تحظى الإبل بمكانة كبيرة لدى المجتمع الصحراوي بالنظر إلى الدور المهم والمحوري الذي تضطلع به في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لسكان الأقاليم الجنوبية للمملكة٬ ما يحتم بذل كل الجهود الممكنة من أجل النهوض بهذا القطاع المهم وتبويئه المكانة التي يستحقها. يزكي تقرير أعدته الغرفة الفلاحية لجهة كلميمالسمارة هذا المعطى، إذ يؤكد أن عدد رؤوس الإبل في المغرب يقدر٬ وفقا لإحصائيات سنة 2007، بحوالي 190الف رأس٬ أكثر من 90 في المائة منها توجد بالأقاليم الجنوبية للمملكة٬ في حين تتوفر جهة كلميمالسمارة على ما مجموعه 31000 رأس، تنتج 3000 طن من اللحم، و148 طنا من الحليب. ولتشجيع الاستثمار في تطوير سلسلة الإبل وإيلاء اهتمام أكبر لهذا القطاع٬ جرى أخيرا إبرام عقد - برنامج تربية الإبل بين الحكومة٬ ممثلة في وزيري الاقتصاد والمالية والفلاحة و الصيد البحري٬ ورؤساء الغرف الفلاحية٬ سيجري بموجبه تفعيل استراتيجية تطوير إنتاج الإبل وتثمينه بالأقاليم الجنوبية، في أفق سنة 2020، في ما يخص إنتاج اللحوم وإنتاج الحليب. وتنص الاستراتيجية٬ في شقها المتعلق بإنتاج اللحوم٬ على ضرورة تثمين لحوم الإبل بهدف الرفع من الإنتاج وخلق أنشطة لفائدة الكسابة٬ من خلال خلق وحدات لتسمين الإبل واستيراد الفحول والتأطير التقني والصحي للوحدات والمراقبة المستمرة. وفي شقها المتعلق بتثمين حليب النوق٬ نصت الاستراتيجية على خلق وحدات لتربية النوق الحليب٬ والقيام بعمليات تحسين النسل واستيراد الفحول والنوق٬ وخلق وحدات مشاتل النوق الحليب٬ إضافة إلى تأكيدها على أهمية التأطير الصحي والتقني والمراقبة المستمرة للقطيع٬ بهدف الرفع من إنتاجية الحليب وتسويقه، وخلق أنشطة لفائدة الكسابة. ولعل من أبرز مؤهلات القطاع التي يعلق عليها الكسابون وسكان الجهة آمالا عريضة٬ التي ركز عليها تقرير الغرفة الفلاحية للجهة٬ الطلب المستمر على منتجات الإبل (اللحوم والألبان) على المستويين الوطني والدولي٬ وتوفر الجهة على أراض شاسعة للرعي ووجود مصادر مائية كافية لتوريد الماشية. إضافة إلى الأهمية السياحية الكبيرة التي تمثلها الإبل بمختلف أنواعها (الجبلي والصحراوي والكرزيني والمرموري والخواري) في الذاكرة الثقافية لسكان الجهة والسياح المغاربة والأجانب. وخصص التقرير حيزا مهما لنظام إيواء وتغذية الإبل، الذي يتطلب تخطيطا ودراسة ميدانية مسبقة. واعتبر أن من أهم ما يتعين مراعاته في تربية الإبل إعطاؤها الوقت الكافي أثناء الرعي حتى تتم تغذيتها بالشكل المطلوب وتوفير الغذاء خلال فترتي الصباح الباكر وما بعد الظهر وتقديم الأعلاف الخضراء أو الجافة أولاً، ثم الأعلاف المركزة بعد ذلك٬ وعدم إعطاء النوق كميات كبيرة من الذرة٬ وضرورة خلط الأعلاف الخضراء بالأتبان، نظرا للتأثير الجيد لهذه الأخيرة على الجهاز الهضمي للحيوان. ورغم المكتسبات المهمة التي حققها القطاع، والطفرة التي شهدها خلال السنين الأخيرة٬ إلا أن ثمة عددا من الصعوبات والمشاكل، التي تعتريه لاسيما هشاشة المنظومة البيئية للمناطق الرعوية وسيادة النمط الإنتاج التقليدي في تربية الإبل وضعف التأطير الصحي للقطاع ما ينعكس سلبا على مستوى الإنتاج. كما يعاني القطاع جملة من المشاكل منها ما هو صحي كما هو الشأن بالنسبة للأمراض، التي تصيب الإبل كالإسهال والمغص والجدري وداء الكلب والأمراض الجلدية٬ وكذا الأمراض الطفيلية كثراي بانوسوم والجرب والقراد٬ ومنها ما هو تقني ولوجيستي كالتهريب وعدم الترقيم ما يصعب عملية ضبط الأمراض وتحديد عدد رؤوس الإبل وأنواعها. ولتجاوز هذه المعيقات٬ يرى الشافعي عبد ربهي٬ رئيس الغرفة الفلاحية لجهة كلميمالسمارة٬ أنه من الضروري مضاعفة الجهود واتخاذ كافة الترتيبات اللازمة والانخراط في أجرأة وإنجاز البرامج التي تحظى بالأولوية في سلسلة تربية الإبل٬ واعتماد مقاربة شاملة تهدف إلى دعم وتشجيع المبادرات الخاصة في هذا المجال والاستعمال المعقلن للمراعي. كما دعا إلى تطوير البحث والتنسيق بهدف التعريف بقطاع الإبل وإبراز أهمية الدراسات الميدانية المرتبطة به وتطوير طرق تربيته٬ مبرزا في الوقت ذاته أهمية التشجيع على خلق تجمعات مهنية خاصة بالكسابين ودعم الرعاية البيطرية المتعلقة بالإبل وتحسين المراعي الطبيعية. من جهته٬ أبرز المدير الجهوي للفلاحة بكلميمالسمارة٬ طرفاوي محمد٬ إلى أنه جرى، خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إنجاز بعض المشاريع في إطار مخطط المغرب الأخضر، تضمنت عقد عدة شراكات في مجال التشجيع على تربية الإبل وتطوير الإنتاج. ودعا في السياق ذاته، إلى تكوين فريق متكامل يعمل على إنجاز المشاريع وبلورتها على أرض الواقع، وإبداء اقتراحات من شأنها النهوض بتربية الإبل وتبويئها المكانة اللائقة بها.(و م ع).