قال محمد بن حمو، رئيس الفيدرالية الإفريقية للدراسات الإفريقية، إن المنتدى الدولي الرابع للأمن بإفريقيا، المنعقد بمراكش، سيحاول تحليل الوضعية المعقدة في منطقة الساحل، والبحث عن حلول لأزماتها المتعددة والمتشعبة. ويرى بن حمو، في حوار مع "المغربية"، أن الوضع بمنطقة الساحل شديد التعقيد والتداخل، ويتطلب التعامل معه بحذر وحرص كبيرين، وبحث حلول تأخذ كافة جوانب الأزمات والإشكاليات، التي تعرفها المنطقة بالاعتبار، مؤكدا ضرورة إقامة فضاء للعمل الجماعي والتعاون المشترك بين جميع دول المنطقة، لمواجهة التهديدات الإرهابية المحدقة بها. وجاء هذا الحوار على هامش انعقاد المنتدى الدولي الرابع للأمن بإفريقيا، في مدينة مراكش، يومي 25 و26 يناير الجاري. ما هي أهم المواضيع التي سيتدارسها المنتدى الرابع للأمن بإفريقيا؟ - سيحاول المنتدى تحليل الوضعية المعقدة في منطقة الساحل، والبحث عن حلول لأزماتها المتعددة والمتشعبة، فلا يمكن اختزال إشكاليات الساحل في أزمة واحدة، فالمنطقة تشهد أزمات متعددة ومتداخلة، بعضها قديم ومزمن، مثل الصراعات الترابية الموروثة عن حقبة الحرب الباردة، وصعوبات بناء الثقة بين دول المنطقة، إضافة إلى إشكاليات الدول الفاشلة في المنطقة، والتي تعتبر من أفقر دول العالم، والمشاكل الناتجة عن عدم قدرة هذه الدول على بسط سيطرتها ومراقبتها لكامل ترابها الوطني، بسبب شساعتها وصعوبتها وضعف كثافة سكانها، وما نتج عن ذلك من تحول مناطق مهمة منها إلى ملاجئ للجماعات المتطرفة الهاربة من الجزائر، والتي تناسلت وفرخت الكثير من التنظيمات المسلحة، كتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، بسبب الصراعات والانقسامات التي تعرفها، وصولا إلى ظهور مجموعات أخرى، كأنصار الدين، والملثمين، والتوحيد، والجهاد. أين تكمن أهمية المنتدى في ظل الوضعية الراهنة التي تعيشها مالي؟ - أهمية المنتدى تكمن في تحديد موضوعه خلال شهر غشت من السنة الماضية، وأعتقد أننا كنا على حق في تحديده خلال هذه المرحلة، لأنه جاء في مرحلة تشهد فيها الأزمة المالية تداعيات خطيرة، وأملنا أن يخلص المسؤولون العسكريون والأمنيون والقيادات السياسية والخبراء إلى أن طبيعة التهديدات تتطلب مقاربات جديدة أمام هذا الوضع الجديد، الذي فرض على جميع دول المنطقة. إذن، ما هي انتظاراتكم من هذا المنتدى؟ - انتظاراتنا هي أن يكون هناك وعي لدى الجميع بأن الأزمة التي نواجهها تهدد جميع دول المنطقة، لذا، فهناك ضرورة الآن لإقامة فضاء للعمل والتعاون المشترك بين جميع دول المنطقة، ونسعى إلى أن يكون هناك وعي حقيقي بأن التهديد هو تهديد جماعي، وأن الرد يجب أن يكون بشكل جماعي، فأمام هذه القطيعة الاستراتيجية التي تعرفها المنطقة، وأمام هذا الوضع الجيوسياسي الجديد، وتردي الأوضاع الأمنية بشكل خطير، ينبغي على دول المنطقة أن تنخرط الآن أولا في حل مختلف الأزمات المزمنة القائمة في المنطقة، خاصة منها الأزمات المفتعلة المرتبطة بوحدة التراب لدول المنطقة، ومن ضمنها المغرب، وكذلك أن تتوقف بعض الدول عن دعم الحركات المتمردة والانفصالية داخل المنطقة، وأن يكون هناك رد حقيقي فعلي بشكل جماعي على التهديدات، التي نواجهها. هذا التعاون يظل الآن هو السبيل الوحيد للرد على هذه التهديدات وطبيعتها. كيف تنظر إلى الأزمة الراهنة في مالي؟ - أزمة مالي جاءت بعد سلسلة من الأزمات التي شهدتها البلاد، غير أن الموقف الدولي من هذه الأزمة مازال يلفه الغموض والتضارب، بسب تداخل أزمة مالي مع الصراعات الدولية حول مناطق النفوذ، والأدوار التي تلعبها بعض الدول، التي تعتبر نفسها وصية على دول المنطقة، لذلك نتخوف من أن تتحول مالي إلى مستنقع، وأن يقع تفتيتها إلى مجموعة من المناطق الخارجة على القانون. ما هي الحلول التي ترونها ضرورية لحل مشاكل وأزمات منطقة الساحل؟ - لا يمكن أن يكون الحل عسكريا صرفا، فالوضع بمنطقة الساحل شديد التعقيد والتداخل، ويتطلب التعامل معه بحذر وحرص كبيرين، وبحث حلول تأخذ كافة جوانب الأزمات والإشكاليات التي تعرفها المنطقة بالاعتبار، خاصة الإشكاليات المتعلقة بالتحديات التي يطرحها النمو الديموغرافي المتسارع لسكان المنطقة، في بيئة قاحلة وهشة وشديدة الحساسية للتغيرات المناخية، وما يمكن أن يترتب عن ذلك من كوارث بشرية ومن حركات هجرة جماعية. كما يجب وضع خطط للتنمية الاجتماعية والبشرية، وعدم إغفال تفاعلات منطقة الساحل مع منطقة شمال إفريقيا، والأحداث والتحولات التي عرفتها بلدان المغرب العربي، خاصة تونس وليبيا، خلال السنتين الأخيرتين، والتي نتجت عنها تحديات سياسية وأمنية جديدة، سواء بالنسبة لدول المنطقة، أو بالنسبة للسلم والاستقرار العالمي.