خلدت الطائفة التيجانية العمرية٬ أول أمس الأحد، بدكار٬ الحفل الرسمي ل"الزيارة السنوية"٬ التظاهرة الدينية التي يلتئم فيها سنويا آلاف المريدين٬ والتي تنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس. وأوضح منظمو هذا الحدث الديني السنوي٬ خلال الحفل الرسمي الذي جرى بحضور عدد من أعضاء الحكومة السينغالية، وممثلي الأحزاب السياسية، وأعضاء السلك الديبلوماسي المعتمدين بدكار٬ أن هذا التكريم المميز للمغرب يمثل اعترافا وتقديرا للعلاقات العريقة التي تجمع بين البلدين، وللاهتمام الذي يوليه جلالة الملك لتعزيز الروابط الروحية بين المغرب والسينغال. وشارك في هذا الحفل٬ الذي ينظم سنويا بساحة المسجد الكبير للطائفة التيجانية العمرية٬ وفد من وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، يقوده رئيس ديوان الوزير، عبد اللطيف بكدوري، رفقة سفير المملكة في دكار، طالب برادة. وأشار بكدوري٬ في كلمة بالمناسبة٬ إلى الاهتمام الذي ما فتئ يوليه أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس لهذا التجمع الديني، الذي تنظمه الطائفة التيجانية التي تجمعها روابط عريقة بالمدرسة الصوفية المغربية الكبرى، التي انتشر إشعاعها في أرجاء واسعة من إفريقيا، من خلال الإسلام السني والفكر الصوفي المجسد للقيم الأصيلة للدين. ويخصص هذا الحدث٬ الذي يعد أكبر تجمع ديني للطائفة التيجانية بدكار٬ للاحتفاء بذكرى خليفة الطائفة التيجانية العمرية، سيدو نورو تال٬ سليل عائلة أنجبت علماء كبارا كرسوا حياتهم لترسيخ الإسلام في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وكما هو شأن جده الحاج عمر تال خليفة الأسرة العمرية (1980-1880)٬ يمثل تييرنو سيدو تال مرجعا مهما لمريدي الطريقة التيجانية في السينغال ومنطقة غرب إفريقيا. وكان للشيخ نورو تال٬ بفضل ما تميز به شخصه من ورع وإلمام عميق بعلوم الدين والفقه، وكذا تشبعه بالإرث العلمي لمؤسس الطريقة بفاس (سيدي أحمد التيجاني)٬ تأثير كبير على أتباع هذه الطريقة بالسينغال وبمختلف بلدان منطقة غرب إفريقيا. وتتوفر الأسرة التيجانية العمرية على مريدين عديدين بمالي والنيجر وبوركينا فاسو وموريتانيا وغينيا وغامبيا. وبمناسبة الزيارة السنوية٬ يتوافد آلاف المريدين على المسجد العمري الكبير بدكار من مختلف مناطق السينغال وبالبلدان التي توجد فيها العائلة العمرية على الزاوية٬ كما يتوجه إليها أتباعها الموجودين بأوروبا وشمال أمريكا. وتمثل الزيارة السنوية مناسبة للنقاش والاستماع إلى محاضرات حول مواضيع راهنة٬ وفرصة لترسيخ وتعزيز قيم الطريقة التيجانية لدى شباب الجيل الجديد٬ وتمكينهم من النهل من مصادر الطريقة وعلمائها الأفذاذ٬ ومدهم بما يؤهلهم لمواجهة آفات وعلل المجتمع المعاصر. وأوضح وزير الداخلية السينغالي، باطي سيك٬ الذي ترأس الوفد الحكومي المشارك في الحفل٬ أن العائلة العمرية خلدت "الزيارة السنوية" لهذا العام تحت شعار "السلم ضمانة للاستقرار"، بالنظر لراهنيته الكبرى في السينغال والمنطقة التي توجد حاليا فريسة لكل الاضطرابات". ودعا الخليفة الحالي للعائلة العمرية، محمد مدني تال٬ في خطاب تلي باسمه٬ أتباع الطريقة للنهل من إرث الرواد والتسلح بقيم الإسلام لمواجهة العلل الجديدة للمجتمع الراهن. وداخل خيمة كبيرة نصبت بساحة المسجد العمري بدكار٬ أقام آلاف التجانيين٬ منذ يوم الجمعة الماضي٬ مراسم احتفالات دينية، تخللتها صلوات وأدعية وأذكار وأمداح نبوية. وأضفت طقوس الطريقة التيجانية٬ خاصة "هيللة"، و"وظيفة"، و"جوهرة الكمال"٬ وهي أذكار جماعية في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم٬ أجواء من الصوفية والروحانية العميقة، التي استحوذت على قلوب الملايين من أتباعها ببلدان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.