يتوصل، هذه الأيام، عدد من مستعملي الإنترنت برسائل إليكترونية تحث المغاربة على المزيد من التبرع لفائدة سكان قرية أنفكو، بجبال الأطلس وذلك بسبب موجة البرد القارس التي تجتاح المنطقة، التي طفا اسمها على سطح الأحداث منذ سنة 2007، التي شهدت فيها كارثة إنسانية هزت قلوب المغاربة داخل الوطن وخارجه، بسبب وفاة أزيد من 25 شخصا، بينهم أطفال ومسنون، تحت وطأة البرد القارس. وتقول هذه الرسائل إن "جمعية أنفكو والضواحي"، بعد نجاحها في جمع تبرعات ومساعدات بقيمة 600 ألف درهم وتقديمها لحوالي ألف و130 أسرة في وضعية صعبة، تسعى إلى تنظيم رحلة أخرى لأنفكو لإغاثة ألف أسرة أخرى تعاني شدة البرد في منطقة تقع على ارتفاع ألف و600 متر عن مستوى البحر. وناشدت الجمعية المحسنين المغاربة لتكفل كل واحد بعائلة معينة مقابل ألف درهم، وحددت ما بين أسبوع وأسبوعين لنقل هذه التبرعات للعائلات المتضررة. ولإضفاء مزيد من الشفافية والثقة على هذه المبادرة الإنسانية، أعلنت الجمعية في رسالتها الإلكترونية عن بداية الإجراءات القانونية لخلق مؤسسة ذات طابع اجتماعي، سيكون من أبرز أهدافها وضع برنامج تنموي لفائدة سكان أنفكو على امتداد خمس سنوات. وكان مهدي بن عبد الجليل، الناطق باسم "جمعية أنفكو والضواحي"، التي تضم حوالي 60 شخصا، أوضح في تصريحات صحافية أن أزيد من 20 طنا من المواد الغذائية ومئات الأغطية والملابس الصوفية وزعت على سكان قرية أنفكو الفقيرة، مع بداية موجات البرد القاسية. من جهته، قدم فرع طنجة للمنظمة الدولية "الناس للناس" مساعدات، عبارة عن أغطية وملابس، في إطار حملة "دفء المساكين" لفائدة سكان قرية أنفكو بجبال الأطلس، إضافة إلى تنظيم صبيحة ترفيهية لفائدة أطفال القرية التابعة لعمالة ميدلت. كما نظمت النقابة المغربية للفنانين المسرحيين المتحدين، وجمعية الأهداف النبيلة، منذ أسبوعين، قافلة مُحمَلة بمُساعدات عينية لفائدة أطفال مجموعة مدارس أنفكو، يوم 12 يناير الماضي. وفي الإطار نفسه، قاد أطفال مدرسة الشهداء، التابعة لنيابة سلا، بمعية فنانين وصحافيين مغاربة قافلة "قلوب دافئة" نحو أنفكو، للتخفيف من معاناة السكان المحاصرين بالثلوج. هذه المبادرات العديدة نحو أنفكو دون غيرها، بقدر ما تجسد مبدأ تكافل المغاربة في وقت الشدة، بقدر ما تثير ردود أفعال غير مرضية من طرف آهالي سكان المناطق المجاورة، التي تعاني المآساة نفسها دون أن تنتبه إليها جمعيات المجتمع المدني. رئيس جمعية الكسابة للتنمية والمحافظة على البيئة والغابة في قرية "تيقاجوين" بمنطقة آيت حنيني، الواقعة على بعد حوالي 70 كيلومترا عن مدينة خنيفرة، بعث رسالة إلى المندوب الإقليمي للصحة، وإلى وزير الصحة شخصيا، وإلى "كل من يهمه الأمر"، يقول فيها "كلما سمعنا بموت رضيع في أنفكو تقوم الدنيا ولا تقعد، ونرى قوافل طبية ومسؤولين رفيعي المستوى يصلون إلى المنطقة على وجه السرعة، وكأن لا قُرى أخرى تقاسي سوى أنفكو"، متسائلا "ألا يحصد الموت، أيضا، أرواح النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة في تيقاجوين؟". وتحدثت الرسالة، التي توصلنا بنسخة منها، بكثير من الأسى عن معاناة النساء المريضات والحوامل في تيقاجوين، إذ أوضح كاتبها أن الحوامل مازلن يُحملن فوق "التراكتورات" لنقلهن عبر مسافات طويلة، لبلوغ أقرب مستشفى بإقليم خنيفرة، مضيفا أن العديد منهن يفارقن الحياة في الطريق، متأسفا لعدم وجود سيارة للإسعاف بالمنطقة، وغياب مركز للتوليد في القرية. وتضم بلدة تيقاجوين 465 أسرة، تعيش جلها في بيوت من طين وخشب أشبه بالأكواخ، ولا يربطها بالعالم الخارجي سوى طريق واحدة باتجاه مدينة خنيفرة، ورغم ضيقها، فهي ليست وعرة، وقادرة على استيعاب أزيد من قافلة طبية نحو دواوير القرية المعزولة.