الخاصة، قبل إلغائها سنة 2004، حين أعلنت الغرفة الجنائية الابتدائية باستئنافية البيضاء أنها ستشرع في النظر في ملف الغالي السبتي، في إطار متابعته ضمن ملف "اختلاسات مطاحن المغرب"، ليحال من جديد، على غرفة الجنايات الاستئنافية. يشار إلى أن هذا الملف يروج في ردهات المحاكم لأزيد من أربع سنوات، وبين أيدي ثلاث هيئات، وكان قضى ثلاث سنوات أخرى في مرحلة الإعداد وأمام النيابة العامة، وكانت كل المؤشرات توحي بأن الحكم سوف لن يتضمن الحكم بالحرمان من الحرية، بل سيكتفي بالتعويضات فقط، خاصة أن المدانين لهم إمكانية الأداء. ويعود الفضل في تفجير هذا الملف إلى وفاء جبار، مفتشة إقليمية بإدارة الجمارك، وكانت هي المكلفة بهذا الملف الذي تابعته، طيلة ست سنوات.