برأي المراقبين٬ فإن الجولة الإفريقية، التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ مؤخرا٬ والتي شملت السينغال والكوت ديفوار والغابون٬ مكنت المغرب من تأكيد انتمائه الإفريقي ٬ كأحد مكونات هويته الثقافية والحضارية وفتح آفاق واعدة لترسيخ خياراته الاستراتيجية من أجل تعزيز التعاون جنوب - جنوب، وتحقيق الاندماج الإفريقي. فسواء بدكار أو بأبيدجان أو بليبرفيل٬ حظي صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ الذي كان مرفوقا بوفد مهم٬ بأسمى مظاهر الترحيب التي تليق بقائد بلد حرص دوما على تعزيز علاقاته مع البلدان الإفريقية بروح من الأخوة والتضامن. كما أن لقاءات جلالته مع قادة الدول التي زارها أكدت على المكانة الرفيعة التي تحظى بها المملكة لدى قادة وشعوب هذه البلدان، ومدى ما تعلقه هذه الأخيرة من آمال على تعاونها مع المغرب من أجل تحقيق ما تنشده من تنمية مستدامة. فقد أعرب كل من الرئيس السينغالي ماكي سال، والايفواري الحسن درامان واتارا، والغابوني على بونغو أونديمبا، لجلالة الملك عن إرادة بلدانهم في تعزيز علاقاتها مع المغرب لترقى إلى مستوى شراكة في صالح أطرافها. وكما تؤكد الاتفاقيات٬ التي أبرمت بين المغرب وهذه البلدان خلال هذه الجولة٬ والمشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي رأت النور٬ بالمناسبة٬ فقد حرص المغرب على السير قدما في مواكبة هذه البلدان في مسعاها لتحقيق تنمية مستدامة٬ وبالتالي الاستجابة لتطلعات شعوبها في الرفاهية والعيش الكريم. ففي السينغال، ترأس جلالة الملك محمد السادس والرئيس ماكي سال، بالقصر الرئاسي بدكار٬ حفل التوقيع على اتفاقية للتعاون في مجال النقل الطرقي الدولي للمسافرين والبضائع، وبروتوكول اتفاق للتعاون في ميادين المعادن والهيدروكاربورات والكهرباء والطاقات المتجددة. كما أشرف جلالة الملك والرئيس السينغالي ماكي سال٬ بكامبيرين بضاحية دكار٬ على تدشين مشروعين طبيين، يرومان تعزيز الخدمات الصحية وتحسين ظروف ولوج المواطنين السينغاليين للأدوية٬ ويعكسان البعد الإفريقي للمملكة، والالتزام الدائم لجلالة الملك بتطوير تعاون جنوب - جنوب قوي ومتضامن وفعال. ويتعلق الأمر ب"مصحة محمد السادس لطب العيون" التي أنجزتها المؤسسة العلوية للتنمية البشرية المستدامة، بتعليمات سامية من صاحب الجلالة، ووحدة "ويست أفريك فارما" لصناعة الأدوية التابعة لمختبرات "سوطيما المغرب". وفي الكوت ديفوار٬ ترأس جلالة الملك والرئيس الحسن درامان واتارا حفل التوقيع على ست اتفاقيات للتعاون الثنائي. ويتعلق الأمر بمذكرة تفاهم حول التعاون بين وزارتي الشؤون الخارجية بالبلدين، والتعاون في مجالات التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، والصيد البحري وتربية الأحياء المائية والخدمات الجوية بين البلدين٬ والتكوين المهني في مجال السياحة والوقاية المدنية. وبالغابون ترأس صاحب الجلالة الملك محمد السادس٬ نصره الله٬ وفخامة رئيس جمهورية الغابون، علي بونغو أونديمبا٬ حفل التوقيع على ست اتفاقيات للتعاون الثنائي في قطاعات مختلفة. وتهم هذه الاتفاقيات مجالات الصحة والوقاية المدنية٬ وخاصة أنشطة الوقاية وتدبير المخاطر الكبرى٬ و المجالات التقنية٬ ومحاربة الغش والمختبرات٬ كما تهم الترخيص لإذاعة البحر الأبيض المتوسط الدولية بالبث بتعديل الترددات في الغابون٬ وكذا وضع إطار للشراكة الاستراتيجية في مجالات التكنولوجيا وأنظمة الإعلام. وعلى المستوى السياسي كانت هذه الجولة مناسبة بالنسبة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس للتعبير مجددا لقادة الدول التي زارها، عن حرص المملكة الدائم على السلم والاستقرار في القارة السمراء. كما كانت مناسبة لجلالته ليجدد التأكيد على الخيارات الاستراتيجية للمملكة من أجل تعزيز التعاون جنوب - جنوب ، والتزامها بتعميق تعاونها المؤسساتي مع بلدان إفريقيا الغربية ٬ بشكل ملموس ٬ وتوطيد الحوار معها. ومن جانبهم جدد رؤساء الدول الإفريقية الثلاث موقف بلدانهم الثابت من قضية الصحراء المغربية٬ مؤكدين أن المبادرة المغربية المتعلقة بحكم ذاتي موسع بالصحراء تشكل الحل الأمثل لتسوية هذا النزاع بصفة نهائية. كما أعربوا عن تقديرهم لإشعاع المغرب ودوره في استتباب السلم والأمن في القارة الإفريقية. إذ اعتبر الرئيس الغابوني حضور المملكة المغربية في إفريقيا أمرا لا محيد عنه٬ بالنظر لإشعاعها على الساحة القارية والدولية ٬ لاسيما أن هذا الحضور هو في مستوى التطلعات المشروعة، والطموحات العادلة للمغرب، العضو المؤسس لمنظمة الوحدة الإفريقية٬ وصاحب المبادرات القارية والمدافع القوي عن الحوار الأورو- متوسطي. وفي السياق نفسه، أكد الرئيس ماكي سال، وفقا للبيان المشترك الصادر في ختام زيارة جلالة الملك للسينغال٬ على الأهمية القصوى التي تكتسيها عودة المملكة المغربية إلى الأسرة الكبيرة في الاتحاد الإفريقي، معبرا عن التزامه بالعمل على تحقيق هذا المسعى.